علي بقلمه ولسانه











علي بقلمه ولسانه



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله کما يحب أن يحمد، وصلي الله علي سيدنا محمد وآله خير البرية.

قال الله تعالي: (بل الإنسان علي نفسه بصيرة).[1] .

أيها الإخوان: لقد ذکرنا في الليالي الماضية شيئا من کلام أميرالمؤمنين (عليه السلام) حول نفسه ومواهبه ومزاياه ومواقفه، الليلة: نستمع إلي شي ء من خطبه (عليه السلام) المشتملة علي فضائله وفواضله، وخصائصه، ومکارم أخلاقه، وبعبارة أخري نستمع إلي تاريخ حياته من لسانه، ونقرأ کتابا خاصا کتبه (عليه السلام) إلي عثمان بن حنيف والي البصرة وهو من جلائل کتبه ورسائله ومشاهيرها، وقد رأيت ترجمته بلغات عديدة، ويمتاز هذا الکتاب عن غيره لأنه بقلم رئيس حکومة کان يحکم علي نصف الکرة الأرضية، وحياة الناس ومماتهم بين شفتيه، وکنوز الذهب والفضة تحت يده، ومع ذلک کله ومع تلک الإمکانيات اختار لنفسه أبسط معيشة وأزهد حياة لا يستطيع أي فرد من أفراد البشر أن يسلک طريقته ويکون مثله، ضع يدک علي من شئت وقارن بين حياته وحياة أميرالمؤمنين فيظهر لک صدق هذا الکلام، وتعرف أن الإمام هو الرجل الوحيد في مواهبه ومزاياه.

نستمع إلي کلامه ونقرأ کتابه بقلمه، فإنه أعرف بنفسه من غيره، ومهما ظهرت نفسيات الإنسان وصفاته واطلع عليها الناس ومع ذلک فإن في حياة الإنسان الداخلية والخارجية أسرارا وسرائرا وخفايا ونوايا لا يطلع عليها أحد إلا الله تعالي والإنسان نفسه، فالإنسان أبصر بنفسه من غيره وإلي هذا أشار القرآن الکريم بقوله تعالي: (بل الإنسان علي نفسه بصيرة).[2] .

لم يقصد الإمام (عليه السلام) من بيان هذه الأمور تزکية نفسه بل بيان حقائق عن شخصيته لا يستطيع أحد أن يناقشه فيها أو يکابر.

وهنا نقتطف من خطبه الشي ء اليسير ومن رسائله رسالة واحدة وفيها الکفاية.







  1. سورة القيامة، الآية: 14.
  2. سورة القيامة، الآية: 14.