سوره توبه











سوره توبه



(وفيها تسع عشرة آية)

1- وأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَي النّاس يَوْمَ الْحَجِّ/ 3.

2- وَإِنْ نَکَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِکُمْ / 12.

3- أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَکُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْکُمْ / 16.

4- أُولئِکَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ / 17.

5- أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ / 19.

6- الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ (إلي) عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيم/ 20-22.

7- ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَکِينَتَهُ عَلي رَسُولِهِ / 26.

8- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِکُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ / 28.

9- يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَي اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ / 32.

10- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ کَثِيراً مِنَ الأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْکُلُونَ أَمْوالَ النّاس بِالْباطِلِ / 34.

11- إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي کِتابِ اللهِ / 36.

12- إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ / 40.

13- وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ / 61.

14- يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا کَلِمَةَ الْکُفْرِ / 74.

15- وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ / 100.

16- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَکُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ / 119.

17- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَکُمْ مِنَ الْکُفَّارِ / 123.

«وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَي النّاس يَوْمَ الْحَجِّ الأَکْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِي ءٌ مِنَ الْمُشْرِکِينَ وَرَسُولُهُ».

التوبة/ 3.

روي أبو جعفر محمد بن جرير (الطبري) في تفسيره (بإسناده المذکور) عن زيد بن يثيع قال: نزلت براءة فبعث بها رسول الله (صلي الله عليه وسلّم) أبا بکر، ثم أرسل علياً فأخذها منه، فلمّا رجع أبو بکر قال: هل نزل فيَّ شيء؟ قال (صلي الله عليه وآله): لا ولکن أُمرتُ أنْ اُبلغُها أنا أو رجلٌ من أهل بيتي[1] .

وروي البخاري في (صحيحه) عن أبي هريرة أنّه قال:

(فأذن علي في أهل مني يوم النحر، ببراءة (يعني بأن الله بريء من المشرکين ورسولُه) وأنْ لا يحجّ بعد العام مشرک، ولا يطوف بالبيت عريان)[2] .

وأخرج (الفقيه الشافعي) جلال الدين السّيوطي في تفسيره، عن ابن أبي حاتم، عن حکيم بن حميد، قال: قال لي علي بن الحسين (رضي الله عنه): إن لعلي في کتاب الله اسماً ولکن لا يعرفونه.

قلت: ما هو؟

قال: ألم تسمع قول الله:

«وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَي النّاس يَوْمَ الْحَجِّ الأَکْبَرِ».

هو والله الأذان[3] .

وأخرج الإمام الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، في تفسيره (التحرير والتنوير) قال:

(وهذا الأذان قد وقع في الحجّة التي حجّها أبو بکر بالنّاس، إذ ألحق رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ علي بن أبي طالب بأبي بکر موافياً الموسم ليؤذن ببراءة، فأذن بها علي يوم النحر بمني، من أولها إلي ثلاثين أو أربعين آية منها، کذا ثبت في الصحاح والسنن بطرق مختلفة يزيد بعضها علي بعض[4] .

وأخرج علاّمة الشام، محمد جمال الدين القاسمي، في تفسيره المسمّي بمحاسن التأويل، المعروف (بالتفسير القاسمي) قال: (وروي ابن إسحاق قال: لمّا نزلت (براءة) علي رسول الله (صلي الله عليه وسلّم) قيل له: يا رسول الله لو بعثت بها إلي أبي بکر؟ فقال (صلي الله عليه وآله وسلّم): لا يؤدي عنّي إلاّ رجل من أهل بيتي، ثم دعا علي بن أبي طالب ـ رضوان الله عليه ـ فقال له أخرج بهذه القصة من صدر براءة، وأذّن في النّاس يوم النّحر، إذا اجتمعوا بمني الخ[5] .

وأخرج نحو ذلک وغيره من أحاديث عديدة، صاحب المنار في تفسيره[6] .

وهکذا الإمام المفسّر برهان الدين بن عمر البقاعي، في تفسيره (نظم الدُّر في تناسب الآيات والسور)[7] وغيرهما کثيرون.

والمفسّر المعاصر المصري من أهل السنة (عبد الکريم الخطيب) في تفسيره الکبير الذي أسماه (التفسير القرآني للقرآن) عند تفسير هذه الآيات قال:

وما کاد أبو بکر ينفصل عن المدينة في طريقه إلي البلد الحرام، حتي تلقي رسول الله (صلي الله عليه وسلّم) من ربّه هذه الآيات الأولي من سورة براءة، فجعل إلي علي بن أبي طالب أنْ يؤدي عنه هذا الأمر، وأنْ يؤذن به في النّاس يوم الحجِّ الأکبر)[8] .

