معاوية يتثبّت من الحديث لكنّه يعاند الحقّ











معاوية يتثبّت من الحديث لکنّه يعاند الحقّ



لقد کان حديث: «عليّ مع الحقّ، والحقّ مع عليّ» واضحاً مسلّماً لدي أصحاب النبيّ صلي الله عليه و آله إلي درجة بحيث إنّهم کانوا يواجهون به أعدي أعداء عليّ عليه السلام وهو معاوية، ويدافعون به عن حقّ عليّ عندما يواجهون معاوية ويعلنون هذه الحقيقة ولا يهابون بطش معاوية وفتکه.

عن العلّامة عبيداللَّه الحنفي الأمرتسري والعلّامة الإربلي، عن عبيداللَّه بن عبداللَّه الکندي، قال: حجّ معاوية فأتي المدينة، وأصحاب النبيّ صلي الله عليه و آله متوافرون، فجلس في حلقة بين عبداللَّه بن عبّاس وعبداللَّه بن عمر، فضرب بيده علي فخذ ابن عبّاس، ثمّ قال: أما کنتُ أحقّ وأوْلي بالأمر من ابن عمّک؟ قال ابن عبّاس: وبم؟ قال: لأنّي ابن عمّ الخليفة المقتول ظلماً، قال: هذا - يعني ابن عمر - أوْلي بالأمر منک؛ لأنّه أبا هذا قُتل قبل ابن عمّک، قال: فانصاع[1] عن ابن عبّاس وأقبل علي سعد، قال: وأنت - يا سعد - الّذي لم تعرف حقّنا من باطل غيرنا، فتکون معنا أو علينا؟ قال سعد: إنّي لمّا رأيت الظلمة قد غشيت الأرض قلت لبعيري هخ، فأنخته حتّي إذا استقرّ مضيت. قال: واللَّه لقد قرأت المصحف يوماً بين الدفّتين ما وجدت فيه هخ[2] فقال: أمّا إذا أبيت فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول لعليّ عليه السلام: «أنت مع الحقّ، والحقّ معک». قال: لتجيئني بمن سمعه معک أو لأفعلنّ؟ قال: اُمّ سلمة. قال: فقام وقاموا معه حتّي دخل علي اُمّ سلمة. قال: فبدأ معاوية فتکلّم، فقال: يا اُمّ المؤمنين، إنّ الکذّابة قد کثرت علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بعده، فلا يزال قائلٌ يقول: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ما لم يقل، فإنّ سعداً روي حديثاً زعم أنّک سمعته منه. قالت: ما هو؟ قال: زعم أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قال لعليّ: «أنت مع الحقّ، والحقّ معک». قالت: صدق، في بيتي قاله.[3] .







  1. انصاع: أي انفتل وجهه.
  2. هخ - بالکسر -: يقال عند إناخة البعير، وقوله: «ما وجدت فيه هخ» يعني لا يظهر في القرآن التوقّف وترک القتال، ويحتمل أن يکون قال ذلک علي سبيل الاستهزاء.
  3. أرجح المطالب: 600، نقلاً عن الإحقاق 631:5، وکشف الغمّة - باب المناقب 193:1، ونحوه في مجمع الزوائد 233:7، نقلاً عن الإحقاق 631:5.