ما الهدف من أحاديث التشبيه؟











ما الهدف من أحاديث التشبيه؟



لمّا کنّا لم نستطع إدراک أسرار الوحي الإلهي ولا رموزه العلميّة، فإنّنا لم نستطع الإحاطة بهدف الرسول الأکرم من بيان أحايث التشبيه، والّذي نقوله في هذا المجال لا يعدو کونه قطرة في البحر أو ذرّة في الوجود، ومثلُ فکري القاصر تجاه علوم أهل البيت عليهم السلام - وباعتباري لم أزل طالباً متواضعاً لعلومهم - أجد من الصعب الغوص في مثل هذه الموضوعات، فما أقوله هو مجرّد حدس واحتمال وتخمين لا أکثر، فلعلّ الهدف المستوصي من أحاديث التشبيه هو ما يلي:

1 - أنّ عليّاً عليه السلام يمتلک کلّ صفات الأنبياء المُثلي، بل إنّه جمع من کلّ نبيّ صفة الکمال الّتي خصّه اللَّه تعالي بها، ولا شکّ أنّ من يجمع صفات الأنبياء عليهم السلام الکماليّة، لا بدّ أن يکون أتمّ وأکمل وأفضل منهم بعد الرسول صلي الله عليه و آله؛ لأنّ ثمّة علاقة بين أوصاف الأنبياء وبيّن أفضليّتهم علي البشر. وإذا کان الرسول صلي الله عليه و آله قد ذکر خصلة أو خصلتين أو أکثر کما ورد في الأحاديث، فإنّه قد ذکر ذلک من باب التمثيل والنموذج، وإلّا فإنّ عليّاً عليه السلام کان متّصفاً بصفات الأنبياء کلّهم.[1] .

2 - مراد الرسول صلي الله عليه و آله من هذا التشبيه تعيين الخليفة والإمام من بعده، وإنّه عليه السلام يملک الأهليّة لولاية السملمين بما يحمله من صفات الفضيلة.

قال ابن تيميّة في (منهاج السنّة): إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أفضل الخلق، وکلّ من کان به أشبه فهو أفضل ممّن لم يکن کذلک، والخلافة کانت خلافة نبوّة لم تکن ملکاً، فمن خلف النبيّ صلي الله عليه و آله وقام مقام النبيّ صلي الله عليه و آله کان أشبه بالنبيّ صلي الله عليه و آله، ومن کان أشبه بالنبيّ صلي الله عليه و آله کان أفضل، فمن يخلفه أشبه به عن غيره، والأشبه به أفضل، فالذي يخلفه أفضل.

أقول: يظهر من صدر کلامه: «من کان أشبه برسول اللَّه صلي الله عليه و آله کان أفضل الخلق، وکانت لمن کان أشبه برسول اللَّه صلي الله عليه و آله»، فلا شکّ بمقتضي أخبار التشبيه أنّ عليّاً عليه السلام هو أشبه برسول اللَّه صلي الله عليه و آله من غيره، فعليّ عليه السلام هو أليق بمقام الخلافة والوصاية لا غيره، والحمد للَّه علي ثبوت المطلوب والمرام علي مثل هذا الناصبي المخالف.

أمّا استدلاله بالشبهيّة للخلفاء الثلاثة بقوله: «فمن خلف النبيّ وقام مقامه صلي الله عليه و آله کان أشبه بالنبيّ) إلي آخره، فهو واضح البطلان؛ إذ ليس خلافة الخلفاء الثلاثة منصوصة من قِبل اللَّه ولا رسوله بإقرارهم، بل کانت خلافة أحدهم بآراء جمع من النّاس في المدينة لا بالنصب، والثاني بنصب الخليفة الأوّل لا بنصب اللَّه ولا رسوله، ونصب الثالث بأکثر الشوري الّتي عيّنها الثاني، فلا يکشف أفضليّتهم عن غيرهم ولا أشبهيّتهم برسول اللَّه صلي الله عليه و آله، نعم من نصبه اللَّه ورسوله للخلافة بالنصّ الصريح، کما ذکرنا في فصول مختلفة، هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

ويستفاد من هذه الأخبار أيضاً أنّه عليه السلام هو الأشبه برسول اللَّه لا غيره، فعليّ عليه السلام لائق بالخلافة لا غيره، ولو کان غيره تقمّص مقام الخلافة لا يکون هو الأشبه برسول اللَّه، وهو واضح، فاستدلاله بأفضليّة الخلفاء الثلاث في غير محلّه.[2] .







  1. في الکافي (322:1): عن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول: «إنّ في عليّ عليه السلام سنّة ألف نبيّ من الأنبياء، وإنّ العلم الّذي نزل مع آدم عليه السلام لم يرفع، وما مات عالم فذهب علمه، والعلم يتوارث».
  2. اقتباس من عبقات الأنوار - الجزء الثاني 97:6.