سوره نحل











سوره نحل



(وفيها تسع آيات)

1- وَعَلَي اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ / 9.

2- وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ / 16.

3- وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّکُمْ / 24.

4- وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ / 38.

5- وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ (إلي) وَعَلي رَبِّهِمْ يَتَوَکَّلُونَ / 41-42.

6ـ وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِکَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ/ 43.

7- وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْکَمُ لا يَقْدِرُ عَلي شَيْ ءٍ / 76.

8- يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْکِرُونَها/ 83.

«وَعَلَي اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ».

النحل/ 9.

روي العلاّمة البحراني عن إبراهيم بن محمد الحمويني (الشافعي) (بإسناده المذکور) عن خثيمة الجعفي، عن أبي جعفر (الباقر) قال: سمعته يقول (في حديث مفصل):

(ونحن الذين هم مختلف الملائکة، ونحن السراج لمن استضاء بنا، ونحن السبيل لمن اقتدي بنا) إلي آخره[1] .

(أقول) يعني: نحن سبيل الله التي وضعها للناس، لا إفراط فيها ولا تفريط، فهم المصداق الأتم لهذه الآية الکريمة:

«وَعَلَي اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ».

«وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ».

النحل/ 16.

روي الحافظ الحاکم الحسکاني (الحنفي) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد، (بإسناده المذکور) عن محمد بن يزيد، عن أبيه قال: سألت أبا جعفر عن قوله تعالي:

«وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ»؟

قال: النجم علي[2] .

(أقول) لا منافاة بين أن يکون ظاهر الآية هو النجم المعروف في السماء، وبين أن يکون باطنها وتأويلها هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ـ کما ذکرنا ذلک عدة مرات ـ والإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام) هو من أهل البيت الذين نزل القرآن في بيتهم، وأهل البيت أدري وأعرف بما نزل في بيتهم.

«وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ماذا أَنْزَلَ رَبُّکُمْ قالُوا أَساطِيرُ الأَوَّلِينَ».

النحل/ 24.

روي الحافظ الحاکم الحسکاني (الحنفي) عن فرات بن إبراهيم الکوفي (في تفسيره بإسناده المذکور) عن أبي حمزة الثمالي، عن جعفر الصادق قال:

قرأ جبرئيل علي محمد هکذا:

«وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ماذا أَنْزَلَ رَبُّکُمْ (في علي) قالُوا أَساطِيرُ الأَوَّلِينَ»[3] .

(أقول) کلمة (في علي) من التأويل والتفسير، وليست کلمة کانت من القرآن وسقطت عنه، لما ذهب إليه المحققون من علمائنا الأبرار، من أنَّ القرآن لم تمسه يد التحريف، ولن تمسه، خلافاً لکثير من علماء العامّة، حيث ذهبوا إلي تحريف القرآن.

قوله (قرأ جبرئيل علي محمد هکذا) معناه: إنَّ جبرئيل کان إذا نزل بالوحي علي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) قرأ القرآن أولاً، ثم ذکر للنبي (صلي الله عليه وآله وسلّم) تفسيره، ثم ذکر له تأويله، وبطونه، فقول الصادق (عليه السلام) (قرأ جبرئيل علي محمد هکذا) يعني: من مجموع ما ينزل به جبرئيل الأعمَّ من التفسير والتأويل والباطن، لا من خصوص القرآن.

«وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلي وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلکِنَّ أَکْثَرَ النّاس لا يَعْلَمُونَ».

النحل/ 38.

روي الحافظ الحاکم الحسکاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو يحيي الحيکاني (بإسناده المذکور) عن شعبة، عن أبي حمزة قال: سمعت بريد بن أحرم، قال: سمعت علياً يقول (في قوله تعالي):

«وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ».

(قال علي: فيَّ أُنزلت[4] .

(أقول) لعلّ شأن نزول الآية کان أنّ علياً (عليه السلام) حاجج الکفار، فقال لهم سأُبعث أنا فأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله علياً بعد موته، فنزلت الآية فيکون المقصود بکلمة (من) في (لا يبعث الله من يموت) هو علي بزعم الکفار.

أو قال لهم علي (عليه السلام): إنَّ الله يبعث کلَّ من يموت، وأقسم الکفار علي أنَّ الله لا يبعث من يموت، فنزلت الآية تأييداً لمحاجّة علي مع الکفار.

والأول أقرب لقوله (عليه السلام) (فيّ أُنزلت).

«وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَکْبَرُ لَوْ کانُوا يَعْلَمُونَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلي رَبِّهِمْ يَتَوَکَّلُونَ».

