اتفاق الشيعة وجمهور أهل السنّة علي أنّه أوّل من آمن باللَّه











اتفاق الشيعة وجمهور أهل السنّة علي أنّه أوّل من آمن باللَّه و رسوله



يستفاد من صريح کلام أصحابنا الإماميّة وجمهور أهل السنّة أنّ عليّاً عليه السلام سابق في الإيمان لجميع النّاس بعد خديجة، وکان النبيّ صلي الله عليه و آله بعث يوم الاثنين، وأسلم عليّ عليه السلام يوم الثلاثاء[1] ولم يخالف في ذلک إلّا شرذمة قليلة لا يعتدّ بخلافهم، فالموضوع اتّفاقي بين الشيعة والجمهور، و إن کان ما ذکرناه من الأخبار و الأقوال آنفاً يثبت ذلک، ولکن فيما يلي ننقل نزراً من کلماتهم تأييداً لذلک، فنقول:

1- قال العلّامة الخوئي: لا خلاف بين المسلمين - إلّا شرذمة من العامّة العثمانيّة - في أنّ أمير المؤمنين عليه السلام سبق النّاس کلّاً إلي الإسلام والتوحيد، کما صرّح به في هذا الکلام بقوله: «اللّهمّ إنّي أوّل من أناب وسمع وأجاب» - الحديث.[2] .

2- قال ابن أبي الحديد: وما أقول في رجل سبق النّاس إلي الهدي، وآمن باللَّه وعبده، وکلّ مَن في الأرض يعبد الحجر ويجحد الخالق، لم يسبقه أحد إلي التوحيد إلّا السابق إلي کلّ خير محمّد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، ثمّ قال: ذهب أکثر أهل الحديث إلي أنّه أوّل النّاس اتّباعاً لرسول اللَّه صلي الله عليه و آله إيماناً، ولم يخالف في ذلک إلّا الأقلّون، وقد قال هو: «أنا الصدّيق الأکبر، وأنا الفاروق الأوّل، أسلمتُ قبل إسلام النّاس، وصلّيتُ قبل صلاتهم».

ثمّ قال: ومَن وقف علي کتب أصحاب الحديث تحقّق من ذلک وعلمه واضحاً، وإليه ذهب الواقدي وابن جرير الطبري، وهو القول الّذي رجّحه ونصره صاحب کتاب الاستيعاب.[3] .

3- روي ابن عبدالبرّ المالکي عن سلمان وأبي ذرّ والمقداد وخباب وجابر وأبي سعيد وزيد بن أرقم: أنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام أوّل من أسلم، وفضّله هؤلاء علي غيره، وقال ابن إسحاق: أوّل من آمن باللَّه ورسوله محمّد صلي الله عليه و آله من الرجال عليّ بن أبي طالب، وهو قول ابن هشام إلّا أنّه قال من الرجال بعد خديجة.[4] .

4- وقال ابن الجوزي الحنفي: وتکلّم العلماء في قوله عليه السلام: «سبقتکم إلي الإسلام طرّاً»، فقال قوم: أسلم وهو ابن سبع سنين، وقيل: ابن ثمان، وقيل: ابن عشر، وقيل: ابن خمس عشرة، وبهذا يحتجّ أبو حنيفة علي الشافعي في صحّة إسلام الصبي العاقل إذا لم يبلغ.[5] .

أقول: ومن هذا الاستدلال يستفاد بيّناً أنّ أبا حنيفة اعترف بأنّ عليّاً عليه السلام أوّل مَن آمن باللَّه وبرسوله.

5- و روي الطبري عن محمّد بن المنکدر وربيعة بن أبي عبدالرحمن وأبي حازم المدني والکلبي، قالوا: عليّ أوّل مَن أسلم. وقال الکلبي: أسلم وهو ابن تسع سنين.[6] .

