معاني المولي











معاني المولي



ذکر اللغويون لکلمة (المولي) عشرين معني، وهذا هو سبب المناقشة في مفهوم الحديث، فيقول أصحاب القلوب المريضة: لم يظهر لنا المقصود من کلمة (مولاه)، ونجيب عن هذه المناقشة أو التشکيک بهذه الرواية المفسرة لمعني المولي، فقد روي أن عماراً سأل رسول الله (صلّي الله عليه وآله) عن معني قوله: (من کنت مولاه فعلي مولاه) قال رسول الله (صلّي الله عليه وآله): الله مولاي: أولي بي من نفسي لا أمر لي معه، وأنا مولي المؤمنين: أولي بهم من أنفسهم، ولا أمر لهم معي، ومن کنت مولاه: أولي به من نفسه لا أمر له معي، فعلي مولاه: أولي به من نفسه لا أمر له معه.

سبحان الله! ما يصنع رسول الله (صلّي الله عليه وآله) يعد هذا التفصيل والتشريح والبيان الکافي الموضح لکلامه والمبين لمقصوده؟ وهل أبقي لأحد شکا؟ وهل بقيت لأحد حجة علي الله؟ بل أتم الحجة علي الجميع، وأدي رسالة ربه علي أحسن ما يرام، وأفضل ما يمکن.

ولسيدنا الحجة المغفور له عبدالحسين شرف الدين (عليه الرحمة) بحث لطيف وتحقيق ظريف حول کلمة المولي نذکره تتميما للفائدة:

(فلو سألکم فلاسفة الأغيار عما کان منه يوم غدير خم فقال لماذا منع تلک الألوف المؤلفة يومئذ عن المسير؟ وعلي م حبسهم في تلک الرمضاء بهجير؟ وفيم اهتم بإرجاع من تقدم منهم وإلحاق من تأخر؟ ولم أنزلهم جميعا في ذلک العراء علي غير کلاء ولا ماء؟

ثم خطبهم عن الله عزوجل في ذلک المکان الذي منه يتفرقون ليبلغ الشاهد منهم الغائب، وما المقتضي لنعي نفسه إليهم في مستهل خطابه؟ إذ قال: (يوشک أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وإني مسؤول وإنکم مسؤولون) وأي أمر يسأل النبي (صلّي الله عليه وآله)، عن تبليغه؟ وتسأل الأمة عن طاعتها فيه؟ ولماذا سألهم فقال: ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن جنته حق، وأن ناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث حق بعد الموت، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلي نشهد بذلک ولماذا أخذ حينئذ علي سبيل الفور بيد علي فرفعها حتي بان بياض إبطيه؟ فقال: يا أيها الناس إن الله مولاي، وأنا مولي المؤمنين، ولماذا فسر کلمته وأنا مولي المؤمنين بقوله: وأنا أولي بهم من أنفسهم؟ ولماذا قال بعد هذا التفسير: فمن کنت مولاه فهذا مولاه، أو من کنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، ولِمَ خصّه بهذه الدعوات التي لا يليق لها إلا أئمة الحق وخلفاء الصدق؟؟ ولماذا أشهدهم من قبل، فقال ألست أولي بکم من أنفسکم؟

فقالوا: بلي.