النحل/ 41-42.

روي الحافظ الحاکم الحسکاني (الحنفي) قال: أخبرنا عقيل (بإسناده المذکور) عن قتادة، عن عطاء[5] ، عن عبد الله بن عباس (في قوله تعالي):

«وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ» الآية.

قال: هم جعفر، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن عقيل ظلمهم أهل مکة وأخرجوهم من ديارهم[6] .

(أقول) يعني: هؤلاء إمّا منشأ نزول الآية عامّة في المهاجرين من بعد ما ظلموا، أو باعتبارهم الفرد الأکمل والمصداق الأتمّ لمضمون الآية، کأنَّ الآية فيهم لا غير ـ کما مرّ عليک مثل ذلک غير مرة ـ.

«وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِکَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ إِنْ کُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ».

النحل/ 43.

أخرج ابن جرير الطبري في تفسيره الکبير بسنده عن جابر الجعفي قال: لمّا نزلت «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ إِنْ کُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ».

قال علي (رضي الله عنه): نحن أهل الذکر[7] .

وروي العلاّمة البحراني قال: في تفسير يوسف القطان «بإسناده المذکور) عن السّدي قال: کنت عند عمر بن الخطاب (يعني: في عهد رسول الله (صلي الله عليه وآله) إذ أقبل إليه کعب بن الأشرف، ومالک بن الصيف، وحيي بن أخطب فقالوا: إنَّ في کتابک:

«وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالأَرْضُ» (آل عمران/ 133) إذا کانت سعة جنّة واحدة کسبع سماوات وسبع أرضين، فالجنان کلُّها ليوم القيامة أين تکون؟

فقال عمر: لا أعلم.

فبينما هم في ذلک إذ دخل علي بن أبي طالب، فقال: أفي شيء کنتم؟ فألقي اليهودي المسألة عليه.

فقال (علي) لهم: خبّروني أنّ النهار إذا أقبل الليل أين يکون؟

قالوا له: في علم الله.

فقال له: کذلک الجنان تکون في علم الله.

فجاء علي إلي النبي (صلي الله عليه وآله) وأخبره بذلک فنزل (قوله تعالي): «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ إِنْ کُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ»[8] .

(أقول) ليس المقصود من تنظير الإمام (عليه السلام) الجنان بالليل، إلاّ مجرد التنظير في قدرة الله تعالي أنْ يجعل الجنان في مکان يوم القيامة، نظير جعل الليل خلف الکرة حال إقبال النهار، لا أنّ الجنان ظلّ کالليل کما لا يخفي.

وأخرج الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد الله الأندلسي المغربي الأشعري، المعروف بـ ابن عبد البَّر في (الاستيعاب في معرفة الأصحاب)، وکذلک علي المتقي الهندي (الحنفي) في کنز العمال، وهکذا الواعظ (الحنفي) المشهور شمس الدين، أبو المظفر يوسف بن قراوغلي و (الحنفي) في (تذکرة خواص الأمة في معرفة الأئمّة) وأبو داود السجستاني، سليمان بن الأشعث في (سنن أبي داود) والعلاّمة الشافعي (محب الدين) الطبري في (ذخائر العقبي) وإبراهيم بن محمد الحمويني الشافعي في (فرائد السمطين) والخطيب البغدادي في مناقبه، وموفّق بن أحمد (الحنفي) في مناقبه، وغيرهم.. بتعبيرات واحدة في المعني متفاوتة في الألفاظ، أخرجوا جمعياً: إنّ الحسين بن علي قال: زنت مجنونة في زمان خلافة عمر فحملت، وأمر عمر برجمها، فقال أبو الحسن له: أما سمعت قول النبي (صلي الله عليه وسلّم):

(رفع القلم عن ثلاثة، عن المجنون حتي يبرأ، وعن الغلام حتي يدرک، وعن النائم حتي يستيقظ).

فقال عمر: لولا عليٌّ لهلک عمر، وخلّي سبيلها[9] .

«وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْکَمُ لا يَقْدِرُ عَلي شَيْ ءٍ وَهُوَ کَلٌّ عَلي مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلي صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ». النحل/ 76.

عليٌّ يأمر بالعدل وهو علي صراط مستقيم:

أخرج المير محمد صالح الترمذي (الحنفي) عن الحافظ ابن مردويه في هذه الآية الکريمة، قال: نزلت في أمير المؤمنين علي (کرّم الله وجهه)[10] .

«يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْکِرُونَها وَأَکْثَرُهُمُ الْکافِرُونَ».

النحل/ 83.

روي العلاّمة البحراني، عن إبراهيم بن محمد (الحمويني) من علماء الشافعية (بإسناده المذکور) عن خثيمة، عن الباقر من أهل البيت أنّه قال:

(نحن خيرة الله، ونحن الطريق الواضح، والصراط المستقيم إلي الله، ونحن من نعمة الله عزّ وجلّ علي خلقه)[11] .









  1. غاية المرام/ ص246.
  2. شواهد التنزيل/ ج1/ ص327.
  3. شواهد التنزيل/ ج1/ ص331.
  4. شواهد التنزيل/ ج1/ ص332.
  5. هو: أبو السائب، عطاء بن السائد الثقفي الکوفي، ويعرف بـ(عطاء الخشک)، عدّ في التابعين، روي عن بعض الصحابة وعن التابعين، وروي عنه التابعون وتابعوهم، لم يرو عنه مسلم، وأخرج أحاديثه البخاري وسائر أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد، نقل بعض الفضائل لأمير المؤمنين ـ(عليه الصلاة السلام) ـ ولأهل البيت عامّة مات عام (136) للهجرة.

    ذکره وترجم له الکثير من أصحاب الرجال، والتاريخ، والسيرة، نذکر جملة منهم ـ من العامّة ـ للمراجعة: ـ

    محمّد بن إسماعيل البخاري ـ صاحب الصحيح ـ في (التاريخ الکبير) ج3/ ق2/ ص465، وقد أخطأ البخاري بعض الخطأ في اسمه فمرة أسماه عطاء، ومرة أسماه (أبو عطاء) نبّه علي ذلک الرازي في کتابه في بيان أخطاء البخاري/ ص159.

    والبخاري نفسه أيضاً في (التاريخ الصغير) ص157.

    ومحمّد بن سعد کاتب الواقدي في (الطبقات الکبري) ج4/ ص235.

    ومسلم بن الحجّاج النيسابوري في (المنفردات) ص23.

    وعبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري في (المعارف) ص208.

    وعبد الحي بن العماد الحنبلي في (شذرات الذهب) ج1/ ص194.

    وأحمد بن عبد الله الخزرجي في (خلاصة تهذيب التهذيب) ص244.

    ومحمود بن أحمد العيني في (عمدة القاري) ج10/ ص491.

    وجلال الدين السّيوطي في (تلخيص الطبقات) ص28.

    وإسماعيل بن عمر بن کثير من (البداية والنهاية) ج10/ ص41.

    وعبد الله بن أسعد اليافعي في (مرآة الجنان) ج1/ ص285.

    ومحمّد بن محمّد الجزري في (غاية الجنان) ج1/ ص513.

    وأحمد بن حجر العسقلاني في (تهذيب التهذيب) ج7/ ص203.

    وفي (تقريب التهذيب) ص244.

    وفي (مقدمة فتح الباري) ص424.

    والعلاّمة الذهبي في (ميزان الاعتدال) ج2/ ص177.

    وعبد العظيم المنذري في (الترّغيب والترهيب) ص703.

    وأبو المؤيّد الخوارزمي في (جامع المسانيد) ج2/ ص497.

    وعلي بن محمّد بن الأثير الجزري في (الکامل في التاريخ) ج5/ ص187.

    ومحمّد بن طاهر القيسراني في (الجمع بين رجال الصحيحين) ص387.

    وأبو نعيم الإصبهاني في (ذکر أخبار إصبهان) ج2/ ص147.

    ومحمّد بن أحمد الدّولابي في (الکنّي والأسماء) ج1/ ص180.

    ومحمّد بن جرير الطبري في (الذيل المذيل) ص120.

    وابن أبي حاتم الرازي في (الجرح والتعديل) ج3/ ق1/ ص332.

    وآخرون....

  6. شواهد التنزيل/ ج1/ ص333.
  7. جامع البيان/ ج17/ ص5.
  8. غاية المرام/ ص240.
  9. الاستيعاب/ ج3/ ص74- کنز العمال/ ج3/ ص95 ـ تذکرة الخواص/ ص87 سنن أبي داود/ ج4/ ص114 ـ ذخائر العقبي/ ص81 ـ فرائد السمطين/ ج1/ ص66 مناقب الخطيب البغدادي ـ مناقب الخوارزمي/ ص48.
  10. المناقب لمحمّد صالح الترمذي/ أواخر الباب الأول.
  11. غاية المرام/ ص246.