6- و عنه أيضاً عن الواقدي، قال: واجتمع أصحابنا أنّ عليّاً عليه السلام أسلم بعد ما تُنبئ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بسنة - الحديث.[7] .

7- و عنه أيضاً عن أبي جعفر، قال: ثمّ اختلف السلف فيمن اتّبع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وآمن به وصدّقه علي ما جاء به من عند اللَّه من الحقّ بعد زوجته خديجة بنت خويلد وصلّي معه، فقال بعضهم: کان أوّل ذکر آمن برسول اللَّه وصلّي معه وصدّقه بما جاءه من عند اللَّه عليّ بن أبي طالب.[8] .

8- و في (المناقب) وغيره، عن ابن البيع في (معرفة اُصول الحديث): لا أعلم خلافاً بين أصحاب التواريخ أنّ عليّ بن أبي طالب أوّل النّاس إسلاماً، وإنّما اختلفوا في بلوغه.[9] .

9- و قال ابن حجر العسقلاني الشافعي: عليّ بن أبي طالب أوّل النّاس إسلاماً.[10] .

10- و قال ابن الصبّاغ المالکي: وأکثر الأقوال وأشهرها أنّه عليه السلام لم يبلغ الحلم، وأنّه أوّل مَن أسلم وآمن برسوله صلي الله عليه و آله من الذکور بعد خديجة، قاله الثعالبي في تفسير قوله تعالي: «وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ»، وهو قول ابن عبّاس، وجابر بن عبداللَّه الأنصاري، وزيد بن أرقم، ومحمّد بن المنکدر، وربيعة الرأي، وقد أشار عليّ بن أبي طالب عليه السلام إلي شي ء من ذلک في أبيات قالها رواها عنه الثقات الأثبات، وهي:


محمّد النبيّ أخي وصنوي
وحمزة سيّد الشهداء عمّي


وبنت محمّد سکني وعرسي
منوط لحمها بدمي ولحمي


سبقتکم إلي الإسلام طُرّاً
صغيراً ما بلغت أوان حلمي


فويل ثمّ ويل ثمّ ويل
لمن يلقي الإله غداً بظلمي[11] .


11- و قال المسعودي: والأشياء الّتي استحقّ بها أصحاب رسول اللَّه الفضل هي: السبق إلي الإيمان، والهجرة، والنصرة لرسول اللَّه صلي الله عليه و آله و... کلّ ذلک لعليّ عليه السلام منه النصيب الأوفر والحظّ الأکبر.[12] .

12- و قال الشيخ المفيد في (الإرشاد): وعليّ هو أوّل مَن آمن باللَّه ورسوله من أهل البيت والأصحاب، وأوّل ذکر دعاه النبيّ صلي الله عليه و آله إلي الإسلام، فأجاب، ولم يزل ينصر الدين ويجاهد المشرکين، ويذبّ عن الإيمان، ويقتل أهل الزيغ والطغيان، وينشر معالم السنّة والقرآن، ويحکم بالعدل، ويأمر بالإحسان.[13] .

وفي هذا الباب کثير من کلمات الحفّاظ الثقات وأهل التفسير والتاريخ، نکتفي بهذا القدر إعراضاً عن الإطالة.







  1. راجع: المناقب لابن شهرآشوب، شرح نهج البلاغة 7:2، رسالة الاسکافي 278:2.
  2. منهاج البراعة 266:8.
  3. شرح ابن أبي الحديد 30:1.
  4. الاستيعاب بهامش الإصابة 22:3.
  5. تذکرة الخواصّ: 103.
  6. تاريخ الطبري 57:2.
  7. المصدر السابق: 58.
  8. المصدر السابق: 55.
  9. المناقب لابن شهرآشوب 11:2، رسالة الإسکافي: 22، نقلاً عن الغدير 238:3.
  10. الإصابة 501:2، حرف العين.
  11. الفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالکي: 32.
  12. مروج الذهب 437:2.
  13. إرشاد المفيد: 9، الباب1، الفصل 1.