وهکذا قال السّيوطي (الشافعي) أيضاً في حاشية مخطوطة له، علي تفسير البيضاوي: (رُوي أنها [يعني سورة التوبة] لمّا نزلت أرسل رسول الله ـ (صلي الله عليه وسلّم) ـ علياً...) الحديث[9] .

وأخرج الموضوع في حديث المناشدة أخطب خطباء خوارزم، في مناقب علي بن أبي طالب[10] .

وأخرج هو أيضاً بسنده، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وسلّم) لعلي بن أبي طالب: (أنت الذي أنزل الله فيک ـ وأذان من الله ورسوله إلي النّاس يوم الحجِّ الأکبر ـ)[11] .

وفي حديث المناشدة الذي ناشد فيه أمير المؤمنين (عليه السلام) الخمسة الذين کانوا معه في الشوري، وقد رواه الکثير الکثير من أصحاب الحديث والتفسير والتاريخ بأسانيد عديدة، وفيه قوله (عليه السلام):

(.... فأنشدکم بالله: هل فيکم أحد أمره رسول الله ـ (صلي الله عليه وسلّم) ـ بأنْ يأخذ براءة من أبي بکر).

فقال له أبو بکر: يا رسول الله أنزل فيَّ شيء؟

فقال له: (إنّه لا يؤدّي عنّي إلاّ علي).

غيري؟

قالوا: اللّهم لا.

نقله باختلاف في بعض العبارات، وإجماع علي أصل المعني، الکثير:

(منهم) الحافظ أبو الحسن بن المغازلي الشافعي في مناقبه[12] .

(ومنهم) علاّمة الشوافع الحمويني في فرائده[13] .

(ومنهم) ابن حجر في صواعقه[14] .

(ومنهم) الحافظ الذهبي في ميزانه[15] .

(ومنهم) ابن عبد البر في استيعابه[16] .

(ومنهم) الحافظ الکنجي في کنايته[17] .

(ومنهم) أحمد بن محمد بن حنبل ـ إمام الحنابلة ـ فيما رواه عنه ابنه، أبو عبد الرحمن عبد الله في کتاب الله في (فضائل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه»[18] .

وهو أيضاً رواه في مسنده[19] .

(ومنهم) النسائي في خصائصه[20] .

(ومنهم) الفقير العيني في مناقب سيّدنا علي (عليه السلام) لقنه أسانيد عن علي وعن أبي بکر[21] .

وقال الشيخ محمود شلتوت المعاصر ـ شيخ الجامع الأزهر ـ بالقاهرة ـ مصر في تفسيره للقرآن الکريم:

(علي يؤذن في النّاس يوم الحجِّ الأکبر، بآيات البراءة).

وقد انتهزت فرصة هذا الاجتماع العام في موسم الحجّ لتبليغ الإنذار الإلهي الکريم، إذ الحق النبي ـ (صلي الله عليه وسلّم) ـ ابن عمه علياً ـ رضي الله عنه ـ جرياً علي عادة العرب فيمن يُبلغِّ عن الرئيس ـ ليبلِّغ النّاس عنه هذه الآيات، ويؤذن بها فيهم يوم الحجِّ الأکبر)[22] .

«وَإِنْ نَکَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِکُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْکُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ».

التوبة/ 12.

هم ناکثو بيعة علي (عليه السلام):

روي الحافظ الحاکم الحسکاني (الحنفي) قال: حدّثنا محمد بن الفضل (بإسناده المذکور) عن أبي عثمان الهندي قال: رأيت علياً يوم الجمل، وتلا هذه الآية: «وَإِنْ نَکَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ» فحلف عليٌّ بالله ما قوتل أهل هذه الآية منذ نزلت، إلا اليوم[23] .

وروي الحسکاني أيضاً، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن (بإسناده المذکور) عن أبي عثمان، مؤذن بني قصي قال:

صحبت علياً سنةً کلَّها فما سمعت منه براءة ولا ولاية إلاّ أنّي سمعته يقول:

(من يعذرني من فلان وفلان[24] إنهما بايعاني طائعين غير مکرهين ثم نکثا بيعتي، من غير حدث أحدثت، والله ما قوتل أهل هذه الآية:

«وَإِنْ نَکَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ» إلاّ اليوم[25] .

أقول يعني: يوم الجمل، کما هو صريح الرواية السابقة.

وروي هو أيضاً قال: أخبرنا علي بن عابس (بإسناده المذکور) عن زيد بن وهب قال: سمعت حذيفة يقول (يعني: قبل حرب الجمل، مع علي بن أبي طالب) ـ:

(والله ما قوتل أهل هذه الآية):

(وإنْ نکثوا ـ إلي قوله ـ فقاتلوا أئمّة الکفر)[26] .

(أقول): والذي يظهر من هذه الروايات الثلاث، ومن غيرها ما ذکرها الحاکم الحسکاني، أو ذکرها غيره: إنَّ أصحاب الجمل، والمحاربين لعلي بن أبي طالب، توفرت فيهم من القرآن صفات ثلاث:

نکث إيمان والعهود.

