علي والخصائص











علي والخصائص



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله کما يجب ويرضي والصلاة علي محمد المصطفي وأخيه المرتضي وآله الأصفياء.

قال الله تبارک وتعالي: (أم يحسدون الناس علي ما آتاهم الله من فضله)[1] کلامنا الليلة حول شي ء يسير من خصائص أميرالمؤمنين (عليه السلام) وفضائله المختصة به، ولا شک أن في الناس من تشمله العناية الإلهية ويساعده التوفيق أو الحظ فتتوفر فيه النعم والمواهب والفضائل فيمتاز عن غيره وتتکون له شخصية بارزة في النفوس يذکر ويشکر عليها.

وفي الوقت نفسه نجد أفراداً حرموا من تلک المواهب لعدم استعدادهم أو عدم توفر الظروف المساعدة لهم، فلا تکون لهم في المجتمع أي وزن وقيمة وکرامة، وهذه الطبقة المسکينة تتکون عندهم عقدة الحقارة النفسية فيحسبون أنفسهم منبوذين لفقدانها المزايا والفضائل، ويشتد شعورهم بالحقارة النفسية فتهون عليهم أنفسهم، وإرضاء لغرائزهم المتکونة من تلک العقدة، يحاولون سلب الخصائص الموجودة عن المنعمين بها، أو انتقاصهم والمس بکرامتهم والتشنيع عليهم إجابة للحسد الذي يحز في صدورهم ولا شک أن عدد الفاقدين للفضائل أکثر من الواجدين لها، وعلي هذا نري أصحاب النعم والمواهب محسودين وکلما ازدادوا فضيلة ازداد عدد حسادهم!! ولا يقف أمام الحسد شي ء إلا الإيمان بالله والرضي بالتقدير أو السعي والاهتمام في تحصيل تلک المزايا والفضائل الموجودة في المحسود فتحصل المشارکة معه ويزول الاختصاص عنه.

وکان رسول الله (صلّي الله عليه وآله) وأهل بينه (عليهم السلام) هم المحسودون في کل زمان ومکان للسبب المتقدم ذکره، وقد وردت أحاديث في تفسير الآية التي افتتحنا بها الکلام أن المقصود من (الناس) في قوله تعالي: (أم يحسدون الناس علي ما آتاهم الله من فضله)[2] هم عترة رسول الله (صلّي الله عليه وآله).

ونذکر في هذه الليلة بعض خصائص الإمام (عليه السلام) وقد مر عليکم فيما سبق شي ء من ذلک، ويمکن لنا أن نقول: أن فضائل الإمام (عليه السلام) کلها خصائص منحصرة به لا يشارکه فيها أحد من الناس.

ومن جملة ذلک: حديث رد الشمس لعلي (عليه السلام).

أما الشيعة فلا يشکون في قدرة الله تعالي، ويعتقدون أن الله تعالي هو خالق الشمس، وخالق الشمس قادر علي ردها بعد الغروب، وليس ذلک محالاً عقلاً ولا قدرة وليس من قبيل اجتماع الضدين أو النقيضين، وکذلک لا يشکون في استجابة دعاء النبي (صلّي الله عليه وآله) ومسألته من الله تعالي أن يرد الشمس لعلي (عليه السلام) ليصلي صلاة العصر.

والشيعة يعتقدون أن علياً (عليه السلام) مستجاب الدعوة بالإضافة إلي منزلته الرفيعة ودرجاته العالية عند الله تعالي، وبناء علي هذا يعتقدون صحة هذا الخبر.

أما لفظ الحديث فعن أسماء بنت عميس: أن رسول الله (صلّي الله عليه وآله) صلي الظهر بالصهباء من أرض خيبر، ثم أرسل علياً في حاجة، فجاء وقد صلي رسول الله العصر، فوضع رأسه في حجر علي ولم يحرکه حتي غربت الشمس فقال رسول الله (صلّي الله عليه وآله): اللهم إن عبدک علياً احتبس نفسه علي نبيه فرد عليها شرقها.

