خبر الطائر المشوي











خبر الطائر المشوي



في احتجاج الطبرسي: عن الإمام الصادق عن آبائه عن علي (عليه السلام) قال: کنت أنا ورسول الله (صلّي الله عليه وآله) في المسجد بعد أن صلي الفجر، ثم نهض ونهضت معه، وکان إذا أراد أن يتجه إلي موضع أعلمني بذلک فکان إذا أبطأ في الموضع صرت إليه لأعرف خبره، لأنه لا يتقار (لا يسکن) قلبي علي فراقه ساعة واحدة، فقال لي: إنه متجه إلي بيت عائشة.

فمضي ومضيت إلي بيت فاطمة (عليهاالسلام) فلم أزل مع الحسن والحسين، وهي وأنا مسروران بهما، ثم إني نهضت وصرت إلي باب عائشة فطرقت الباب فقالت لي عائشة: من هذا؟ فقلت لها: أنا علي، فقالت: إن النبي راقد، فانصرفت، ثم قلت: النبي راقد وعائشة في الدار؟! فرجعت وطرقت الباب فقالت لي عائشة: من هذا؟ فقلت أنا علي.

فقالت: إن النبي علي حاجة، فانثنيت (انصرفت) مستحيياً من دقي الباب، ووجدت في صدري ما لا أستطيع عليه صبراً، فرجعت مسرعاً فدققت الباب دقاً عنيفاً فقالت لي عائشة: من هذا؟ قلت: أنا علي، فسمعت رسول الله (صلّي الله عليه وآله) يقول لها: يا عائشة افتحي له الباب، ففتحت فدخلت فقال لي: اقعد يا أباالحسن، أحدثک بما أنا فيه أو تحدثني بإبطائک عني، فقلت: يا رسول الله حدثني، فإن حديثک أحسن.

فقال: يا أباالحسن کنت في أمر کتمته من ألم الجوع، فلما دخلت بيت عائشة وأطلت القعود ليس عندها شي ء تأتي به مددت يدي وسألت الله القريب المجيب، فهبط علي حبيبي جبرائيل ومعه هذا الطير ووضع إصبعه علي طائر بين يديه فقال جبرائيل: إن الله عزوجل أوحي إلي أن آخذ هذا الطير وهو أطيب طعام في الجنة فآتيک به يا محمد.

فحمدت الله کثيراً، وعرج جبرائيل فرفعت يدي إلي السماء فقلت: اللهم يسر عبداً يحبک ويحبني يأکل معي من هذا الطائر، فمکثت ملياً فلم أر أحداً يطرق الباب، فرفعت يدي، ثم قلت: اللهم يسر عبداً يحبک ويحبني وتحبه وأحبه يأکل معي من الطائر، فسمعت طرقک للباب، وارتفاع صوتک فقلت لعائشة: أدخلي علياً، فدخلت، فلم أزل حامداً لله حتي بلغت إلي إذ کنت تحب الله وتحبني، ويحبک الله وأحبک فکل يا علي.

فلما أکلت أنا والنبي الطائر قال لي: يا علي حدثني، فقلت: يا رسول الله لم أزل منذ فارقتک أنا وفاطمة والحسن والحسين مسرورين جميعاً، ثم نهضت أريدک، فجئت فطرقت الباب، فقالت لي عائشة: من هذا؟ فقلت: أنا علي.

فقالت: إن النبي راقد.

فانصرفت، فلما أن صرت إلي الطريق الذي سلکته رجعت فقلت: إن النبي راقد وعائشة في الدار؟ لا يکون هذا!! فجئت فطرقت الباب فقالت لي: من هذا؟ فقلت: أنا علي.

فقالت: النبي علي حاجة فانصرفت مستحيياً.

فلما انتهيت إلي الموضع الذي رجعت منه أول مرة وجدت في قلبي ما لا أستطيع عليه صبراً، وقلت: النبي علي حاجة وعائشة في الدار؟ فرجعت فدققت الباب الذي سمعته يا رسول الله، فسمعتک يا رسول الله تقول لها: أدخلي علياً.

فقال النبي (صلّي الله عليه وآله): أبي الله إلا أن يکون الأمر هکذا، يا حميراء ما حملک علي هذا؟ فقالت: يا رسول الله اشتهيت أن يکون أبي يأکل من هذا الطير...

الخ.

في مناقب ابن شهر آشوب: روي حديث الطير جماعة منهم: الترمذي في جامعه، وأبونعيم في حلية الأولياء، والبلاذري في تاريخه، والخرکوشي في شرف المصطفي، والسمعاني في فضائل الصحابة، والطبري في الولاية، وابن البيع في الصحيح، وأبويعلي في المسند، وأحمد في الفضائل والنطنزي في الاختصاص.

وقد رواه محمد بن يحيي الأزدي، وسعيد والمازني وابن شاهين والسدي، وأبوبکر البيهقي، ومالک وإسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة وعبدالملک بن عمير، ومسعر بن کدام، وداوود بن علي بن عبدالله بن عباس وأبوحاتم الرازي بأسانيدهم عن أنس وابن عباس وأم أيمن.

ورواه ابن بطة في الإبانة من طريقين، والخطيب وأبوبکر في تاريخ بغداد من سبعة طرق.

وقد صنف أحمد بن محمد بن سعيد کتاب الطير، وقال القاضي أحمد: قد صح عندي حديث الطير.

وقال أبوعبدالله البصري، إن طريقة أبي عبدالله الجبائي في تصحيح الأخبار تقتضي القول بصحة هذا الخبر لإيراده يوم الشوري فلم ينکر.

قال الشيخ: قد استدل به أميرالمؤمنين (عليه السلام) علي فضله في قصة الشوري بمحضر من أهلها، فما کان فيهم إلا من عرفه وأقر به، والعلم بذلک کالعلم بالشوري نفسها، فصار متواتراً، وليس في الأمة علي اختلافها من دفع هذا الخبر.

وحدثني أبوالعزيز کادش العکبري عن أبي طالب الحربي العشاري عن ابن شاهين الواعظ في کتابه: (ما قرب سنده) قال: حدثني نصر بن أبي القاسم الفرائضي، قال: قال محمد بن عيسي الجوهري قال: قال نعيم بن سالم بن قنبر، قال: قال أنس بن مالک...

الخبر.

وقد أخرجه علي بن إبراهيم في کتابه قرب الإسناد، وقد رواه خمسة وثلاثون رجلاً من الصحابة عن أنس، وعشرة عن رسول الله (صلّي الله عليه وآله) فقد صح أن الله تعالي والنبي يحبانه، وما صح ذلک لغيره، فيجب الاقتداء به.

ومن نسب خبر الطائر إليه قصر الإمامة عليه.