علي يوم بدر











علي يوم بدر



في البحار: ج 6 قال الإمام الباقر (عليه السلام): انتدب رسول الله (صلّي الله عليه وآله) ليلة بدر إلي الماء، فانتدب علي (عليه السلام)، فخرج، وکانت ليلة باردة ذات ريح وظلمة فخرج بقربته، فلما کان إلي القليب (البئر) لم يجد دلواً، فنزل في الجب تلک الساعة، فملأ قربته، ثم أقبل فاستقبلته ريح شديدة فجلس حتي مضت، ثم قام، ثم مرت به ريح أخري فجلس حتي مضت، ثم قام، ثم مرت به أخري فجلس حتي مضت، فلما جاء إلي النبي قال له النبي (صلّي الله عليه وآله): ما حبسک يا علي؟ قال: لقيت ريحاً ثم ريحاً ثم ريحاً شديدة فأصابتني قشعريرة.

فقال: أتدري ما کان ذلک يا علي؟ فقال: لا.

فقال: ذاک جبريل مر في ألف من الملائکة وقد سلم عليک وسلموا، ثم مر ميکائيل في ألف من الملائکة فسلم عليک وسلموا، ثم مر إسرافيا وألف من الملائکة فسلم عليک وسلموا.

وفي هذه الليلة اختص أميرالمؤمنين (عليه السلام) بثلاثة آلاف فضيلة وثلاث فضائل، لتسليم ثلاثة آلاف وثلاثة من الملائکة عليه، وفيها يقول الحميري:


أقسم بالله وآلائه
والمرء عما قال مسؤول


إن علي بن أبي طالب
علي التقي والبر مجبول


کان إذا الحرب مرتها القنا
وأحجمت عنها البهاليل


يمشي إلي القرن وفي کفه
أبيض ماضي الحد مصقول


مشي العفرنا بين أشباله
أبرزه للقنص الغيل


ذاک الذي سلم في ليلة
عليه ميکال وجبريل


ميکال في ألف وجبريل في
ألف ويتلوهم اسرافيل


ليلة بدر مدداً أنزلوا
کأنهم طير أبابيل


ولما أصبح الصباح استعد الفريقان للحرب، وتقدم عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد، وقالوا: يا محمد أخرج إلينا أکفاءنا من قريش، فبرز إليه ثلاثة نفر من الأنصار وانتسبوا لهم فقالوا: ارجعوا إنما نريد الأکفاء من قريش، فنظر رسول الله (صلّي الله عليه وآله) إلي عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب وکان له يومئذ سبعون سنة فقال: قم يا عبيدة، فقام بين يديه بالسيف ونظر إلي حمزة فقال: قم يا عم، ثم نظر إلي علي فقال: قم يا علي (وکان أصغر القوم) فاطلبوا بحقکم الذي جعله الله لکم فقد جاءت قريش بخيلائها وفخرها، تريد أن تطفئ نور الله، ويأبي الله إلا أن يتم نوره فقاموا بين يدي رسول الله رسول الله (صلّي الله عليه وآله) ثم قال: يا عبيدة عليک بعتبة بن ربيعة وقال لحمزة: عليک بشيبة.

وقال لعلي (عليه السلام): عليک بالوليد، فمروا حتي انتهوا إلي القوم فقالوا: أکفاء کرام فحمل عبيدة علي عتبة فضربه علي رأسه ضربة فلقت هامته، وضرب عتبة عبيدة علي ساقه فأطنها (قطعها) فسقطا جميعاً وحمل شيبة علي حمزة فتضاربا بالسيفين حتي انثلما، وحمل أميرالمؤمنين (عليه السلام) علي الوليد فضربه علي حبل عاتقه فأخرج السيف من إبطه، قال علي (عليه السلام) لقد أخذ الوليد يمينه بشماله فضرب بها هامتي فظننت أن السماء وقعت علي الأرض ثم اعتنق حمزة وشيبة فقال المسلمون: يا علي أما تري الکلب (بهر) نهز عمک؟ فحمل عليه علي (عليه السلام) فقال: يا عم طأطئ رأسک، وکان حمزة أطول من شيبة فأدخل حمزة رأسه في صدره فضرب علي (عليه السلام) شيبة فطرح نصفه، ثم جاء إلي عتبة وبه رمق فأجهز عليه.

وفي رواية أخري: أنه برز حمزة لعتبة، وبرز عبيدة لشيبة وبرز علي للوليد فقتل حمزة عتبة، وقتل عبيدة شيبة، وقتل علي الوليد، وضرب شيبة رجل عبيدة فقطعها فاستنقذه حمزة وعلي، وحمل حمزة وعلي عبيدة حتي أتيا به رسول الله رسول الله (صلّي الله عليه وآله) فاستعبر فقال: يا رسول الله ألست شهيداً؟ قال: بلي أنت أول شهيد من أهل بيتي.

فقال: أما لو کان عمک حياً لعلم أني أولي بما قال منه، قال: وأي أعمامي تعني؟ فقال: أبوطالب حيث يقول:


کذبتم وبيت الله يبزي محمد
ولما نطاعن دونه ونناضل


ونسلمه حتي نصرع حوله
ونذهل عن أبنائنا والحلائل


فقال رسول الله رسول الله (صلّي الله عليه وآله): أما تري ابنه کالليث العادي بين يدي الله ورسوله وابنه الآخر في جهاد الله بأرض الحبشة، فقال: يا رسول الله أسخطت علي في هذه الحالة؟ فقال: ما سخطت عليک، ولکن ذکرت عمي فانقبضت لذلک.

کان القتلي من المشرکين في يوم بدر سبعين، قتل منهم علي بن أبي طالب سبعة وعشرين، وکان الأسري سبعين!! صورة أخري للواقعة: فصاح بهم عتبة: اتسبوا نعرفکم، فإن تکونوا أکفاء نقاتلکم.

فقال عبيدة: أنا عبيدة وهو يومئذ أکبر المسلمين، فقال: هو کفو کريم، ثم قال لحمزة: من أنت؟ قال: حمزة بن عبدالمطلب، أنا أسد الله وأسد رسوله، أنا صاحب الحلفاء، فقال له عتبة: ستري صولتک اليوم يا أسد الله وأسد رسوله قد لقيت أسد المطيبين!! فقال لعلي: من أنت؟ فقال: أنا عبدالله وأخو رسوله، أنا علي بن أبي طالب.

فقال: يا وليد دونک الغلام، فأقبل الوليد يشتد إلي علي، قد تنور وتخلق.

وعليه خاتم من ذهب، بيده السيف قال علي: قد طال علي في طول نحو من ذراع، فختلته حتي ضربت يده التي فيها السيف، فبدرت يده وبدر السيف حتي نظرت إلي بصيص (بريق) الذهب في البطحاء، وصاح صيحة أسمع أهل العسکرين فذهب مولياً نحو أبيه وشد عليه علي (عليه السلام)، فضرب فخذه فسقط، وقام علي (عليه السلام) وقال:


أنا ابن ذي الحوضين عبدالمطلب
وهاشم المطعم في العام السغب


أوفي بميثاقي وأحمي عن حسب ثم ضربه فقطع فخذه.

ففي ذلک تقول هند بنت عتبة:


أبي وعمي وشقيق بکري
أخي الذي کانوا کضوء البدر


بهم کسرت يا علي ظهري