خاتمة الفصل في نقل بعض الأخبار الواردة في المقام











خاتمة الفصل في نقل بعض الأخبار الواردة في المقام



نذکر في ختام هذا الفصل ما ورد في الروايات المأثورة عن المعصومين عليهم السلام والصحابة والتابعين، مضافاً إلي ما مرّ منّا في تضاعيف الفصل.

1- قال النبيّ صلي الله عليه و آله: «أوّل هذه الاُمّة وروداً علي الحوض أوّلهم إسلاماً عليّ بن أبي طالب».[1] .

2- عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «أوّلکم وارداً علي الحوض اسلاماً عليّ بن أبي طالب».[2] .

3- وقال النبيّ لفاطمة: «زوّجتکِ خير اُمّتي، أعلمهم علماً، وأفضلهم حلماً، وأوّلهم سلماً».[3] .

4- إنّ أبا بکر وعمر خطبا فاطمة عليهاالسلام فردّهما رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وقال: «لم اُؤمر بذلک»، فخطبها عليّ عليه السلام فزوّجه إيّاها، وقال لها: «زوّجتک أقدم الاُمّةِ إسلاماً».[4] .

5- عن عليّ عليه السلام أنّه قال: «أنا أوّل مَن أسلم مع النبيّ صلي الله عليه و آله».[5] .

6- قال عليّ عليه السلام أيضاً: «ما أعرف أحداً من هذه الاُمّة عبد اللَّه بعد نبيّنا غيري، عبدت اللَّه قبل أن يعبده أحد من الاُمّة تسع سنين».[6] .

7- وعنه أيضاً: «آمنت قبل النّاس سبع سنين».[7] .

8- أنّ عليّاً عليه السلام کتب إلي معاوية: «أنّ محمّداً صلي الله عليه و آله لمّا دعا إلي الإيمان باللَّه والتوحيد کنّا أهل البيت أوّل مَن آمن به وصدّق بما جاء به، فلبثنا أحوالاً مجرّمة - أي کاملة - وما يعبد اللَّه في ربع ساکن من العرب غيرنا».[8] .

9- قال عليّ عليه السلام أيضاً: «بعث رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يوم الاثنين، وأسلمت يوم الثلاثاء».[9] .

10- ما ذکره ابن طلحة الشافعي في (مطالب السؤول) لعليّ عليه السلام:


«أنا أخو المصطفي لا شکّ في نسبي
به رُبيت وسبطاه هما ولدي


صدّقته وجميع النّاس في بُهم
من الضلالة والإشراک والنکد»


قال جابر: سمعت عليّاً عليه السلام ينشد بهذا ورسول اللَّه صلي الله عليه و آله يسمع، فتبسّم رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وقال: «صدقت يا عليّ».[10] .

11- أنّ الحسن بن عليّ عليهماالسلام خطب خطبة في مجلس معاوية، فقال: «اُنشدکم اللَّه أيّها الرهط، أتعلمون أنّ الّذي شتمتموه منذ اليوم صلّي القبلتين کلتيهما، وأنت - يا معاوية - بهما کافر، تراها ضلالة، وتعبد اللّات والعزّي غواية. واُنشدکم اللَّه، هل تعلمون أنّه بايع البيعتين کلتيهما: بيعة الفتح، وبيعة الرضوان، وأنت - يا معاوية - بإحداهما کافر وباُخري ناکث؟ واُنشدکم اللَّه، هل تعلمون أنّه أوّل النّاس إيماناً؟ وأنّک - يا معاوية - وأبّاک من المؤلّفة قلوبهم».[11] .

12- کان ابن عبّاس بمکّة يحدّث علي شفير زمزم ونحن عنده، فلمّا قضي حديثه قام إليه رجل، فقال: يابن عبّاس، إنّي امرؤ من أهل الشام من أهل حمص، إنّهم يتبرّءون من عليّ بن أبي طالب ويلعنونه، فقال: بل لعنهم اللَّه في الدنيا والآخرة، وأعدّ له عذاباً مهيناً، أ لِبُعد قرابته من رسول اللَّه، وأنّه لم يکن أوّل ذکران العالمين إيماناً باللَّه ورسوله، وأوّل من صلّي ورکع وعمل بأعمال البر؟

قال الشامي: إنّهم واللَّه ما ينکرون قرابته وسابقته، غير أنّهم يزعمون أنّه قتل النّاس - الحديث.[12] .