الطعن في الدين.

إنَّهم أئمّة الکفر.

«أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَکُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْکُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ».

التوبة/ 16.

روي العلاّمة البحراني، عن إبراهيم بن محمد الحمويني (الشافعي) (بإسناده المذکور) عن سليم بن قيس الهلالي، قال: رأيت علياً في مسجد رسول الله (صلي الله عليه وسلّم) ـ في خلافة عثمان ـ وجماعة يتحدثون ويتذاکرون العلم والفقه، فذکروا قريشاً وفضلها وسوابقها وهجرتها وما قال فيها رسول الله (صلي الله عليه وسلّم) من الفضل (إلي أنْ قال) وفي الحلقة أکثر من مائتي رجل فيهم علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقّاص، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وعمّار، والمقداد، وأبو ذر، وهاشم بن عتبة، وابن عمر، والحسن، والحسين، وابن عباس، ومحمد بن أبي بکر، وعبد الله بن جعفر، (ومن الأنصار) أٌبي بن کعب، وزيد بن ثابت، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو الهيثم بن التيهان، ومحمد بن سلمة، وقيس بن سعد بن عبادة، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالک، وزيد بن أرقم، وعبد الله بن أبي أوفي، وأبو ليلي، ومعه ابنه عبد الرحمن، قاعد بجنبه غلام صبيح الوجه (إلي أنْ قال):

فقال علي بن أبي طالب لذلک الجمع ـ فيما قال ـ:

(أنشدکم الله أتعلمون حيث نزلت:

(ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله، ولا المؤمنين وليجة).

قال النّاس: يا رسول الله، أخاصة في بعض المؤمنين أم عامة لجميعهم؟

فأمر الله عزّ وجلّ نبيه أنْ يعلمهم ولاة أمرهم، وأنْ يفسّر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم، وزکاتهم، وحجهم، ونصبني للناس بغدير خمّ، ثم خطب (صلي الله عليه وآله وسلّم) فقال:

أيّها النّاس إنّ الله أرسلني وظننت أنّ النّاس مکذّبي، فأوعدني لأبلغها، أو ليعذبني، ثم أمر فنودي بالصلاة جامعة، ثم خطب (صلي الله عليه وآله وسلّم) فقال:

أيُّها النّاس: أتعلمون أنّ الله عزّ وجلّ مولاي، وأنا مولي المؤمنين، وأنا أولي بهم من أنفسهم؟

قالوا: بلي يا رسول الله.

قال (صلي الله عليه وآله وسلّم) قُمْ يا علي، فقمت، فقال (صلي الله عليه وآله وسلّم): من کنت مولاه فعلي مولاه اللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه.

فقام سلمان فقال يا رسول الله ولاء ماذا؟

فقال (صلي الله عليه وآله): ولاءٌ کولائي، من کنتُ أولي به من نفسه، فعلي أولي به من نفسه، فأنزل الله تعالي ذکره:

«الْيَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِينَکُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْکُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَکُمُ الإِسْلامَ دِيناً».

فکبّر رسول الله (صلي الله عليه وسلّم) وقال: الله أکبر تمام نبوتي، وتمام دين الله، ولاية علي بعدي.

فقام أبو بکر وعمر فقالا: يا رسول الله هذه الآية خاصة في علي؟

قال: بلي فيه وفي أوصيائي إلي يوم القيامة.

قالا: يا رسول الله. بينهم لنا؟

قال (صلي الله عليه وآله): علي أخي ووزيري، ووارثي ووصيي، وخليفتي في أمتي، وولي کل مؤمن من بعدي، ثم ابني الحسن، ثم الحسين، ثم التسعة من ولد ابني الحسين، واحداً بعد واحد، القرآن معهم وهم مع القرآن، لا يفارقونه ولا يفارقهم حتي يردوا عليّ الحوض.

فقالوا کلهم: نعم قد سمعنا ذلک وشهدنا ممّا قلت سواء[27] إلي آخر الحديث.

«.... أُولئِکَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النّار هُمْ خالِدُونَ».

التوبة/ 17.

نقل العلامة (القبيسي) قال:

روي الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير (الطبري) في کتابه بإسناده المذکور، عن زيد بن أرقم قال:

لمّا نزل النبي (صلي الله عليه وسلّم) بغدير خم في رجوعه من حجّة الوداع، وکان في وقت الضحي وحر شديد، أمر بالدوحات فقمّت، ونادي الصلاة جامعة، فاجتمعنا فخطب خطبة بالغة ـ إلي أنْ قال ـ

قال (صلي الله عليه وآله):

(اللهم إنّک أنزلت عند تبييني ذلک في علي: «اليوم أکملت لکم دينکم» بإمأُمّته، فمن لم يأتم به، وبمن کان من ولدي في صلبه إلي يوم القيامة فـ:

«أُولئِکَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النّار هُمْ خالِدُونَ».