فقال: من کنت مولاه، فعلي مولاه، أو من کنت وليه، فعلي وليه؟ ولماذا قرن العترة بالکتاب؟ وجعلها قدوة لأولي الألباب إلي يوم الحساب؟ وفيم هذا الاهتمام العظيم من هذا النبي الحکيم؟ وما المهمة التي احتاجت إلي هذه المقدمات کلها؟ وما الغاية التي توخاها في هذا الموقف المشهور؟ وما الشي ء الذي أمره الله تعالي بتبليغه إذ قال عز من قائل: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليک من ربک وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمک من الناس)[1] وأي مهمة استوجبت من الله هذا التأکيد؟ واقتضت الحض علي تبليغها بما يشبه التهديد؟ وأي أمر يخشي النبي الفتنة بتبليغه؟ ويحتاج إلي عصمة الله من أذي المنافقين ببيانه؟ أکنتم بجدک لو سألکم عن هذا کله تجيبونه بأن الله عزوجل ورسوله (صلّي الله عليه وآله) إنما أراد بيان نصرة علي للمسلمين وصداقته لهم، ليس إلا؟ ما أراکم ترضون هذا الجواب، ولا أتوهم أنکم ترون مضمونه جائزا علي رب الأرباب، ولا علي سيد الحکماء، وخاتم الرسل والأنبياء وأنتم أجل من أن يصرف هممه کلها، وعزائمه بأسرها إلي تبيين شي ء بين لا يحتاج إلي بيان، وتوضيح أمر واضح بحکم الوجدان والعيان، ولا شک أنکم تنزهون أفعاله وأقواله عن أن تزدري بها العقلاء، أو ينتقدها الفلاسفة والحکماء بل لا ريب في أنکم تعرفون مکانة قوله وفعله من الحکمة والعصمة، وقد قال الله تعالي: (إنه لقول رسول کريم ذي قوة عند ذي العرش مکين مطاع ثم أمين وما صاحبکم بمجنون)[2] فيهتم بتوضيح الواضحات وتبيين ما هو بحکم البديهيات، ويقدم لتوضيح هذا الواضح مقدمات أجنبية ولا ربط له بها ولا دخل لها فيه، تعالي الله عن ذلک ورسوله علواً کبيراً وأنت نصر الله بک الحق تعلم أن الذي يناسب مقامه في ذلک الهجير ويليق بأفعاله وأقواله يوم الغدير، إنما تبليغ عهده، وتعيين القائم من بعده، والقرائن اللفظية، والأدلة العقلية، توجب القطع الثابت الجازم بأنه (صلّي الله عليه وآله) ما أراد يومئذ إلا تعيين علي وليا لعهده، وقائما من بعده، فالحديث مع ما قد حفّ به من القرائن نص جلي في خلافة علي لا يقبل التأويل، وليس إلي صرفه عن هذا المعني من سبيل، وهذا واضح (لمن کان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد).[3] .

أما القرينة التي زعموها فجزاف وتضليل، ولباقة في التخليط والتهويل، لأن النبي (صلّي الله عليه وآله) بعث عليا إلي اليمن مرتين، والأولي کانت سنة ثمان وفيها أرجف المرجفون به وشکوه إلي النبي بعد رجوعهم إلي المدينة، فأنکر عليهم ذلک حتي أبصروا الغضب في وجهه، فلم يعودوا لمثلها، والثانية کانت سنة عشر وفيها عقد النبي له اللواء وعممه (صلّي الله عليه وآله) بيده، وقال له: امض ولا تلتفت.

فمضي لوجهه راشداً مهدياً، حتي أنفذ أمر النبي، ووافاه (صلّي الله عليه وآله) في حجة الوداع، وقد أهلّ بما أهلّ به رسول الله فأشرکه (صلّي الله عليه وآله) بهديه، وفي تلک المرة لم يرجف به مرجف، ولا تحامل عليه مجحف، فکيف يمکن أن يکون الحديث مسبباً عما قاله المعترضون؟ أو مسوقاً للرد علي أحد کما يزعمون.

علي أن مجرد التحامل علي علي، لا يمکن أن يکون سبباً لثناء النبي عليه، بالشکل الذي أشاد به (صلّي الله عليه وآله) علي منبر الحدائج يوم خم، إلا أن يکون والعياذ بالله مجازفاً في أقواله وأفعاله، وهممه وعزائمه، وحاشا قدسي حکمته البالغة، فإن الله سبحانه يقول: (إنه لقول رسول کريم وما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون ولا بقول کاهن قليلا ما تذکرون تنزيل من رب العالمين)[4] ولو أراد مجرد بيان فضله، والرد علي المتحاملين عليه، لقال: هذا ابن عمي، وصهري وأبوولدي، وسيد أهل بيتي، فلا تؤذوني فيه، أو نحو ذلک من الأقوال الدالة علي مجرد الفضل وجلالة القدر.

علي أن لفظ الحديث لا يتبادر إلي الأذهان منه إلا ما قلناه، فليکن سببه مهما کان، فإن الألفاظ إنما تحمل علي ما يتبادر إلي الإفهام منها، ولا يلتفت إلي أسبابها کما لا يخفي.

وأما ذکر أهل بيته في حديث الغدير، فإنه من مؤيدات المعني الذي قلناه، حيث قرنهم بمحکم الکتاب وجعلهم قدوة لأولي الألباب، فقال: إني تارک فيکم ما إن تمسکتم به لن تضلوا: کتاب الله، وعترتي أهل بيتي.

