تقريظ سماحة آية اللَّه محمّد هادي معرفة











تقريظ سماحة آية اللَّه محمّد هادي معرفة



بسمه تعالي

وله الحمد، وسلام علي عباده الذين اصطفي محمّد وآله الطاهرين.

«حُبُّ عَلِيّ حَسَنَةٌ لَا تَضُرُّ مَعَها سَيِّئَةٌ»

حديث معروف يُنبؤک عن حقيقةٍ ناصعةٍ يتجلّي من خلالها واقع الإسلام الصميم؛ ذلک أنّ الإسلام إن کان مجموعة تکاليف ووظائف وأحکام إلي جنب اُصول ومعارف وتعاليم، فإنّ عليّاً عليه السلام هو واقع الإسلام المتجسّد، وقد تمثّلت في شخصه حقيقة الدين في اُصوله وفروعه، فهو المثال التامّ لبرامج الإسلام العلميّة والعمليّة...

فإذا کان عليّ عليه السلام تنجذب إليه النفوس الحرّة، وتهواه العقول الناضجة، فإنّما هو لما تمثّل فيه من فضائل ومکارم، والّتي بها ترأّس قمّة الإنسانيّة في جميع أبعادها الکريمة... فعليٌّ عليٌّ في صفاته، وعليٌّ في أفعاله...

فالذي ينجذب إليه عليه السلام فإنّما ينجذب لمعالي صفاته ومکارم أخلاقه، وما هي إلّا اُسس الإسلام وقواعد الشريعة الحکيمة، فهذا قد انجذب نحو الإسلام المتجسّد في شخص عليّ عليه السلام...

وبذلک ورد الحديث: «وهل الدين إلّا الحبّ والبغض...» فالرغبة في الصلاح، والنفرة عن الفساد، هما اللتان تشکّلان حقيقة الدين و واقعة الأصيل.

هذا من جانب، ومن جانب آخر: أنّ المُحبّ لِمَن أحبَّ سميعٌ.

فإذا کان الإنسان ينجذب إلي شخص لصفات وجدها فيه، فإنّ لازم هذه الجاذبيّة هو التشاکل معه مهما أمکن؛ تحقيقاً لهذا السرّ المکين...

ولذلک فإنّه يراعي في مظاهره وتصرّفاته ما يوجب رضا المحبوب والتوافق معه في العقيدة والفعال، والانخراط في زمرته في نهاية المطاف.

روي أبو الفرج الاصبهاني في الأغاني (272:7) في ترجمة السيّد إسماعيل بن محمّد الحميري، بإسناده المتّصل إلي الإمام أبي عبداللَّه جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام، أنّه لمّا نعي إليه السيّد ترحّم عليه، فقال له بعض من حضر: جُعلت فداک، إنّه کان يشرب الخمر! فقال عليه السلام: «رحمه اللَّه، فما ذَنْبٌ علي اللَّه أن يغفره لآل عليّ! محبّ عليّ لا تَزِلُّ له قدمٌ إلّا ثبتت له اُخري».

وروي بإسناده أيضاً أنّه عليه السلام قال: «حدّثني أبي، عن جدّي: «أنّ محبّي آل محمّد لا يموتون إلّا تائبين» وقد تاب - أي السيّد رحمه الله -، ورفع الإمام مصليً کانت تحته، فأخرج کتاباً من السيّد يُعرّفه فيه أنّه قد تاب ويسأله الدعاء...

نعم، کان السيّد الحميري من عشّاق عليّ عليه السلام، وکان أوّل من بذل جهده في جمع فضائل عليّ ومناقبه، ونظمها شعراً يدور علي الألسن في الأندية والمجتمعات... کان يدخل علي الأعمش ويأخذ عنه ما أسنده من کرائم أخلاق عليّ ومناقبه ومعاجزه وکراماته، ثمّ ينظّمها في قريض شعره المجيد... هکذا دأب في بثّ مدائح الإمام أمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه، ونشرها بين الملأ من المسلمين... جزاه اللَّه عن الإسلام والمسلمين وعن دفاعه عن مقام أهل البيت عليهم السلام خير الجزاء...

وهکذا أصحب جمع فضائل الإمام وتأليف غررها ودررها في مجموعات مرسوماً دارجاً بين عظماء الاُمّة وعلماء الملّة النبهاء... ولا تزال مستمرّة ما دام حبّ الفضيلة رائجاً في نفوس مسلمة حرّة الفکر والعقيدة...

من ذلک... هذا الأثر الخالد بين أيدينا، الفصول المائة في حياة الإمام الکريمة، الّتي جاد بها براعة سيّدنا العلّامة الجليل فضيلة السيّد أصغر ناظم زاده، لا زال مؤيّداً من عند اللَّه وموفّقاً بتوفيقه الدائم إن شاء اللَّه...

فقد أجاد في جمع وتأليف درر حياة الإمام الطيّبة وغرر سيرته الکريمة، في نظم وترتيب بديع، ورصف وتبويب لطيف، ممّا ينبؤک عن سهر وتعب کثير تحمّله في هذا المجال، مضافاً إليه ذوقه الظريف في هذا الجمع والترصيف...

والعمد أنّه - دام تأييده - بذل عنايته البالغة في الأخذ من مراجع معتمدة موثوق بها لدي الفريقين؛ ليجعل القارئ علي اطمئنان من صحّة ما بين يديه من مقاصد الکتاب.

فجاء الکتاب - بأجزائه الخمسة - جيّداً في اُسلوبه، متيناً في نظمه وترتيبه، قويّاً في برهانه، وافياً في بيانه...، کافياً شافياً، نسأل اللَّه تعالي أن يديم له توفيق الخدمة للدين ولشريعة سيّد المرسلين، آمين ربّ العالمين.

قم - محمّد هادي معرفة - 15 ذو القعدة 1412