قالت أسماء: فطلعت الشمس حتي رفعت علي الجبال فقام فتوضأ وصلي العصر ثم غابت الشمس.

أما المحدثون من الشيعة فکلهم متفقون علي هذه الفضيلة وذکروها في کتبهم وموسوعاتهم، ولقد ذکروا أن هذه الفضيلة وقعت مرتين: مرة علي عهد رسول الله (صلّي الله عليه وآله) ومرة أخري أيام خلافة الإمام (عليه السلام) ومروره علي أرض بابل بالقرب من مدينة الحلة، کما روي ذلک نصر بن مزاحم بإسناده عن عمر قال: حدثني عمر بن عبدالله بن يعلي بن مرة الثقفي عن أبيه عن عبد خير قال: کنت مع علي أسير في أرض بابل وحضرت الصلاة صلاة العصر، قال: فجعلنا لا نأتي مکاناً إلا رأيناه أقبح من الآخر حتي أتينا علي مکان أحسن ما رأينا، وقد کادت الشمس أن تغيب فنزل علي ونزلت معه، فدعا الله فرجعت الشمس کمقدارها من صلاة العصر، فصلينا العصر ثم غابت الشمس... الخ.

وفي علل الشرائع: عن جويرية بن مسهر قال: قطعنا مع أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) جسر الصلاة في وقت العصر، فقال: إن هذه أرض معذبة، لا ينبغي لنبي ولا وصي نبي أن يصلي فيها، فمن أراد منکم أن يصلي فيها فليصل.

فتفرق الناس يمنة ويسرة يصلون، فقلت أنا: والله لأقلدن هذا الرجل صلاتي اليوم، ولا أصلي حتي يصلي.

فسرنا وجعلت الشمس تسفل وجعل يدخلني من ذلک أمر عظيم حتي وجبت (غابت) الشمس، وقطعنا الأرض، فقال: يا جويرية أذّن.

فقلت: تقول أذّن وقد غابت الشمس، فقال: يا جويرية أذّن.

فأذنت ثم قال لي: أقم.

فأقمت فلما قلت: (قد قامت الصلاة) رأيت شفتيه يتحرکان، وسمعت کلاماً کأنه کلام العبرانية، فارتفعت الشمس حتي صارت في مثل وقتها في العصر فصلي، فلما انصرف هوت إلي مکانها واشتبکت النجوم، فقلت: أنا أشهد أنک وصي رسول الله.

فقال يا جويرية أما سمعت الله عزوجل يقول: (فسبح باسم ربک العظيم).[3] .

فقلت: بلي.

قال: فإني سألت الله باسمه العظيم فردها علي.

وهنا حديث يجمع بين المرتين اللتين ردت الشمس لعلي (عليه السلام) فيها.

في البحار ج 9 عن إرشاد المفيد: (مما أظهره الله تعالي من الأعلام الباهرة علي يد أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ما استفاضت به الأخبار ورواه علماء السير والآثار ونظمت فيه الشعراء الأشعار، رجوع الشمس له (عليه السلام) مرتين: في حياة النبي (صلّي الله عليه وآله) مرة وبعد وفاته (صلّي الله عليه وآله) أخري، وکان من حديث رجوعها عليه في المرة الأولي ما روته أسماء بنت عميس وأم سلمة زوجة النبي (صلّي الله عليه وآله) وجابر بن عبدالله الأنصاري وأبوسعيد الخدري في جماعة من الصحابة أن النبي (صلّي الله عليه وآله) کان ذات يوم في منزله وعلي (عليه السلام) بين يديه إذ جاءه جبرائيل (عليه السلام) يناجيه عن الله سبحانه، فلما تغشاه الوحي توسد فخذ أميرالمؤمنين (عليه السلام) فلم يرفع رأسه عنه حتي غربت العصر، فصلي أميرالمؤمنين (عليه السلام) جالساً يومئ برکوعه وسجوده إيماء، فلما أفاق من غشيته (صلّي الله عليه وآله) قال لأميرالمؤمنين (عليه السلام): أفاتتک صلاة العصر؟ قال: لم أستطع أن أصليها قائماً لمکانک يا رسول الله والحال التي کنت عليها في استماع الوحي، فقال له ادع الله حتي يرد عليک الشمس لتصليها قائماً في وقتها کما فاتتک فإن الله تعالي يجيبک بطاعتک لله ورسوله، فسأل أميرالمؤمنين (عليه السلام) الله في رد الشمس، فردت حتي صارت في موضعها من السماء وقت صلاة العصر، فصلي أميرالمؤمنين (عليه السلام) صلاة العصر في وقتها ثم غربت.