وإنما فعل ذلک لتعلم الأمة أن لا مرجع بعد نبيها إلا إليهما، ولا معول لها من بعده إلا عليها وحسبک في وجوب إتباع الأئمة من العترة الطاهرة اقترانهم بکتاب الله عزوجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فکما لا يجوز الرجوع إلي کتاب يخالف في حکمه کتاب الله سبحانه وتعالي، لا يجوز الرجوع إلي إمام يخالف في حکمه أئمة العترة، وقوله (صلّي الله عليه وآله): إنهما لن ينقضيا أو لن يفترقا حتي يردا علي الحوض، دليل علي أن الأرض لن تخلو بعده من إمام منهم، وهو عدل الکتاب، ومن تدبر الحديث وجده يرمي إلي حصر الخلافة في أئمة العترة الطاهرة، ويؤيد ذلک ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله (صلّي الله عليه وآله): إني تارک فيکم خليفتين: کتاب الله حبل ممدود من السماء إلي الأرض، وعترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض الخ...

وهذا نص في خلافة أئمة العترة (عليهم السلام).

وأنت تعلم أن النص علي وجوب إتباع العترة نص علي وجوب إتباع علي، وهو سيد العترة لا يدافع، وإمامها لا ينازع، فحديث الغدير وأمثاله، يشتمل علي النص علي علي تارة، من حيث أنه إمام العترة، المنزلة من الله ورسوله منزلة الکتاب، وأخري من حيث شخصه العظيم وأنه ولي کل من کان رسول الله وليه، انتهي کلام السيد (ره).

أقول: وقد نظم الشعراء من المسلمين وغيرهم علي اختلاف لغاتهم قصائد متينة فاخرة اشتهرت علي مر القرون، تعطر بها المحافل والنوادي، وينشدها الغادي والبادي، ويترنم بها الموالي والمغالي، وقد ألف علماؤنا موسوعات کبيرة تتضمن الکثير من أشعارهم وقصائدهم وتراجمهم، ومن تلک الموسوعات موسوعة الغدير لشيخنا المفضال الحجة المرحوم الشيخ عبدالحسين الأميني (قدس سره)، فلقد کانت موسوعته إحدي مصادر حديثنا في هذه الليالي.

ومن جملة الذين نظموا واقعة الغدير هو سيدنا ومولانا أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقد قال:


محمد النبي أخي وصنوي
وحمزة سيد الشهداء عمي


وجعفر الذي يضحي ويمسي
يطير مع الملائکة ابن أمي


وبنت محمد سکني وعرسي
منوط لحمها بدمي ولحمي


وسبطا أحمد ولداي منها
فأيکم له سهم کسهمي


سبقتکم إلي الإسلام طراً
علي ما کان من فهمي وعلمي


فأوجب لي ولايته عليکم
رسول الله يوم غدير خم


(الأبيات بصورة أخري).

أخرج الإمام علي بن أحمد الواحدي عن أبي هريرة قال: اجتمع عدة من أصحاب رسول الله (صلّي الله عليه وآله) منهم أبوبکر، وعمر، وعثمان، وطلحة، والزبير، والفضل بن العباس، وعمار، وعبدالرحمن بن عوف، وأبوذر، والمقداد، وسلمان، وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين، فجلسوا وأخذوا في مناقبهم، فدخل عليهم علي (عليه السلام) فسألهم فيم أنتم؟ قالوا: نتذاکر مناقبنا مما سمعناه من رسول الله.

فقال علي (عليه السلام) اسمعوا مني ثم أنشأ يقول:


لقد علم الأناس بأن سهمي
من الإسلام يفضل کل سهم


وأحمد النبي أخي وصهري
عليه الله صلي وابن عمي


وإني قائد للناس طراً
إلي الإسلام من عرب وعجم


وقاتل کل صنديد رئيس
وجبار من الکفار ضخم


وفي القرآن ألزمهم ولائي
وأوجب طاعتي فرضاً بعزم


کما هارون من موسي أخوه
کذاک أنا أخوه وذاک اسمي


لذاک أقامني لهم إماماً
وأخبرهم به بغدير خم


فمن منکم يعادلني بسهمي
وإسلامي وسابقتي ورحمي


فويل ثم ويل ثم ويل
لمن يلقي الإله غداً بظلمي


وويل ثم ويل ثم ويل
لجاحد طاعتي ومريد هضمي


وويل للذي يشقي سفاهاً
يريد عداوتي من غير جرم


ومنهم حسان بن ثابت شاعر النبي (صلّي الله عليه وآله).

