ليلة التاسع عشر
[صفحه 228] 2921- الإرشاد عن اُمّ موسي- خادمة عليّ عليه السلام وهي حاضنة فاطمة ابنته-: سمعت عليّاً عليه السلام يقول لابنته اُمّ کلثوم: يا بنيّة، إنّي أراني قلّ ما أصحبکم. قالت: وکيف ذلک، يا أبتاه؟ قال: إنّي رأيت نبيّ اللَّه صلي الله عليه و آله في منامي وهو يمسح الغبار عن وجهي ويقول: يا عليّ، لا عليک، قد قضيت ما عليک. قالت: فما مکثنا إلّا ثلاثاً حتي ضُرب تلک الضربة، فصاحت اُمّ کلثوم فقال: يا بنيّة لا تفعلي، فإنّي أري رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يشير إليّ بکفّه: يا عليّ، هلمّ إلينا، فإنّ ما عندنا هو خير لک.[3] . 2922- الإمام الحسن عليه السلام: أتيته [عليّاً عليه السلام] سحراً فجلست إليه فقال: إنّي بتّ الليلة أوقظ أهلي، فملکتني عيناي وأنا جالس فسنح لي رسول اللَّه فقلت: يا رسول اللَّه، ما لقيت من اُمّتک من الأود[4] واللدد؟[5] . فقال لي: ادعُ اللَّه عليهم، فقلت: اللهمّ أبدلني بهم خيراً لي منهم وأبدلهم شرّاً لهم منّي.[6] . [صفحه 229] 2923- الإمام الحسين عليه السلام: قال لي عليّ: سنح لي الليلة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في منامي، فقلت: يا رسول اللَّه، ما لقيت من اُمّتک من الأود واللدد؟ قال: ادعُ عليهم. قلت: اللهمّ أبدلني بهم من هو خير لي منهم، وأبدلهم بي من هو شرّ منّي. فخرج، فضربه الرجل.[7] . 2924- مسند أبي يعلي عن أبي صالح عن الإمام عليّ عليه السلام: رأيت النبيّ صلي الله عليه و آله في منامي فشکوت إليه ما لقيت من اُمّته، من الأود واللدد، فبکيت فقال لي: لا تبکِ يا عليّ، والتفت، فالتفتّ فإذا رجلان يتصعّدان، وإذا جلاميد يُرضخ بها رؤوسهما حتي تُفضخ،[8] ثمّ يرجع- أو قال: يعود-. قال: فغدوت إلي عليّ کما کنت أغدو عليه کلّ يوم، حتي إذا کنت في الخرازين لقيت الناس فقالوا: قتل أميرالمؤمنين.[9] . 2925- الإرشاد عن الحسن البصري: سهر أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام في الليلة التي قُتل في صبيحتها، ولم يخرج إلي المسجد لصلاة الليل علي عادته، فقالت له ابنته اُمّ کلثوم- رحمة اللَّه عليها-: ما هذا الذي قد أسهرک؟ فقال: إنّي مقتول لو قد أصبحت. وأتاه ابن النباح فآذنه بالصلاة، فمشي غير بعيد ثمّ رجع، فقالت له ابنته [صفحه 230] اُمّ کلثوم: مر جعدة فليصلّ بالناس. قال: نعم، مروا جعدة فليصلّ. ثمّ قال: لا مفرّ من الأجل، فخرج إلي المسجد.[10] . 2926- الإرشاد: روي أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام سهر تلک الليلة، فأکثر الخروج والنظر في السماء وهو يقول: واللَّه ما کذبتُ ولا کذِّبتُ، وإنّها الليلة التي وُعِدتُ بها، ثمّ يعاود مضجعه، فلمّا طلع الفجر شدّ إزاره وخرج وهو يقول: اُشدد حيازيمک للموت ولا تجزع من الموت فلمّا خرج إلي صحن الدار استقبلته الإوَزُّ فصحن في وجهه، فجعلوا يطردونهنّ فقال: «دعوهنّ فإنّهنّ نوائح»، ثمّ خرج فاُصيب عليه السلام.[11] . 2927- فضائل الصحابة عن الحسن بن کثير عن أبيه: خرج عليّ إلي الفجر فأقبلن الوزّ يصِحنَ في وجهه فطردوهنّ عنه. فقال: ذروهنّ فإنّهن نوائح. فضربه ابن ملجم.