في وجه تشبيههم بسفينة النجاة
ولا شکّ في أنّ التمسّک بحبل اللَّه، أعني القرآن الکريم، وبساحة العترة الطاهرة المنصوبين من قِبل اللَّه تعالي هو النجاة من العذاب، والفوز بالجنّة، کما أنّ التخلّف عنهما أو عن أحدهما يوجب الضلال والإيقاع في النّار، فالتشبيه بسفينة نوح باعتبار نجاة من تمسّک بهم عن الضلال والعمي، کما يستفاد من بعض الأخبار، ومنها: 1- في (البحار): قال أمير المؤمنين عليه السلام: «هؤلاء بنو إسرائيل نصب لهم باب حطّة، وأنتم - يا معشر اُمّة محمّد - نصب لکم باب حطّة، أهل بيت محمّد صلي الله عليه و آله، واُمرتم باتّباع هداهم، ولزوم طريقتهم، ليغفر لکم بذلک خطاياکم وذنوبکم، وليزداد المحسنون منکم، وباب حطّتکم أفضل من باب حطّتهم؛ لأنّ ذلک کان بأخاشيب[2] ونحن الناطقون الصادقون المؤمنون الهادون الفاضلون، کما قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «إنّ النجوم في السماء أمان من الغرق، وأهل بيتي أمان لاُمّتي من الضلالة في أديانهم، لا يهلکون ما دام منهم من يتّبعون هديه وسنّته» الحديث.[3] . 2- وفي حديث طويل من التفسير المنسوب إلي الإمام العسکري عليه السلام عن عليّ عليه السلام. قال: «فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: اعلموا أنّ الدنيا بحر عميق، وقد غرق فيها خلقٌ کثير، وأنّ سفينة نجاتها آل محمّد، فمن رکب هذه السفينة نجا، ومن تخلّف عنها غرق». ثمّ قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «وکذلک الآخرة جنّتها ونارها کالبحر، وهؤلاء سفن اُمّتي، يعبرون بمحبّيهم وأوليائهم إلي الجنّة» الخبر.[4] . وأشار إلي ذلک الإمام الشافعي بقوله: ولما رأيتُ النّاس قد ذهبت بهم رکبتُ علي اسم اللَّه في سفنِ النجا وأمسکتُ حبلَ اللَّه وهو ولاؤهم
في الاحقاق عن أبي بکر الحضرمي الشافعي في (رشفة الصادي): قال العلماء: وجه تمثيله صلي الله عليه و آله لهم بسفينة نوح عليه السلام أنّ النجاة من هول الطوفان ثابتة لمن رکب تلک السفينة، وأنّ مَن تمسّک من الاُمّة بأهل بيته صلي الله عليه و آله وأخذ بهديهم - کما حثّ عليه صلي الله عليه و آله في الأحاديث السابقة - نجا من ظلمات المخالفات، واعتصم بأقوي سبب إلي ربّ البريّات، ومن تخلّف عن ذلک وأخذ غير مأخذهم، ولم يعرف حقّهم، غرق في بحار الطغيان، واستوجب الحلول في النيران، إذ من المعلوم ممّا سبق وما يأتي أنّ بعضهم منذر بحلولها، موجب لدخولها.[1] .
مذاهبهم في أبحر الغيِّ والجهل
وهم أهل بيت المصطفي خاتم الرسل
کما قد اُمرنا بالتمسّک بالحبل[5] .