ذکر طائفة کبيرة من أعلام الإمامية والسنة أنه نصب رسول الله (صلّي الله عليه وآله) علياً يوم غدير خم بالخلافة قال حسان بن ثابت: يا رسول الله أقول في علي شعراً؟ فقال رسول الله (صلّي الله عليه وآله): افعل، فقال:


يناديهم يوم الغدير نبيهم
بخمٍ وأسمع بالنبي مناديا


وقد جاءه جبريل عن أمر ربه
بأنک معصوم فلا تک وانيا


وبلغهم ما أنزل الله ربهم
إليک ولا تخشي هناک الأعاديا


فقام به إذ ذاک رافع کفه
بکف علي معلن الصوت عاليا


فقال: فمن مولاکم ووليکم؟
فقالوا ولم يبدوا هناک تعاميا


إلهک مولانا وأنت ولينا
ولن تجدن فينا لک اليوم عاصيا


فقال له: قم يا علي فإنني
رضيتک من بعدي إماماً وهاديا


فمن کنت مولاه فهذا وليه
فکونوا له أنصار صدق مواليا


هناک دعا: اللهم وال وليه
وکن للذي عادي علياً معاديا


فيا رب أنصر ناصريه لنصرهم
إمام هدي کالبدر يجلو الدياجيا


فلما فرغ حسان مؤيداً من هذا القول قال له النبي (صلّي الله عليه وآله): لا تزال يا حسان مؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانک.

کانت واقعة الغدير من أشهر الأمور الثابتة عند الصحابة والتابعين، ولهذا روي عنهم ذلک نظماً ونثراً، ويمکن لنا أن نقول: إن ثبوت الخلافة والولاية لعلي (عليه السلام) عند الصحابة کان کثبوت نبوة محمد (صلّي الله عليه وآله) عند المسلمين.

ومنهم: قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري سيد الخزرج، قام بين يدي أميرالمؤمنين (عليه السلام) بصفين وقال:


قلت لما بغي العدو علينا
حسبنا ربنا ونعم الوکيل


حسبنا ربنا الذي فتح البص
رة بالأمس والحديث طويل


ويقول فيها:


وعلي إمامنا وإمام
لسوانا أتي به التنزيل


يوم قال النبي: من کنت مولا
ه فهذا مولاه خطب جليل


إن ما قاله النبي علي الأمة
حتم ما فيه قال وقيل


ومنهم عمرو بن العاص العدو اللدود للإمام أميرالمؤمنين (عليه السلام) فلقد أشار في قصيدته الجلجلية إلي واقعة الغدير، ومهما حاول العدو کتمان فضائل خصمه فإن الحق قد يطفح من لسانه، قال في خطابه لمعاوية:


معاوية الحال لا تجهل
وعن سبل الحق لا تعدل


نسيت احتيالي في جلّقٍ
علي أهلها يوم لبس الحلي


إلي أن يقول:


نصرناک من جهلنا يا بن هند
علي النبأ الأعظم الأفضل


وحيث رفعناک فوق الرؤوس
نزلنا إلي أسفل الأسفل


وکم قد سمعنا من المصطفي
وصايا مخصصة في علي


وفي يوم خم رقي منبراً
يبلغ والرکب لم يرحل


وفي کفه کفه معلناً
ينادي بأمر العزيز العلي


ألست بکم منکم في النفوس
بأولي؟ فقالوا: بلي فافعل


فأنحله إمرة المؤمنين
من الله مستخلف المنحل


وقال: فمن کنت مولي له
فهذا له اليوم نعم الولي


فوالِ مواليه يا ذا الجلا
ل، وعاد معادي أخ المرسل


ولا تنقضوا العهد من عترتي
فقاطعهم بي لم يوصل


فبخبَخَ شيخک لما رأي
عُري عقد حيدر لم تحلل


فقال: وليکم فاحفظوه
فمدخله فيکم مدخلي


إلي آخر القصيدة وهي ستة وستون بيتا.

