آية النجوي











آية النجوي



المفاخرة بصورة أخري قد ذکرنا فيما مضي شيئاً من خصائص الإمام (عليه السلام) التي تفرد بها عن غيره وکان يفتخر بها، لأن الله تعالي أنزل في حقه وشأنه آية أو أکثر.

ومن جملة تلک الخصائص الفريدة والمزايا الحميدة ما رواه المفسرون، في تفسير قوله تعالي: (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواکم صدقة ذلک خير لکم وأطهر).[1] .

فقد أورد الثعلبي والواحدي وغيرهما من علماء التفسير: أن الأغنياء أکثروا مناجاة النبي (صلّي الله عليه وآله) وغلبوا الفقراء علي المجالس عنده حتي کره رسول الله (صلّي الله عليه وآله) ذلک واستطالة جلوسهم وکثرة مناجاتهم، فأنزل الله تعالي (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواکم صدقة) فأمر بالصدقة أمام المناجاة.

وأما أهل العسرة (الفقراء) فلم يجدوا، وأما الأغنياء فبخلوا، وخف ذلک علي رسول الله (صلّي الله عليه وآله) وخف ذلک الزحام، وغلبوا علي حبه والرغبة في مناجاته حب الحطام، واشتد علي أصحابه، فنزلت الآية التي بعدها راشقة لهم بسهام الملام، ناسخة بحکمها حيث أحجم من کان دأبه الإقدام.

وقال علي (عليه السلام): إن في کتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي، وهي آية المناجاة، فإنها لما نزلت کان لي دينار فبعته بعشر دراهم وکنت إذا ناجيت الرسول تصدقت بدرهم حتي فنيت الدراهم، فنسخت (الآية) بقوله: (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواکم صدقات)[2] الآية.

وقال ابن عمر: ثلاث کن لعلي لو أن لي واحدة منهن کانت أحب إلي من حمر النعم: تزويجه بفاطمة، وإعطاءه الراية يوم خيبر، وآية النجوي.

وروي الشيخ الطوسي (ره) عن الترمذي والثعلبي عن علي (عليه السلام) أنه قال: بي خفف الله عن هذه الأمة، لأن الله امتحن الصحابة بهذه الآية فتقاعسوا عن مناجاة الرسول، وکان قد احتجب في منزله من مناجاة کل أحد إلا من تصدق وکان معي دينار فتصدقت به، فکنت أنا سبب التوبة من الله علي المسلمين حين عملت بالآية، ولو لم يعمل بها أحد لنزل العذاب لامتناع الکل عن العمل بها.

وفي کتاب فرائد السمطين: أن علياً (عليه السلام) ناجي رسول الله عشر مرات بعشر کلمات قدمها عشر صدقات، فسأل في الأولي: ما الوفاء؟ قال: التوحيد: شهادة أن لا إله إلا الله.

ثم قال: وما الفساد؟ قال: الکفر والشرک بالله عزوجل.

قال: وما الحق؟ قال: الإسلام والقرآن والولاية إذا انتهت إليک.

قال: وما الحيلة؟ قال: ترک الحيلة.

قال: وما علي؟ قال: طاعة الله وطاعة رسوله، قال: وکيف أدعو الله تعالي؟ قال: بالصدق واليقين، قال: وما أسأل الله تعالي؟ قال: العافية.

قال: وماذا أصنع لنجاة نفسي؟ قال: کل حلالاً وقل صدقاً قال: وما السرور؟ قال: الجنة.

قال: وما الراحة؟ قال: لقاء الله تعالي، فلما فرغ نسخ حکم الآية.

قال بعض الأعلام: وأنت إذا تأملت في هذه الکلمات العشر وما فيها من الحکم والخير الکثير التي لا يعطيها الله ولا يؤتيها إلا خاصة خلقه والصالحين من عباده تجد أنها جديرة بأن يبذل بإزائها الدنيا وما فيها، وکيف لا وقد بذل أميرالمؤمنين (عليه السلام) کل ما کان يملک وهو دينار واحد کما استفدنا من الروايات السابقة ليأخذ هذه الکنوز الغالية من الحکم...

الخ وقد ذکرنا فيما مضي نزول قوله تعالي: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله).[3] .

أنها نزلت في مبيت علي (عليه السلام) علي فراش رسول الله، وقد ذکر ذلک المفسرون من الشيعة والسنة.

وقد ذکر المفسرون والمحدثون من الفريقين آيات کثيرة نزلت في شأن علي (عليه السلام) وأنه المقصود بها تفسيراً أو تأويلاً بأنه: الشهيد، والشاهد، والمشهود، والذکر والنور والهدي والصادق والمصدق والصديق والفضل والرحمة والنعمة، والذي عنده علم الکتاب، وقد ورد لکل اسم من هذه الأسماء حديث أو أکثر، يصرح بأن علياً (عليه السلام) هو المقصود بذلک الاسم ورعاية للاختصار اکتفينا بالإشارة فقط، ولنا في المستقبل مجال للتحدث عن الآيات القرآنية التي ترتبط بالإمام علي (عليه السلام).







  1. سورة المجادلة، الآية: 12.
  2. سورة المجادلة، الآية: 13.
  3. سورة البقرة، الآية: 207.