علي يكسر الأصنام











علي يکسر الأصنام



روي أبوبکر الشيرازي...

عن أبي هريرة قال: قال لي جابر بن عبدالله: دخلنا مع النبي مکة، وفي البيت وحوله ثلاث مائة وستون صنماً فأمر بها رسول الله (صلي الله عليه وآله) فألقيت کلها لوجوهها، وکان علي البيت صنم طويل يقال له (هبل) فنظر النبي (صلّي الله عليه وآله) إلي علي (عليه السلام) وقال له: يا علي ترکب (تصعد) أو أرکب عليک لألقي هبل عن ظهر الکعبة؟ قلت: يا رسول الله بل ترکبني فلما جلس علي ظهري لم أستطع حمله لثقل الرسالة، قلت: يا رسول الله بل أرکبک، فضحک ونزل وطأطأ لي ظهره واستويت عليه، فو الذي فلق الحبة وبرئ النسمة لو أردت أن أمسک السماء لمسکتها بيدي!! فألقيت هبل عن ظهر الکعبة، فأنزل الله تعالي: (وقل جاء الحق وزهق الباطل).[1] .

وروي أحمد بن حنبل وأبوبکر الخطيب بإسناده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: انطلق بي رسول الله (صلّي الله عليه وآله) إلي الأصنام فقال: اجلس، فجلست إلي جنب الکعبة ثم صعد رسول الله علي منکبي ثم قال لي: انهض بي إلي الصنم، فنهضت به، فلما رأي ضعفي عنه قال: اجلس فجلست وأنزلته عني، وجلس لي رسول الله (صلّي الله عليه وآله) ثم قال لي: اصعد يا علي، فصعدت علي منکبه ثم نهض بي رسول الله (صلّي الله عليه وآله) فلما نهض بي خيّل لي أني لو شئت نلت السماء وصعدت علي الکعبة، وتنحي رسول الله (صلّي الله عليه وآله) فألقيت صنمهم الأکبر صنم قريش، وکان من نحاس موتداً بأوتاد من حديد إلي الأرض.

الحديث بصورة أخري:

روي إسماعيل بن محمد الکوفي في خبر طويل عن ابن عباس أنه کان صنم لخزاعة من فوق الکعبة، فقال له النبي (صلّي الله عليه وآله): يا أباالحسن انطلق بنا نلقي هذا الصنم عن البيت، فانطلقا ليلاً فقال له: يا أباالحسن ارق علي ظهري، وکان طول الکعبة أربعين ذراعاً، فحمله رسول الله (صلّي الله عليه وآله) فقال: انتهيت يا علي؟ قال: والذي بعثک بالحق لو هممت أن أمس السماء بيدي لمسستها.

واحتمل الصنم وجلد به الأرض فتقطع قطعاً، ثم تعلق بالميزاب وتخلي بنفسه إلي الأرض، فلما سقط ضحک، فقال النبي (صلّي الله عليه وآله): ما يضحکک يا علي أضحک الله سنک؟ قال: ضحکت يا رسول الله تعجباً من أني رميت بنفسي من فوق البيت إلي الأرض فما ألمت ولا أصابني وجع! فقال: کيف تألم يا علي أو يصيبک وجع إنما رفعک محمد وأنزلک جبرائيل..

وفي علل الشرائع وجامع الأخبار عن محمد بن حرب الهلالي أمير المدينة قال: سألت جعفر بن محمد (الصادق) (عليه السلام) فقلت له: يا ابن رسول الله في نفسي مسألة أريد أن أسألک عنها.

فقال: إن شئت أخبرتک بمسألتک قبل أن تسألني وإن شئت فاسأل قال قلت له: يا ابن رسول الله وبأي شي ء تعرف ما في نفسي قبل سؤالي؟ فقال بالتوسم والتفرس، أما سمعت قول الله عزوجل: (إن في ذلک لآيات للمتوسمين)[2] وقول رسول الله (صلّي الله عليه وآله): (اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله)؟ قال: فقلت له: يا ابن رسول الله فأخبرني بمسألتي قال: أردت أن تسألني عن رسول الله لم لم يطق حمله علي (عليه السلام) عند حط الأصنام من سطح الکعبة مع قوته وشدته ومع ما ظهر منه في قلع باب القوم بخيبر والرمي به إلي ورائه أربعين ذراعاً؟ وکان لا يطيق حمله أربعون رجلاً؟ وقد کان رسول الله (صلّي الله عليه وآله) يرکب الناقة والفرس والحمار ورکب البراق ليلة المعراج وکل ذلک دون علي في القوة والشدة؟ قال: فقلت له: عن هذا والله أردت أن أسألک يا ابن رسول الله فأخبرني.

فقال (عليه السلام): إن علياً برسول الله تشرف، وبه ارتفع وبه وصل إلي أن أطفأ نار الشرک وأبطل کل معبود من دون الله عزوجل ولو علاه النبي (صلّي الله عليه وآله) لحط الأصنام لکان بعلي مرتفعاً وشريفاً واصلاً إلي حط الأصنام، ولو کان ذلک کذلک لکان أفضل منه، ألا تري أن علياً (عليه السلام) قال: (لما علوت ظهر رسول الله شرفت وارتفعت حتي لو شئت أن أنال السماء لنلتها)؟ أما علمت أن المصباح هو الذي يهتدي به في الظلمة وانبعاث فرعه من أصله وقد قال علي (عليه السلام): (أنا من أحمد کالضوء من الضوء!).







  1. سورة الإسراء، الآية: 81.
  2. سورة الحجر، الآية: 75.