إنّ إبليس أُخرج من الجنّة بالحسد لآدم، فلا تحسدوا فتحبط أعمالکم، وتزل أقدامکم)[28] .

«أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ کَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولئِکَ هُمُ الْفائِزُونَ* يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ».

التوبة/ 19-22.

روي أبو عبد الله، محمد بن يوسف بن محمد القرشي الکنجي (العالم الشافعي) المقتول عام (658) عن القاضي أبي نصر محمد بن هبة الله (بإسناده المذکور) عن أنس بن مالک، قال:

قعد العباس بن عبد المطلب، وشيبة صاحب البيت يفتخران، فقال العباس: أنا أشرف منک. أنا عمُّ رسول الله (صلي الله عليه وسلّم) ووصيُّ أبيه، وسقاية الحجيج لي.

فقال له شيبة: أنا أشرف منک، أنا أمين الله علي بيته، وخازنه أفلا ايتمنک کما ايتمنني؟

وهما في ذلک يتشاجران، حتي أشرف عليهما علي بن أبي طالب، فقال له العباس: أفترضي بحکمه؟ قال: نعم قد رضيت.

فوقف عليٌّ فقال له العباس: إنَّ شيبة فاخرني، فزعم أنّه أشرف فقال: فماذا قلت أنت يا عمّاه؟

فقال: قلت له: أنا عمُّ رسول الله، ووصي أبيه، وساقي الحجيج، أنا أشرف.

فقال لشيبة: وما قلت يا شيبة؟

قال: قلت له: بل أنا أشرف منک، أنا أمين الله، وخازنه، أفلا ايتمنک کما ايتمنني.

قال (يعني: أنس بن مالک) فقال لهما: أجعل لي معکما فخراً؟

قالا له: نعم.

قال: فأنا أشرف منکما، أنا أول من آمن بالوعيد من هذه الأمّة، وهاجر وجاهد.

فانطلقوا ثلاثتهم إلي رسول الله (صلي الله عليه وسلّم) فجثوا بين يديه، فأخبر کل واحد منهم بفخره، فما أجابهم بشيء.

فنزل الوحي ـ بعد أيام ـ.

فأرسل إلي ثلاثتهم فأتوا، فقرأ عليهم النبي (صلي الله عليه وسلّم):

«أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ کَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ»[29] إلي آخر العشر [يعني: إلي قوله تعالي أجر عظيم أربع آيات].

وأخرج نحواً من ذلک باللغة الفارسية، الشيخ إسماعيل الحقي الإسلامبولي في تفسيره المخطوط[30] .

وأخرجه الکثير من الأئمّة والحفّاظ المحدِّثين والمؤرخين (منهم) الشيخ عبد الرحمن الصنوري (الشافعي) (بإسناده المذکور) نقل هذه القصة بتغيير في الألفاظ[31] .

(ومنهم) المؤمن الشبلنجي (الشافعي) بتعبيرات أخري[32] .

(ومنهم) (الفقيه الشافعي) جلال الدين، عبد الرحمن بن أبي بکر السّيوطي في کتابه (لباب النقول)[33] .

(ومنهم) العلاّمة القرطبي في تفسيره[34] والعلاّمة المعاصر، السيّد محمد رشيد رضا في مناره[35] .

(ومنهم) أيضاً ابن جرير الطبري في تفسيره[36] .

(ومنهم) الفخر الرازي في تفسيره الکبير[37] .

(ومنهم) الواحدي في أسباب النزول[38] .

(ومنهم) جلال الدين، بن أبي بکر السّيوطي، في الدّر المنثور[39] .

(ومنهم) علاّمة الشافعية ابن کثير الدمشقي في تفسيره[40] .

(ومنهم) العلاّمة ابن الصباغ المالکي في فصوله[41] .

(ومنهم) ابن الأثير في جامع الأصول[42] .

(ومنهم) الحافظ الشافعي أبو الحسن بن المغازلي في مناقبه[43] .

وآخرون کثيرون...

«ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَکِينَتَهُ عَلي رَسُولِهِ وَعَلَي الْمُؤْمِنِينَ».

التوبة/ 26.

روي الحافظ الحاکم الحسکاني (الحنفي) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الصوفي (بإسناده المذکور) عن الضّحاک بن مزاحم في قول الله تعالي:

«ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَکِينَتَهُ عَلي رَسُولِهِ وَعَلَي الْمُؤْمِنِينَ» الآية.

قال: نزلت في الذين ثبتوا مع رسول الله (صلي الله عليه وسلّم) يوم حنين علي والعباس وحمزة في نفر من بني هاشم[44] .

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِکُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا».

التوبة/ 28.

أخرج الفقية محمد بن يوسف بن محمد الکنجي الشافعي، في کتابه کفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وسلّم): (ما في القرآن آية فيها «يا أيها الذين آمنوا» إلاّ وعليٌّ رأسها وأميرها)[45] .

