مناشدة اميرالمؤمنين بحديث الغدير











مناشدة اميرالمؤمنين بحديث الغدير



لقد کان حديث الغدير ممّا أجمع الحفّاظ علي نقله، وکان من الاُصول المسلّمة يؤمن به المحبّ والمبغض، ولم ينکر أحد صدوره، إلّا مَن کان منکراً للضروري والبديهي؛ ولذلک کثر الاحتجاج به، وتواترت مناشدته بين الصحابة والتابعين، ولم ينکره أحد ممّن سمعه.

قال السيّد المرتضي ما ملخّصه: أمّا الدلالة علي صحّة الخبر فلا يطالب بها إلّا متعنّت؛ لظهوره وانتشاره، وحصول العلم لکلّ من سمع الأخبار به، وما المطالب بتصحيح خبر الغدير والدلالة عليه إلّا کالمطالب بتصحيح غزوات الرسول صلي الله عليه و آله الظاهرة والمشهورة وأحواله المعروفة؛ لأنّ ظهور الجميع وعموم العلم به بمنزلة واحدة.

ثمّ قال: وممّا يدلّ علي صحّة الخبر إطباق الاُمّة علي قبوله، ولا شبهة فيما ادّعيناه لأنّ الشيعة جعلته الحجّة في النصّ علي أمير المؤمنين عليه السلام بالإمامة، ومخالفو الشيعة تأوّلوه علي خلاف الإمامة علي اختلاف تأويلاتهم، وقد استدلّ علي صحّة الخبر بما تظاهرت به الرواية من احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام به في الشوري علي الحاضرين في جملة ما عدّده من فضائله ومناقبه حيث قال: «اُنشدکم اللَّه، هل فيکم أحدٌ أخذ رسول اللَّه بيده فقال: مَن کنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه؟». فقال القوم: اللّهمّ لا، وإذا اعترف من حضر الشوري من الوجوه واتّصل أيضاً بغيرهم من الصحابة ممّن لم يحضر الموضع، ولم يکن من أحدنکير له مع علمنا بتوفّر الدواعي إلي إظهار ذلک لو کان، فقد وجب القطع علي صحّته، هذا علي أنّ الخبر لو لم يکن في الوضوح کالشمس، لما جاز أن يدّعيه ا مير المؤمنين عليه السلام، سيّما في مثل هذا المقام.[1] .

و في (المناقب) عن عامر بن واثلة، قال: کنت مع عليّ عليه السلام في البيت يوم الشوري وسمعته يقول لهم: «لأحتجّن عليکم بما لا يستطيع عربيّکم ولا عجميّکم تغيير ذلک»، ثمّ قال: «فاُنشدکم باللَّه، هل فيکم أحدٌ قال له رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: مَن کنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، وانصر مَن نصره، ليبلّغ الشاهد الغائب، غيري؟». قالوا: اللّهمّ لا.[2] .

ولا يخفي أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام احتجّ بحديث الغدير في مواضع اُخري، منها: في أيّام حکومة عثمان، ويوم الرحبة في الکوفة، ويوم الجمل علي طلحة، وفي الکوفة علي رهط، ويوم صفّين، بطرق متعدّدة من علماء العامّة.[3] .







  1. الشافي في الإمامة 265 261:2.
  2. المناقب للخوارزمي: 222.

    روي هذه المناشدة کثير من علماء العامّة في کتبهم، فمن أراد الوقوف عليها فليلاحظ الغدير 163 - 159:1.

  3. راجع: الغدير 196 - 159: 1.