وکان رجوعها بعد النبي (صلّي الله عليه وآله) أنه لما أراد أن يعبر الفرات ببابل اشتغل کثير من أصحابه بتعبير دوابهم ورحالهم، فصلي (عليه السلام) بنفسه في طائفة معه العصر فلم يفرغ الناس من عبورهم حتي غربت الشمس وفاتت الصلاة کثيراً منهم، وفات الجمهور فضل الاجتماع معه، فتکلموا في ذلک، فلما سمع کلامهم فيه سأل الله تعالي أن يرد الشمس عليه ليجتمع کافة أصحابه علي صلاة العصر في وقتها، فأجابه الله تعالي في ردها عليه وکانت في الأفق علي الحال التي تکون عليه وقت العصر، فلما سلم القوم غابت الشمس فأکثروا من التسبيح والتهليل والاستغفار والحمد لله علي النعمة التي ظهرت فيهم، وسار خبر ذلک في الآفاق وانتشر ذکره في الناس.

رواة حديث رد الشمس لعلي (عليه السلام) من علماء العامة هم:

1 أبوبکر الوراق، له کتاب: (من روي رد الشمس).

2 أبوالحسن شاذان الفضيلي، له رسالة.

3 الحافظ أبوالفتح محمد بن حسين الأزدي الموصلي، له کتاب مفرد فيه.

4 أبوالقاسم الحاکم ابن الحداد الحسکاني النيسابوري الحنفي له رسالة (مسألة في تصحيح رد الشمس).

5 أبوعبدالله الجعل الحسين بن علي البصري ثم البغدادي له کتاب: (جواز رد الشمس).

6 أخطب خوارزم أبوالمؤيد موفق بن أحمد له کتاب: (رد الشمس لأميرالمؤمنين).

7 أبوعلي الشريف محمد بن أسعد بن المعمر الحسني النقيب النسابة له جزء في جمع (طرق حديث رد الشمس) لعلي (عليه السلام).

8 أبوعبدالله محمد بن يوسف الدمشقي الصالحي له جزء (مزيل اللبس عن حديث رد الشمس).

9 الحافظ جلال الدين السيوطي له رسالة في الحديث أسماها (کشف اللبس عن حديث رد الشمس).

10 الحافظ أبوالحسن عثمان بن أبي شيبة العبسي الکوفي رواه في سننه.

11 الحافظ أبوجعفر أحمد بن صالح المصري.

12 محمد بن الحسين الأزدي ذکره في کتابه في (مناقب علي).

13 الحافظ أبوبشر محمد بن أحمد الدولابي أخرجه في کتابه الذرية الطاهرة.

14 الحافظ أبوجعفر أحمد بن محمد الطحاوي في (مشکل الآثار).

15 الحافظ أبوجعفر محمد بن عمرو العقيلي.

16 الحافظ أبوالقاسم الطبراني رواه في (معجمه الکبير).

17 الحاکم أبوحفص عمر بن أحمد الشهير بابن شاهين ذکره في (مسنده الکبير).

18 الحاکم أبوعبدالله النيسابوري رواه في تاريخ (نيسابور).