(أقول) أضف إلي ذلک: إنّ أول من أعلن هذه الآية الکريمة، وأقوي من صدّ المشرکين عن المسجد الحرام، هو علي بن أبي طالب، علي ما في عديد من الروايات المذکورة في معظم کتب الحديث والتفسير، (ومنها) ما في البخاري، عن أبي هريرة قال: (فأذنَّ علي في أهل مني يوم النحر ببراءة، وألاّ يحجَّ بعد العام مشرک، ولا يطوف بالبيت عُريان)[46] .

«يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَي اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ کَرِهَ الْکافِرُونَ».

التوبة/ 32.

أخرج عالم الحنفية الحافظ سليمان القندوزي عن (الفقيه الشافعي) الحمويني، بسنده عن سليم بن قيس الهلالي قال: رأيت علياً في مسجد المدينة في خلافة عثمان، وکان جماعة المهاجرين والأنصار يتذاکرون فضائلهم وعلي ساکت، فقالوا: يا أبا الحسن تکلَّم فقال:

يا معشر قريش والأنصار، أسألکم ممّن أعطاکم الله هذا الفضل أبأنفسکم أو بغيرکم؟

قالوا: أعطانا الله، ومنّ علينا بمحمد (صلي الله عليه وسلّم).

قال: ألستم تعلمون أنّ رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال:

أنا وأهل بيتي کنا نوراً نسعي بين يدي الله تعالي، قبل أن يخلق الله عزّ وجلّ آدم بأربعة عشر ألف سنة، فلمّا خلق الله آدم (عليه السلام) وضع ذلک النّور في صلبه وأهبطه إلي الأرض، ثم حمله في السفينة في صلب نوح (عليه السلام) ثم قذف به في النّار في صلب إبراهيم (عليه السلام) ثم لم يزل الله عزّ وجلّ ينقلنا من الأصلاب الکريمة إلي الأرحام الطاهرة من الآباء والأمهات، لم يکن واحد منّا علي سفاح قط؟

فقال أهل السابقة وأهل بدر وأُحد: نعم قد سمعنا الخ[47] .

وأخرج القندوزي ـ أيضاً ـ في قوله تعالي:

«يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ».

عن علي بن الحسين أنّه قال ـ في الحديث ـ:

(النّور هو الإمام)[48] .

(أقول) حيث إن المراد بـ «نور الله» في الآيتين واحد لوحدة السياق فيهما، کان تفسير (النّور) في إحداهما تفسيراً له في الأخري أيضاً.

وأخرج أبو الفرج الأصفهاني (الأموي) في أغانيه، خطبة أبي الأسود الدؤلي، بعد مقتل علي بن أبي طالب، وفيها:

(وإنّ رجلاً من أعداء الله، المارقة من دينه، اغتال أمير المؤمنين علياً (کرّم الله وجهه)، لقد أطفأ منه نور الله في أرضه، لا يبين بعده أبداً)[49] .

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ کَثِيراً مِنَ الأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْکُلُونَ أَمْوالَ النّاس بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ».

التوبة/ 34.

أخرج الحافظ (الحنفي) خطيب خوارزم، موفق بن أحمد قال:

أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ، زين الأئمة، أبو الحسن، علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي (بسنده المذکور) عن علي بن ترفة، عن عکرمة، عن ابن عباس قال:

(ما أنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ في القرآن آية يقول فيها «يا أيها الذين آمنوا» إلاّ کان علي بن أبي طالب شريفها وأميرها)[50] .

(أقول) أضف إلي ذلک: إنّ هذه الآية وجّهت الخطاب للمؤمنين، حتي يتجنّبوا ويجنّبوا النّاس عن الأحبار والرهبان، الذين يأکلون أموال النّاس بالباطل، ويصدُّون عن سبيل الله، ويتجنّبوا ـ أي المؤمنين ـ هم أنفسهم، ويجنّبوا النّاس عن هاتين الرذيلتين (الأکل بالباطل) و (الصدّ عن سبيل الله).

ولا شک أنّ علي بن أبي طالب، کان هو المقدام في المقامين:

1- فهو الذي حارب الأحبار والرهبان في منکرات أعمالهم، بمختلف أنواع الحرب.

2- وهو الذي وضع ـ بأقواله، وسيرته ـ أسس الحق، والعدل، والدعوة إلي سبيل الله، ويکفينا دليلاً علي الأمرين، مطالعة سريعة في تاريخ أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب (عليه السلام) عامّة، وفي (نهج البلاغة) خاصة (مضافاً) إلي ذيل الحديث (وما ذکر علياً إلاّ بخير).

«إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي کِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرْضَ».

التوبة/ 36.

