علي والتواضع











علي والتواضع



قال سعد بن معاذ لعلي (عليه السلام)، وکان نازلاً عليه: ما منعک أن تخطب إلي رسول الله (صلّي الله عليه وآله) ابنته؟ فقال (عليه السلام) أنا أجترئ أن أخطب إلي رسول الله (صلّي الله عليه وآله)؟ والله لو کانت أمة ما اجترأت عليه.

فحکي سعد مقالته لرسول الله (صلّي الله عليه وآله) وقال له رسول الله: قل له: يفعل.

فإني سأفعل.

قال: فبکي علي حيث قال له سعد، ثم قال (عليه السلام): لقد سعدت إذ أن جمع الله لي صهره مع قرابته.

وشرف أبي طالب ما قد علمه الناس وهو ابن عم رسول الله لأبيه وأمه.

(في البحار): بالإسناد إلي أبي محمد العسکري (عليه السلام) أنه قال: أعرف الناس بحقوق إخوانه وأشدهم قضاء لها أعظمهم عند الله شأناً، ومن تواضع في الدنيا لإخوانه فهو عند الله من الصديقين ومن شيعة علي بن أبي طالب (عليه السلام) حقاً.

ولقد ورد علي أميرالمؤمنين أخوان له مؤمنان: (أب وابن)، فقام إليهما وأکرمهما وأجلسهما في صدر المجلس، وجلس بين أيديهما: ثم أمر بطعام فأحضر فأکلا منه ثم جاء قنبر بطست وإبريق خشب ومنديل لليبس، وجاء ليصب علي يد الرجل فوثب أميرالمؤمنين وأخذ الإبريق: ليصب علي يد الرجل، فتمرغ الرجل في التراب، وقال: يا أميرالمؤمنين الله يراني وأنت تصب علي يدي؟ قال: اقعد واغسل، فإن الله عزوجل يراک، وأخوک الذي لا يتميز منک ولا ينفصل عنک يخدمک يريد بذلک في خدمته في الجنة مثل أضعاف عدد أهل الدنيا، وعلي حسب ذلک في مماليکه فيها.

فقعد الرجل فقال له علي: أقسمت بعظيم حقي الذي عرفته ونحلته وتواضعک لله حتي جازاک عنه بأن تدنيني لما شرفک به من خدمتي لک لما غسلت مطمئناً، کما کنت تغسل لو کان الصاب عليک قنبراً.

ففعل الرجل ذلک، فلما فرغ ناول الإبريق محمد بن الحنفية وقال: يا بني لو کان هذا الابن حضرني دون أبيه لصببت علي يده ولکن الله عزوجل يأبي أن يسوي بين ابن وأبيه، إذا جمعهما مکان، ولکن قد صب الأب علي الأب فليصب الابن علي الابن، فصب محمد بن الحنفية علي الابن.

ثم قال الإمام الحسن بن علي العسکري: فمن اتبع علياً علي ذلک فهو الشيعي حقاً.

عن الإمام الصادق (عليه السلام) کان أميرالمؤمنين (عليه السلام) يحتطب ويستسقي ويکنس، وکانت فاطمة سلام الله عليها تطحن وتعجن وتخبز.

وإن علياً اشتري تمراً بالکوفة فحمله في طرف ردائه فتبادر الناس إلي حمله، وقالوا: يا أميرالمؤمنين نحن نحمله، فقال (عليه السلام): رب العيال أحق بحمله.

وکان علي (عليه السلام) يحمل التمر والمالح (الملح) بيده ويقول:


لا ينقص الکامل من کماله
ما جر من نفع إلي عياله


وعن زيد بن علي إن علياً کان يمشي في خمسة (مواضع) حافياً، ويعلق نعله بيده اليسري: يوم الفطر، والنحر، والجمعة، وعند العيادة، وتشييع الجنازة، ويقول: إنها مواضع الله وأحب أن أکون فيها حافياً.

وکان (عليه السلام) يمشي في الأسواق وحده وهو إذ ذاک يرشد الضال ويعين الضعيف ويمر بالبياع والبقال فيفتح عليه القرآن ويقرأ.