19 الحافظ ابن مردويه الأصبهاني أخرجه في (المناقب).

20 أبوإسحاق الثعلبي رواه في (تفسيره).

21 الفقيه أبوالحسن علي بن حبيب البصري البغدادي الشافعي عده من أعلام النبوة في کتابه (أعلام النبوة).

22 الحافظ أبوبکر البيهقي رواه في (الدلائل).

23 الحافظ الخطيب البغدادي ذکره في (تلخيص المتشابه).

24 الحافظ أبوزکريا الأصبهاني الشهير بابن مندة أخرجه في کتابه (المعرفة).

25 الحافظ القاضي عياض أبوالفضل المالکي الأندلسي رواه في کتابه (الشفاء).

26 أخطب الخطباء الخوارزمي رواه (في المناقب).

27 الحافظ أبوالفتح النطنزي رواه في (الخصائص العلوية).

28 أبوالمظفر يوسف قزأوغلي الحنفي رواه في (التذکرة).

29 الحافظ أبوعبدالله محمد بن يوسف الکنجي الشافعي، جعل في کتابه (کفاية الطالب) فصلاً في حديث رد الشمس لعلي (عليه السلام).

30 أبوعبدالله شمس الدين محمد بن أحمد الأنصاري الأندلسي ذکره في کتابه (التذکرة بأحوال الموتي وأمور الآخرة).

31 شيخ الإسلام الحمويني رواه في (فرائد السمطين).

32 الحافظ ولي الدين أبوزرعة العراقي أخرجه في (طرح التثريب).

33 الإمام أبوالربيع سليمان السبتي الشهير بابن سبع ذکره في کتابه (شفاء الصدور).

34 الحافظ ابن حجر العسقلاني ذکره في (فتح الباري).

35 الإمام العيني الحنفي ذکره في (عمدة القاري).

36 الحافظ السيوطي رواه في (جمع الجوامع).

37 نور الدين السمهودي الشافعي ذکره في (وفاء الوفاء).

38 الحافظ أبوالعباس القسطلاني ذکره في (المواهب اللدنية).

39 الحافظ ابن ربيع رواه في (تمييز الطيب من الخبيث).

40 السيد عبدالرحيم بن عبدالرحمن العباسي ذکره في (معاهد التنصيص).

41 الحافظ شهاب الدين ابن حجر الهيثمي عده في (الصواعق).

42 الملا علي القارئ ذکره في (المرقاة).

43 نور الدين الحلبي الشافعي رواه في (السيرة النبوية).

44 شهاب الدين الخفاجي الحنفي ذکره في (شرح الشفا).

45 أبوالعرفان الشيخ برهان الدين إبراهيم بن حسن شهاب الدين الکردي الکوراني ذکره في کتابه (الأمم لإيقاظ الهمم).

46 أبوعبدالله الزرقاني المالکي صححه في (شرح المواهب).

47 شمس الدين الحنفي الشافعي ذکره في تعليقه علي (الجامع الصغير) للسيوطي.

48 ميرزا محمد البدخشي ذکره في (نزل الأبرار).

49 الشيخ محمد الصبان عده في (إسعاف الراغبين).

50 الشيخ محمد أمين بن عمر الشهير بابن عابدين الدمشقي إمام الحنفية في عصره ذکره في (حاشيته).

51 السيد أحمد زيني دحلان الشافعي ذکره في (السيرة النبوية) هامش (السيرة الحلبية).

52 السيد محمد مؤمن الشبلنجي عده (في نور الأبصار).

اقتطفنا هذه المصادر من کتاب (الغدير ج3( لشيخنا الأميني رحمه الله.

هذا وللشعراء دور هام في الإشادة بهذه الفضيلة أعرضنا عن سرد قصائدهم رعاية للاختصار.







  1. سورة النساء، الآية: 54.
  2. سورة النساء، الآية: 54.
  3. سورة الأعلي، الآية: 1.