ما هو هدف الرسول من تشبيه عليّ بعيسي











ما هو هدف الرسول من تشبيه عليّ بعيسي



کان لرسول اللَّه صلي الله عليه و آله هدفان في تشبيه الإمام عليّ عليه السلام بعيسي بن مريم عليه السلام، واللَّه العالم.

الأوّل: أن يُبيّن للنّاس أنّ عليّاً عليه السلام کعيسي في فضائله ومناقبه، بحيث إنّ کلّ الخصال الّتي يتمثّل بها عيسي عليه السلام هي في عليّ عليه السلام أيضاً، إلّا أنّه ليس بنبيّ، کما في حديث المنزلة: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسي، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي»، وقد أراد الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله أن يبيّن أنّ وصيّ النبيّ لا بدّ أن يکون حاملاً لهذه الصفات الّتي ذکرها، والّذي نقله أحمد بن حنبل في مسنده يؤيّد هذه الحقيقة.

فقد روي عن ربيعة بن ناجذ، عن عليّ عليه السلام، قال: «قال لي النبيّ صلي الله عليه و آله: فيک مثل من عيسي، أبغضته اليهود حتّي بهتوا اُمّه، وأحبّته النصاري حتّي أنزلوه بالمنزلة الّتي ليس به»، ثمّ قال: «يهلک فيَّ رجلان، محبّ مفرط يقرّظني بما ليس فيَّ، وبمغض يحمله شنآني علي أن يبهتني». ثمّ قال: «ألا إنّي لست بنبيّ ولا يوحي إليَّ، ولکنّني أعمل بکتاب اللَّه وسنّة نبيّه صلي الله عليه و آله ما استطعت، فما أمرتکم من طاعة اللَّه فحقّ عليکم طاعتي فيما أحببتم وکرهتم».[1] .

الثاني: أراد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أن يفصح عن خبر غيبي، وهو أنّ النّاس کما افترقوا في عيسي ثلاث فِرق عن مبغض ومحبّ ومعتدل، فکذلک سيفترقون في عليّ عليه السلام.

والفِرق الثلاث الّتي افترقت في عيسي هي: 1 - الفرقة الناجية؛ لأنّهم من أصل الصلاح واعتبروا عيسي عليه السلام نبيّ اللَّه وعبده الصالح. 2 - طائفة اعتبرت عيسي عليه السلام ابن اللَّه، وهي من طوائف الضلال. 3 - الطائفة أشارت بالتهمة إلي اُمّه (سلام اللَّه عليها)، وهم الفرقة المفرطة في الضلالة.

والّذي أراده الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله هو أن يبيّن للنّاس ويعلمهم بهذه الحقيقة ليرسم لهم الطريق الصحيح وصفات وصيّه المقبولة واللّائقة، وکذا يُبيّن موقفه منه، فهو عليه السلام عبد صالح يتعامل علي أساس الحقّ والعدل، ويجعل اللَّه جلّ وعلا نصب عينيه، وليس کما وصفه المفرّطون بأنّه ربّ، ولا کما وقف المبغضون منه موقفهم المشهور حيث وجّهوا السبّ واللعن والشتائم إلي أمير المؤمنين عليه السلام حقداً وکراهية حتّي وصلت التُّهَم الّتي أکالوها إليه إلي وصفه بتارک الصلاة.

وبهذا التشبيه القصير أشار رسول اللَّه صلي الله عليه و آله إلي الحقيقة الناصعة الّتي أراد أن يقولها کاشفاً الستار عنها بکلّ وضوح، و نشير فيما يلي إلي بعض الروايات الّتي جاءت في هذا الموضوع:







  1. مسند أحمد بن حنبل 160:1، والإحقاق 285:7.