13- عن عفيف الکندي، قال: جئت في الجاهلية إلي مکّة وأنا اُريد أن أبتاع لأهلي من ثيابها وعطرها، فأتيتُ العبّاس بن عبدالمطّلب، وکان رجلاً تاجراً، فأنا عنده جالس حيث أنظر إلي الکعبة، وقد حلّقت الشمس في السماء فارتفعت وذهبت، إذ جاء شابّ فرمي ببصره إلي السماء، ثمّ قام مستقبل الکعبة، ثمّ لم ألبث إلّا يسيراً حتّي جاء غلام فقام علي يمينه، ثمّ لم ألبث إلّا يسيراً حتّي جاءت امرأة فقامت خلفهما، فرکع الشاب فرکع الغلام والمرأة، فرفع الشاب فرفع الغلام والمرأة، فسجد الغلام والمرأة، فقلت: يا عبّاس، أمر عظيم! قال العبّاس: أمرٌ عظيم! أتدري من هذا الشاب؟ قلت: لا، قال: هذا محمّد بن عبداللَّه ابن أخي، أتدري من هذا الغلام؟ هذا عليّ ابن أخي، أتدري من هذه المرأة؟ هذه خديجة بنت خويلد زوجته، إنّ ابن أخي هذا أخبرني أنّ ربّه ربّ السماء والأرض أمره بهذا الدين الّذي هو عليه، ولا واللَّه ما علي الأرض کلّها أحد علي هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة.[13] .

14- عن هاشم بن عتبة يوم صفّين، قال: إنّ صاحبنا هو أوّل من صلّي مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وأفقهه في دين اللَّه، وأولاه برسول اللَّه، ثمّ أنشد هذا الشعر:


مع ابن عمِّ أحمد المُعلّي
فيه الرسول بالهدي استهلّا


أوّل مَن صدّقه وصلّي
فجاهد الکفّار حتّي أبلي[14] .


15- عن عدي بن حاتم، قال في خطبة له: إن کان له - أي لعليّ - عليکم فضل وليس لکم مثله فسلّموا، وإلّا فنازعوا عليه، واللَّه لئن کان إلي العلم بالکتاب والسنّة فإنّه لأعلم النّاس بهما، ولئن کان إلي الإسلام فإنّه لأخو نبيّ اللَّه والرّأس في الإسلام.[15] .

16- في (کتاب صفّين): کتب محمّد بن أبي بکر إلي معاوية کتاباً منه: فکان أوّل من أجاب وأناب، وصدّق ووافق، وأسلم وسلّم، أخوه وابن عمّه عليّ بن أبي طالب عليه السلام، إلي أن قال: أوّل النّاس إسلاماً، وأصدق النّاس نيّةً، وساق الکلام إلي أن قال: يا لک الويل، تعدل نفسک بعليّ وهو وارث رسول اللَّه، ووصيّه، وأبو ولده، وأوّل النّاس له اتّباعاً، وآخرهم به عهداً، يخبره بسرّه، ويشرکه في أمره.[16] .

17- وفي (رسالة الإسکافي): أنّ عبداللَّه بن أبي سفيان قال - مجيباً الوليد بن عقبة بن أبي المُعيط -:


وإنّ وليّ الأمر بعد محمّدٍ
عليٌّ وفي کلّ المواطن صاحبه


وصيّ رسول اللَّه حقّاً وصنوه
وأوّل مَن صلّي ومَن لان جانبه[17] .


18- وفي (تاريخ دمشق) بسنده عن جنيد بن عبدالرحمن، قال: أتيت من حوران إلي دمشق لآخذ عطائي فصلّيت الجمعة ثمّ خرجت من باب الدرج فإذا عليه شيخ يقال له: أبو شيبة القاصّ، يقصّ علي النّاس، فرغّب فرغبنا وخوّف فبکينا، فلمّا انقضي حديثه، قال: اختموا مجلسنا بلعن أبي تراب!! فلعنوا أبا تراب، فالتفت إليَّ من علي يميني، فقلت له: فمن أبو تراب؟ فقال: عليّ بن أبي طالب ابن عمّ رسول اللَّه، وزوج ابنته، وأوّل النّاس إسلاماً، وأبو الحسن والحسين، فقلت: ما أصاب هذا القاصّ؟ فقمت إليه، وکان ذا وفرة، فأخذت وفرته بيدي، وجعلت ألطم وجهه، وأبطح برأسه الحائط، فصاح، فاجتمع أعوان المسجد، فوضعوا ردائي في رقبتي وساقوني حتّي أدخلوني علي هشام بن عبدالملک وأبو شيبة يقدمني، فصاح: يا أمير المؤمنين، قاصّک وقاصّ آبائک وأجدادک أتي إليه اليوم أمر عظيم؟ قال: مَن فعل لک؟ فقال: هذا.