(نقل) أبو الحسن الفقيه، محمد بن علي بن شاذان، في المناقب المائة، من طريق العامّة بحذف الإسناد، عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه وسلّم) يقول:

(معاشر النّاس اعلموا أنّ لله تعالي باباً، من دخله أمِن من النّار، ومن الفزع الأکبر ـ إلي أنْ قال ـ (صلي الله عليه وسلّم):

(معاشر النّاس من سرّه ليقتدي بي، فعليه أن يتوالي ولاية علي بن أبي طالب، والأئمّة من ذريتي فإنّهم خزّان علمي).

فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله (صلي الله عليه وآله) ما عدّةُ الأئمّة؟

قال (صلي الله عليه وآله):

(يا جابر سألتني ـ رحمک الله ـ عن الإسلام بأجمعه، عدّتهم عدّة الشهور، وهو عند الله اثنا عشر شهراً في کتاب الله، يوم خلق السماوات والأرض.... الحديث)[51] .

(أقول) الذي يظهر من ظاهر هذه الرواية، وصريح رواياتنا أنّ هذه الآية الکريمة تأويلها في الأئمة الإثني عشر (علي وأولاده الأحد عشر) (عليهم السلام).

«إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ».

التوبة/ 40.

نصره الله بعلي بن أبي طالب:

روي الحافظ الحاکم الحسکاني (الحنفي) قال: حدّثنا الحاکم (يعني أباه) (بإسناده المذکور) عن سعيد بن جبير، عن أبي الحمراء، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وسلّم):

(لمّا أُسري بي إلي السماء نظرت إلي ساق العرش الأيمن، فإذا عليه: لا إله إلّا الله، محمد رسول الله، أيدّته بعلي ونصرته به)[52] .

(أقول) الروايات بهذا المعني کثيرة جداً، ولکنّا لمرامنا في هذا الکتاب غالباً من الإشارة لا التفصيل، اکتفينا بذکر حديث واحد.

«وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ».

التوبة/ 61.

نقل الشيخ المحمودي عن کتاب (المسلسلات) لابن الجوزي قال: حدّثنا محمد بن ناصر وهو آخذ بشعره (بإسناده المذکور) عن الحسين بن علي، وهو آخذ بشعره، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب وهو آخذ بشعره، قال: حدثني رسول الله (صلي الله عليه وسلّم) وهو آخذ بشعره قال:

(من آذي شعرةً منّي فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذي الله، ومن آذي الله لعنه الله ملء السماوات والأرض (و) لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً)[53] .

وروي هو أيضاً عن ابن عساکر في ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق (بإسناده المذکور) عن عروة: إنّ رجلاً وقع في علي بمحضر من عمر (بن الخطاب) فقال عمر: تعرف صاحب هذا القبر محمد بن عبد الله بن عبد المطلب.

وعلي بن أبي طالب بن عبد المطلب.

لا تذکر علياً إلاّ بخير، فإنّک إنْ آذيته ـ وفي حديث الفضل: إنْ أبغضته ـ آذيت هذا في قبره)[54] .

وروي أيضاً عن کتاب المناقب لابن المغازلي (الفقيه الشافعي) قال: أخبرنا أحمد بن المظفر بن أحمد العطار (بإسناده المذکور) عن ابن عباس قال: کنت عند رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلّم) إذ أقبل علي بن أبي طالب غضبان.

فقال له النبي (صلي الله عليه وآله): ما أغضبک؟

قال: آذوني فيک بنو عمّک.

فقام رسول الله (صلي الله عليه وآله) مغضباً فقال:

(يا أيها النّاس من آذي علياً فقد آذاني، إنّ علياً أوّلکم إيماناً، وأوفاکم بعهد الله.

(يا أيّها النّاس من آذي علياً بُعث يوم القيامة يهودياً أو نصرانياً).

قال جابر بن عبد الله الأنصاري: يا رسول الله (صلي الله عليه وآله) وإنْ شهد أنْ لا إله إلاّ الله، وأنَّ محمداً رسول الله؟

فقال (صلي الله عليه وآله): (يا جابر (تلک) کلمة يحتجزون بها ألاّ تُسفَک دماؤهم، وأنْ يعطوا الجزية وهم صاغرون)[55] .

(أقول) هکذا يکون القياس المنطقي لهذه القضية:

1- الذين يؤذون علياً فبذلک يؤذون رسول الله (صلي الله عليه وآله) ـ بحکم رسول الله ـ.

2- والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم ـ بحکم القرآن ـ.

(النتيجة) فالذين يؤذون علياً مشمولون لحکم القرآن بأنّ لهم عذاباً أليماً.

وأخرج (الحافظ الواسطي علاّمة الشوافع، أبو الحسن بن المغازلي في مناقبه، عن أبي الحسن أحمد بن المظفر (بإسناده المذکور) (عن عليٍ ـ کرّم الله وجهه ـ قال: قال رسول الله ـ (صلي الله عليه وسلّم) ـ:

(اشتدَّ غضب الله تعالي وغضبي علي من أهرق دمي، أو آذاني في عترتي)[56] .