[12] . [صفحه 231] 2928- أنساب الأشراف عن الحسن بن بزيع: إنّ عليّاً خرج الليلة التي ضرب في صبيحتها في السحر وهو يقول: اُشدد حيازيمک للموت ولا تجزع من الموت 2929- مروج الذهب: کان [ عليّ عليه السلام ] يکثر من ذکر هذين البيتين: اُشدد حيازيمک للموت ولا تجزع من الموت وسُمعا منه في الوقت الذي قتل فيه، فإنّه قد خرج إلي المسجد، وقد عسر عليه فتح باب داره، وکان من جذوع النخل، فاقتلعه وجعله ناحية، وانحلّ إزاره، فشدّه وجعل ينشد هذين البيتين المتقدّمين.[14] . 2930- الفتوح: جاء عليّ رحمه الله إلي باب دار مفتحة ليخرج، فتعلّق الباب بمئزره فحلّ مئزره وهو يقول: اُشدد حيازيمک للموت ولا تجزع من الموت فقد أعرف أقواماً مصاريع إلي النجدة [صفحه 232] 2931- بحارالأنوار عن اُمّ کلثوم بنت عليّ عليه السلام: لمّا کانت ليلة تسع عشرة من شهر رمضان قدّمت إليه عند إفطاره طبقاً فيه قرصان من خبز الشعير وقصعة فيها لبن وملح جريش، فلمّا فرغ من صلاته أقبل علي فطوره، فلمّا نظر إليه وتأمّله حرّک رأسه وبکي بکاءً شديداً عالياً، وقال: يا بنيّة ما ظننتُ أنّ بنتاً تسوء أباها کما قد أسأت أنت إليّ. قالت: وما ذا يا أباه؟ قال: يا بنيّة أ تقدّمين إلي أبيک إدامين في فرد طبقٍ واحد؟ أ تريدين أن يطول وقوفي غداً بين يدي اللَّه عزّ وجلّ يوم القيامة؟! أنا اُريد أن أتّبع أخي وابن عمّي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، ما قدّم إليه إدامان في طبقٍ واحد إلي أن قبضه اللَّه، يا بنية ما من رجل طاب مطعمه ومشربه وملبسه إلّا طال وقوفه بين يدي اللَّه عزّ وجلّ يوم القيامة، يا بنيّة إنّ الدنيا في حلالها حساب وفي حرامها عقاب... يا بنية واللَّه لا آکل شيئاً حتي ترفعين أحد الإدامين، فلمّا رفعته تقدّم إلي الطعام فأکل قرصاً واحداً بالملح الجريش، ثمّ حمد اللَّه وأثني عليه، ثمّ قام إلي صلاته فصلّي ولم يزل راکعاً وساجداً ومبتهلاً ومتضرّعاً إلي اللَّه سبحانه، ويکثر الدخول والخروج وهو ينظر إلي السماء وهو قلق يتململ.... قالت: ولم يزل تلک الليلة قائماً وقاعداً وراکعاً وساجداً، ثمّ يخرج ساعة بعد ساعة يقلب طرفه في السماء وينظر في الکواکب وهو يقول: واللَّه ما کذبت ولا کذِّبت، وإنها الليلة التي وعدت بها، ثمّ يعود إلي مصلاه ويقول: اللهمّ بارک لي في الموت، ويکثر من قول: إنا للَّه وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلّا باللَّه العليّ العظيم ويصلّي علي النبيّ وآله، ويستغفر اللَّه کثيراً. قالت: فلمّا رأيته في تلک الليلة قلقاً متململاً کثير الذکر والاستغفار أرقت معه ليلتي وقلت: يا أبتاه ما لي أراک هذه الليلة لا تذوق طعم الرقاد؟ قال: يا بنية إنّ [صفحه 233] أباک قتل الأبطال وخاض الأهوال وما دخل الخوف له جوف،[16] وما دخل في قلبي رعب أکثر مما دخل في هذه الليلة، ثمّ قال: إنا للَّه وإنا إليه راجعون. فقلت: يا أباه مالک تنعي نفسک منذ الليلة؟ قال: يا بنية قد قرب الأجل وانقطع الأمل. قالت اُمّ کلثوم: فبکيت فقال لي: يا بنيّة لا تبکين فإنّي لم أقل ذلک إلّا بما عهد إليّ النبيّ صلي الله عليه و آله. ثمّ إنّه نعس وطوي ساعة، ثمّ استيقظ من نومه وقال: يا بنيّة إذا قرب وقت الأذان فأعلميني. ثمّ رجع إلي ما کان عليه أوّل الليل من الصلاة والدعاء والتضرّع إلي اللَّه سبحانه وتعالي. قالت اُمّ کلثوم: فجعلت أرقب وقت الأذان، فلمّا لاح الوقت أتيته ومعي إناء فيه ماء، ثمّ أيقظته، فأسبغ الوضوء وقام ولبس ثيابه وفتح بابه، ثمّ نزل إلي الدار وکان في الدار إوز قد اُهدي إلي أخي الحسين عليه السلام، فلما نزل خرجن وراءه ورفرفن وصحن في وجهه، وکان قبل تلک الليلة لم يصحن. فقال عليه السلام: لا إله إلّا اللَّه صوارخ تتبعها نوائح، وفي غداة غد يظهر القضاء. فقلت له: يا أباه هکذا تتطيّر؟ فقال: يا بنيّة ما منّا أهل البيت من يتطيّر ولا يتطيّر به، ولکن قول جري علي لساني، ثمّ قال: يا بنيّة بحقّي عليک إلّا ما أطلقتيه، فقد حبست ما ليس له لسان ولا يقدر علي الکلام إذا جاع أو عطش، فأطعميه وأسقيه وإلّا خلّي سبيله يأکل من حشائش الأرض.[17] . [صفحه 234] 2932- تنبيه الخواطر عن إسماعيل بن عبد اللَّه الصلعي: لما کثر الاختلاف بين أصحاب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وقتل عثمان بن عفان تخوفت علي نفسي الفتنة، فاعتزمت علي اعتزال الناس، فتنحيت إلي ساحل البحر فأقمت فيه حيناً لا أدري ما فيه الناس معتزلاً لأهل الهجر والأرجاف، فخرجت من بيتي لبعض حوائجي وقد هدأ الليل ونام الناس، فإذا أنا برجل علي ساحل البحر يناجي ربّه ويتضرّع إليه بصوت شجيّ وقلب حزين، فنضت[18] إليه وأصغيت إليه من حيث لا يراني، فسمعته يقول: يا حسن الصحبة، يا خليفة النبيّين، يا أرحم الراحمين، البدئ البديع ليس مثلک شي ء، والدائم غير الغافل، والحيّ الذي لا يموت، أنت کل يوم في شأن، أنت خليفة محمّد وناصر محمّد ومفضل محمّد، أنت الذي أسألک أن تنصر وصي محمّد وخليفة محمّد والقائم بالقسط بعد محمّد، اعطف عليه بنصر أو توفاه برحمة. قال: ثمّ رفع رأسه وقعد مقدار التشهد، ثمّ إنّه سلم فيما أحسب تلقاء وجهه، ثمّ مضي فمشي علي الماء، فناديته من خلفه: کلّمني يرحمک اللَّه، فلم يلتفت وقال: الهادي خلفک فاسأله عن أمر دينک. فقلت: من هو يرحمک اللَّه؟ فقال: وصي محمّد من بعده، فخرجت متوجهاً إلي الکوفة فأمسيت دونها، فبتّ قريباً من الحيرة، فلما أجنّني الليل إذا أنا برجل قد أقبل حتي استتر برابية، ثمّ صفّ قدميه فأطال المناجاة، وکان فيما قال: اللهمّ إنّي سرت فيهم ما أمرني رسولک وصفيّک فظلموني، فقتلتُ المنافقين کما أمرتني فجهلوني. وقد مللتّهم وملّوني وأبغضتُهم وأبغضوني، ولم تبق خلّة [صفحه 235] أنتظرها إلّا المرادي، اللهمّ فعجّل له الشقاوة وتغمّدني بالسعادة، اللهمّ قد وعدني نبيّک أن تتوفّاني إليک إذا سألتک، اللهمّ وقد رغبتُ إليک في ذلک، ثمّ مضي، فقفوته فدخل منزله، فإذا هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام. قال: فلم ألبث إذ نادي المنادي بالصلاة، فخرج واتّبعته حتي دخل المسجد فعمّمه ابن ملجم- لعنه اللَّه- بالسيف.[19] .
2920- الإرشاد عن عثمان بن المغيرة: لمّا دخل شهر رمضان کان أميرالمؤمنين عليه السلام يتعشّي ليلة عند الحسن وليلةً عند الحسين وليلةً عند عبد اللَّه بن جعفر، وکان لا يزيد علي ثلاث لقم، فقيل له في ليلةٍ من تلک الليالي في ذلک، فقال: يأتيني أمر اللَّه وأنا خميص،[1] إنّما هي ليلة أو ليلتان. فاُصيب عليه السلام في آخر الليل.[2] .
فإنّ الموت لا قيک
إذا حلّ بواديک
فإن الموت لاقيکَ
إذا حلّ بواديکَ[13] .
فإنّ الموت لاقيکا
إذا حلّ بواديکا
فإنّ الموت لاقيکا
فقد حلّ بواديکا
وإن کانوا صعاليکا
وللغيّ متاريکا[15] .
صفحه 228، 229، 230، 231، 232، 233، 234، 235.