فالتفت إليَّ هشام وعنده أشراف النّاس فقال: يا أبا يحيي، متي قدمت؟ فقلت: أمس، وأنا علي المصير إلي أمير المؤمنين فأدرکتني صلاة الجمعة فصلّيت وخرجت إلي باب الدرج، فإذا هذا الشيخ قائم يقصّ فجلست إليه، فقرأ فسمعنا، فرغّب من رغب، وخوّف من خوّف، ودعا فأمّنّا، وقال في آخر کلامه: اختموا مجلسنا بلعن أبي تراب، فسألت من أبو تراب؟ فقيل: عليّ بن أبي طالب، أوّل النّاس إسلاماً، وابن عمّ رسول اللَّه، وأبو الحسن والحسين، وزوج بنت رسول اللَّه، فواللَّه - يا أمير المؤمنين - لو ذکر هذا قرابة لک بمثل هذا الذِّکر ولعنه بمثل هذا اللعن لأحللت به الّذي أحللت، فکيف لا أغضب لصهر رسول اللَّه وزوج ابنته؟ فقال هشام: بئس ما صنع.[18] .

وذکر العلّامة الأميني قدس سره جملة من النصوص النبويّة والکلم المأثورة عن أمير المؤمنين والصحابة والتابعين (في أنّ عليّاً أوّل مَن أسلم)، وهي تربو علي مائة کلمة، مضافاً إلي ما مرّ منه في (الغدير 276:2): من أنّ أمير المؤمنين سبّاق هذه الاُمّة.

فهل تجد عندئذٍ مساغاً لمکابرة ابن کثير تجاه هذه الحقيقة الراهنة وقوله: «وقد ورد في أنّه أوّل مَن أسلم...»، فإذا لا يصح مثل هذا فما الّذي يصحّ؟

وإن کان لا يصحّ شي ء منها، فما قيمة تلک الکتب المشحونة بها؟ «کَلَّا إِنَّهَا کَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَي يَوْمِ يُبْعَثُونَ»[19] وأنت تري الرجل يزيّف هذه الکلم والنصوص الکثيرة الصحيحة بحکم الحفّاظ الأثبات بکلمة واحدة قارصة، ويعتمد في إثبات أيّ أمر يروقه في تاريخه علي المراسيل والمقاطيع والآحاد ونقل المجاهيل وأفناء النّاس.[20] .







  1. الخطيب في تاريخه 81:2، وابن عبدالبرّ في الاستيعاب 457:2، وابن أبي الحديد في شرحه 258:3.
  2. المستدرک الحاکم 147: 3، ح 260 / 4662.
  3. أخرجه الخطيب في المتّفق، والسيوطي في جمع الجوامع، کما في ترتيبه 398:6.
  4. رواه جماعة من الصحابة منهم: أسماء بنت عميس، واُمّ أيمن، وابن عبّاس، وجابر بن عبداللَّه، کما في شرح ابن أبي الحديد 257:3.
  5. رواه الخطيب البغدادي في تاريخه 233:4.
  6. خصائص النسائي: 3.
  7. المصدر السابق بعينه.
  8. رواه ابن مزاحم في کتاب صفّين: 100.
  9. رواه ابن حجر في الصواعق المحرقة: 72، والسيوطي في تاريخ الخلفاء: 112 والهيثمي في مجمع الزوائد 103:9.
  10. رواه ابن طلحة الشافعي في مطالب السؤول: 11.
  11. شرح ابن أبي الحديد 101:2.
  12. رواه البيهقي في المحاسن والمساوي 30:1.
  13. انظر تاريخ الطبري 56:2، الرياض النضرة 158:2، وابن عبدالبرّ في الاستيعاب في هامش الاصاب 459:2، وابن الأثير في الکامل 23:2، والسيرة الحلبية 288:1.
  14. وقعة صفّين: 403، تاريخ الطبري 24:6، الکامل في التاريخ 153:3.
  15. الإمامة والسياسة 103:1.
  16. کتاب صفّين لنصر بن مزاحم: 133.
  17. رسالة الإسکافي، والحافظ الکنجي في الکفاية: 48.
  18. تاريخ دمشق لابن عساکر الشافعي 407:3.
  19. سورة المؤمنون: 100.
  20. الغدير 236:3.