وأخرجه أيضاً الحافظ العسقلاني ابن حجر (الشافعي) في لسانه[57] .

«يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا کَلِمَةَ الْکُفْرِ وَکَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَکُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ».

التوبة/ 74.

أرادوا قتل علي فنزلت فيهم هذه الآية:

روي العلاّمة السيّد هاشم البحراني، عن أبي جعفر الطبري، أسند إلي ابن عباس (أنّه قال):

إنّ سادات قريش کتبت صحيفة تعاهدوا فيها علي قتل علي، ودفعوها إلي أبي عبيدة بن الجراح ـ أمين قريش ـ فنزلت (قوله تعالي):

«ما يَکُونُ مِنْ نَجْوي ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ» الآية. فطلبها النبي منه، فدفعها إليه.

فقال (صلي الله عليه وآله): کفرتم بعد إسلامکم؟

فحلفوا بالله: إنَّهم لم يهمّوا بشيء منه.

فأنزل الله:

«يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا کَلِمَةَ الْکُفْرِ وَکَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا»[58] .

«وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِکَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ».

التوبة/ 100.

روي الحافظ الحاکم الحسکاني (الحنفي) قال: أخبرنا عقيل (بإسناده المذکور) عن أبي صالح، عن ابن عباس (في قوله تعالي):

«والسابقون الأولون».

قال: نزلت في عليٍّ، سبق النّاس کلّهم بالإيمان بالله وبرسوله، وصلّي القبلتين، وبايع البيعتين، وهاجر الهجرتين، ففيه نزلت هذه الآية[59] .

وروي (النسائي) في (خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب) بإسناده عن عمرو بن عباد بن عبد الله، قال: قال علي:

(أنا عبد الله، وأخو رسول الله (صلي الله عليه وآله) وأنا الصديق الأکبر، لا يقولها بعدي إلاّ کاذب، آمنت قبل النّاس سبع سنين)[60] .

وروي (ابن عدي) في (الکامل) عن حذيفة قال:

أخذ رسول الله (صلي الله عليه وسلّم) بيد علي فقال:

(هذا أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصديق الأکبر، وهذا فاروق هذه الأمة)[61] .

وأخرج سبط بن الجوزي في تذکرته، بإسناده عن عبد الله بن صالح العجلي، عن علي (عليه السلام) في خطبة له من منبر الکوفة وفيها:

(اللّهم إنَّي أول من أناب، وسمع وأجاب، لم يسبقني إلاّ رسول الله ـ (صلي الله عليه وسلّم) ـ بالصلاة)[62] .

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَکُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ».

التوبة/ 119.

(روي) صدر الأئمّة عند (العامّة) أخطب خوارزم، أبو المؤيّد موفّق بن أحمد (الحنفي) في کتاب المناقب، قال: وأنبأني أبو العلاء، الحافظ الحسن بن أحمد العطار الهمداني إجازة (بإسناده المذکور) عن ابن عباس في قوله تعالي:

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَکُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ».

قال: هو علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) خاصة)[63] .

وروي بمضمونه عن أبي جعفر الصادق حديثاً في ذلک، الفقيه (الشافعي) ابن حجر الهيثمي في (الصواعق المحرقة)[64] .

وأخرج الکنجي (الشافعي) في ذلک حديثاً قريباً من هذا المعني عن ابن عباس، وعن جابر، وعن أبي جعفر الباقر[65] .

وأخرج الخطيب البغدادي، عن ابن عباس في هذه الآية أنّه قال: (کونوا مع علي وأصحابه)[66] .

وأخرجه بهذا النص الحمويني (الشافعي) أيضاً[67] .

وذکره العالم (الشافعي) جلال الدين السّيوطي في تفسيره[68] .

وأخرج الحافظ سليمان القندوزي، عن ابن مردويه، عن ابن عباس في قوله تعالي:

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَکُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ».

أنّه قال: کونوا مع علي[69] .

وأخرج نحواً من ذلک علاّمة الهند، عبيد الله بسمل امرتسري في مناقبه[70] .

وفي نظم درر السمطين للزرندي (الحنفي) عن ابن عباس قال:

(کونوا مع علي بن أبي طالب وأصحابه)[71] .

وأخرج نحواً من ذلک الکثير من أرباب التفسير والحديث والتاريخ...

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَکُمْ مِنَ الْکُفَّارِ».

التوبة/ 123.

أخرج العلاّمة الهندي (عبيد الله بسمل امرتسري) في کتابه الکبير في مناقب الإمام علي بن أبي طالب، بسنده عن أبي بکر بن مردويه قال: عن حذيفة (رضي الله عنه) قال: (وما نزلت «يا أيها الذين آمنوا» إلاّ کان علي لبها ولبابها[72] .