ومن شعراء القرن الثاني الذين تطرقوا إلي واقعة الغدير هو أبوالمستهل الکميت بن زيد الأسدي قال في عينيته:


نفي عن عينک الأرق الهجوعا
وهمٌّ يمتري منها الدموعا


إلي أن يقول:


لدي الرحمن يصدع بالمثاني
وکان له أبوحسن قريعا


وأصفاه النبي علي اختيار
بما أعيي الرفوض له المذيعا


ويوم الدوح دوح غدير خُمٍّ
أبان له الولاية لو أطيعا


ولکن الرجال تبايعوها
فلم أر مثلها خطراً مبيعا


فلم أبلغ بها لعنا ولکن
أساء بذاک أولهم صنيعا


فصار بذاک أقربهم لعدل
إلي جور وأحفظهم مضيعا


أضاعوا أمر قائدهم فضلّوا
وأقومهم لدي الحدثان ريعا


تناسوا حقه وبغوا عليه
بلا ترة وکان لهم قريعا


إلي آخر القصيدة.

ومنهم السيد إسماعيل بن محمد الحميري فقد ذکر قصة الغدير في کثير من قصائده فمنها قوله:


يا بايع الدين بدنياه
ليس بهذا أمر الله


من أين أبغضت علي الوصي
وأحمد قد کان يرضاه


من الذي أحمد في بينهم
يوم غدير الخم ناداه


أقامه من بين أصحابه
وهم حواليه فسماه:


هذا علي بن أبي طالب
مولي لمن قد کنت مولاه


فوال من والاه يا ذا العلا
وعاد من قد کان عاداه


ومن قصائده:


هلا وقفت علي المکان المعشب
بين الطويلع فاللوي من کبکب


ويقول فيها:


وبخُم إذ قال الإله بعزمه:
قم يا محمد في البرية فاخطب


وانصب أباحسن لقومک إنه
هاد، وما بلّغت إن لم تنصب


فدعاه ثم دعاهم فأقامه
لهم، فبين مصدّق ومکذب


جعل الولاية بعده لمهذب
ما کان يجعلها لغير مهذب


وله مناقب لا ترام متي يرد
ساع تناول بعضها يتذبذب


إنا ندين بحب آل محمد
ديناً ومن يحببهم يستوجب


منا المودة والولاء ومن يرد
بدلاً بآل محمد لا يحبب


ومتي يمت يرد الجحيم ولا يرد
حوض الرسول وإن يرده يضرب


إلي آخر القصيدة.

ومن فرائده القصيدة العينية المعروفة:


لأم عمرو باللوي مربع
طامسة أعلامها بلقع


إلي أن يقول:


عجبت من قوم أتوا أحمدا
بخطبة ليس لها موضع


قالوا له: لو شئت أعلمتنا
إلي من الغاية والمفزع؟


إذا توفيت وفارقتنا
وفيهم في الملک من يطمع؟


فقال: لو أعلمتکم مفزعاً
کنتم عسيتم فيه أن تصنعوا


صنيع أهل العجل إذ فارقوا
هارون فالترک له أوسع


وفي الذي قال بيان لمن
کان إذا يعقل أو يسمع


ثم أتته بعد ذا عزمة
من ربه ليس لها مدفع:


بلّغ وإلا لم تکن مبلغاً
والله منهم عاصم يمنع


فعندها قام النبي الذي
کان بما يأمر به يصدع


يخطب مأموراً وفي کفه
کف علي ظاهر تلمع


رافعها، أکرم بکف الذي
يرفع والکف الذي تُرفع


يقول والأملاک من حوله
والله فيهم شاهد يسمع:


من کنت مولاه فهذا له
مولي فلم يرضوا ولم يقنعوا


فاتهموه وحنت فيهم
علي خلاف الصدق الأصلع


وضلّ قوم غاظهم فعله
کأنما آنافهم تجدع


حتي إذا واروه في لحده
وانصرفوا عن دفنه ضيعوا


ما قال بالأمس وأوصي به
واشتروا الضر بما ينفع


إلي آخر القصيدة وهي أربعة وخمسون بيتا.







  1. سورة المائدة، الآية: 67.
  2. سورة التکوير، الآيات: 19 و 22.
  3. سورة ق، الآية: 37.
  4. سورة الحاقة، الآيات: 43-40.