  1. جامع البيان في تفسير القرآن/ ج10/ ص46.
  2. صحيح البخاري/ ج5/ ص37.
  3. الدّر المنثور/ تفسير سورة التوبة/ أولها.
  4. تفسير التحرير والتنوير/ ج10/ ص100.
  5. تفسير القاسمي/ ج8/ ص3069.
  6. تفسير المنار/ ج10/ ص157.
  7. نظم الدر/ ج8/ ص364-365.
  8. التفسير القرآني للقرآن/ ج5/ ص698.
  9. حاشية أنوار التنزيل/ لا رقم لصفحاته.
  10. المناقب للخوارزمي/ ص223.
  11. المناقب للخوارزمي/ ص24.
  12. المناقب لابن المغازلي/ ص112.
  13. فرائد السمطين/ ص58.
  14. الصواعق المحرقة/ ص75و93.
  15. ميزان الاعتدال للذهبي/ ج1/ ص205.
  16. الاستيعاب (لهامش الإصابة)/ ج3/ ص35.
  17. کفاية الطالب/ ص242.
  18. فضائل علي بن أبي طالب لابن حنبل/ ج1/ ص43.
  19. مسند ابن حنبل/ ج3/ ص212.
  20. خصائص أمير المؤمنين للنسائي/ ص20.
  21. المناقب العيني/ ص18و198.
  22. تفسير القرآن الکريم للشيخ شلتوت/ ص608.
  23. شواهد التنزيل/ ج1/ ص209.
  24. يعني: طلحة والزبير، حيث إنهما بايعا علياً أمير المؤمنين (عليه السلام) لکنهما نکثا البيعة حينما جاءا إليه يستأذنانه في الانصراف إلي العمرة، فقال لهما علي (عليه السلام): (لعمرکما ما تريدان العمرة، ولکن تريدان الغدرة). وبالفعل کان مقصودهما الالتحاق بعائشة، والاتفاق معها علي حرب علي (عليه السلام) وأنتج ذلک الاتفاق بين عائشة والزبير وطلحة (حرب الجمل) التي راح ضحيتها عشرات الألوف من المسلمين.
  25. شواهد التنزيل/ ج1/ ص209-210.
  26. شواهد التنزيل/ ج1/ ص210.
  27. غاية المرام/ ص264-265.
  28. کتاب (ماذا في التاريخ) / ج3/ ص146-147.
  29. کفاية الطالب/ ص237-238.
  30. روح البيان/ ص1/ ورقة 323.
  31. نزهة المجالس/ ج2/ ص169.
  32. نور الأبصار/ ص77.
  33. هامش تفسير الجلالين/ ج1/ ص16.
  34. تفسير القرطبي/ ج8/ ص91.
  35. تفسير المنار/ ج10/ ص216.
  36. جامع البيان في تفسير القرآن/ ج10/ ص68.
  37. مفاتيح الغيب/ ج4/ ص422.
  38. أسباب النزول/ ص182.
  39. الدّر المنثور/ ج3/ ص218.
  40. تفسير القرآن العظيم/ ج2/ ص241.
  41. الفصول المهمة/ ص123.
  42. جامع الأصول/ ج9/ ص477.
  43. المناقب لابن المغازلي/ ص321-322.
  44. شواهد التنزيل/ ج1/ ص252.
  45. کفاية الطالب/ ص54.
  46. البخاري/ ج5/ ص37.
  47. ينابيع الموّدة/ ص114.
  48. ينابيع الموّدة/ ص117.
  49. الأغاني/ ج1/ ص121.
  50. المناقب للخوارزمي/ ص198.
  51. المناقب المائة/ المنقبة الحادية والأربعون/ ص28-29.
  52. شواهد التنزيل/ ج1/ ص227-228.
  53. حاشية شواهد التنزيل/ ج1/ ص94.
  54. حاشية شواهد التنزيل/ ج1/ ص95.
  55. حاشية شواهد التنزيل/ ج1/ ص96.
  56. المناقب لابن المغازلي/ ص42.
  57. لسان الميزان/ ج5/ ص362.
  58. غاية المرام/ ص439.
  59. شواهد التنزيل/ ج1/ ص256.
  60. فضائل الخمسة/ ج2/ نقلا عن الخصائص.
  61. فضائل الخمسة/ ج2/ (نقلا عن الکامل).
  62. تذکرة الخواص/ ص120.
  63. المناقب للخوارزمي/ ص198.
  64. الصواعق المحرقة/ ص93.
  65. کفاية الطالب/ ص111.
  66. مناقب الخطيب/ ص189.
  67. فرائد السمطين/ ج1/ ص68.
  68. الدّر المنثور/ ج3/ ص290.
  69. ينابيع الموّدة/ ص119.
  70. أرجح المطالب في مناقب علي بن أبي طالب/ ص60.
  71. نظم درر السمطين/ ص92.
  72. أرجح المطالب/ ص51.