اليك نبذة من لفظ الحديث











اليک نبذة من لفظ الحديث



ذکر لفظ الحديث کثير من علماء العامّة والخاصّة في کتبهم، و قد ذکرنا بعضهم خلال الفصل و فيما يلي نشير إلي بعض آخر منها:

1- روي الحلبي الشافعي في سيرته: ولمّا وصل رسول اللَّه صلي الله عليه و آله إلي محلّ بين مکّة والمدينة يقال له: غدير خمّ بقرب رابغ، جمع الصحابة وخطبهم خطبة، بيّن فيها فضل عليّ... فقال صلي الله عليه و آله: «أيّها النّاس، إنّما أنا بشر مثلکم، يوشک أن يأتيني رسول اللَّه ربّي فاُجيب». - وفي لفظ الطبراني، فقال: «أيّها الناس، إنّه قد نبّأني اللطيف الخبير أنّه لم يعمر نبي إلّا نصف عمر الّذي يليه من قبله، وإنّي لأظنّ أن يوشک أن اُدعي فاُجيب، وإنّي مسؤول وإنّکم مسؤولون، فما أنتم قائلون؟». قالوا: نشهد أنّک قد بلّغت وجهدت ونصحت، فجزاک اللَّه خيراً، فقال صلي الله عليه و آله: «أليس تشهدون أن لا إله إلّا اللَّه، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّ جنّته حقّ، وناره حقّ، وأنّ الموت حقّ، وأنّ البعث حقّ بعد الموت، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ اللَّه يبعث مَن في القبور؟». قالوا: بلي نشهد بذلک. قال: «اللّهمّ اشهد» - الحديث.

ثمّ حضّ علي التمسّک بکتاب اللَّه، ووصّي بأهل بيته، فقال: «إنّي تارک فيکم الثقلين: کتاب اللَّه، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتّي يردا علَيّ الحوض».

وقال في حقّ عليّ عليه السلام لمّا کرّر عليهم: «ألست أوْلي بکم من أنفسکم ثلاثاً»، وهم يجيبونه صلي الله عليه و آله بالتصديق والاعتراف ورفع يد عليّ عليه السلام، وقال: «من کنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأحبّ من أحبّه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، وأعن من أعانه، واخذل من خذله، وأدر الحقّ معه حيث دار».

ثمّ قال: وهذا حديث صحيح، ورد بأسانيد صحاح وحسان، ولا التفات لمن قدح في صحّته.[1] .

2- و روي ابن المغازلي الشافعي بإسناده إلي ابن امرأة زيد بن أرقم، قالت: أقبل نبيّ اللَّه صلي الله عليه و آله من مکّة في حجّة الوداع حتّي نزل صلي الله عليه و آله بغدير الجحفة بين مکّة والمدينة، فأمر بالدوحات فقمّ ما تحتهنّ من شوک، ثمّ نادي: الصلاة جامعة، فخرجنا إلي رسول اللَّه في يوم شديد الحرّ، وإنّ منّا لمن يضع رداءه علي رأسه، وبعضه علي قدميه من شدّة الرمضاء، حتّي انتهينا إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فصلّي بنا الظهر، ثمّ انصرف إلينا فقال: «الحمد للَّه نحمده ونستعينه، ونؤمن به ونتوکّل عليه، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا، ومن سيّئات أعمالنا، الّذي لا هادي لمن أضلّ، ولا مضلّ لمن هدي، وأشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأنّ محمّداً عبده ورسوله.

أمّا بعد أيّها النّاس، فإنّه لم يکن لنبيّ من العمر إلّا نصف عمر من قبله، وإنّ عيسي بن مريم لبث في قومه أربعين سنة، وإنّي قد أسرعت في العشرين، ألا وإنّي يوشک أن اُفارقکم، ألا وإنّي مسؤول وأنتم مسؤولون، فهل بلّغتکم؟ فماذا أنتم قائلون؟». فقام من کلّ ناحية من القوم مجيب يقولون: نشهد أنّک عبد اللَّه ورسوله، قد بلّغت رسالته، وجاهدت في سبيله، وصدعتَ بأمره، وعبدته حتّي أتاک اليقين، جزاک اللَّه عنّا خير ما جزي نبيّاً عن اُمّته.

فقال: «ألستم تشهدون أن لا إله إلّا اللَّه، لا شريک له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله؟ وأنّ الجنّة حقّ، وأنّ النّار حقّ، وتؤمنون بالکتاب کلّه؟». قالوا: بلي. قال: «فإنّي أشهد أن قد صدّقتکم وصدّقتموني، ألا وإنّي فَرَطکم وإنّکم تبعي، تُوشکون أن تَرِدوا علَيّ الحوض، فأسألکم حين تَلقونني عن ثِقليَّ کيف خَلَفتموني فيهما». قال: فاُعيل علينا[2] ما ندري ما الثقلان، حتّي قام رجل من المهاجرين، وقال: بأبي واُمّي يا نبيّ اللَّه، ما الثقلان؟

قال صلي الله عليه و آله: «الأکبر منهما کتاب اللَّه تعالي، سبب طرفه بيد اللَّه وطرف بأيديکم، فتمسّکوا به ولا تضلّوا، والأصغر منهما عترتي، من استقبل قِبلَتي وأجاب دَعوتي، فلا تقتلوهم ولا تقهروهم، ولا تقصروا عنهم، فإنّي قد سألت لهم اللطيف الخبير فأعطاني، ناصرهما لي ناصر، وخاذلهما لي خاذل، ووليّهما لي وليّ، وعدوّهما لي عدوّ. ألا وإنّها لم تهلک اُمّة قبلکم حتّي تتديّن بأهوائها، وتظاهر علي نبوّتها، وتقتل من قام بالقسط».

ثمّ أخذ بيد عليّ بن أبي طالب عليه السلام فرفعها، ثمّ قال: «مَن کنت مولاه فهذا مولاه، ومن کنت وليّه فهذا وليّه، اللّهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه»، قالها ثلاثاً.[3] .

3- و قال محمّد بن عبده في تفسيره قوله تعالي: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْکَ مِن رَبِّکَ وَإِن لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ»[4] روي ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساکر، عن أبي سعيد الخدري، أنّها نزلت يوم غدير خمّ في عليّ بن أبي طالب عليه السلام.[5] .

ثمّ قال محمّد بن عبده: وروت الشيعة عن الإمام محمّد الباقر: «أنّ المراد بما اُنزل إليه من ربّه النصّ علي خلافة عليّ عليه السلام بعده، وأنّه صلي الله عليه و آله کان يخاف أن يشقّ ذلک علي بعض أصحابه، فشجّعه اللَّه تعالي بهذه الآية».[6] .

4- وفيه أيضاً: عن ابن عبّاس: أنّ اللَّه أمره صلي الله عليه و آله أن يخبر النّاس بولاية عليّ عليه السلام، فتخوّف أن يقولوا: حابي ابن عمّه، وأن يطعنوا في ذلک عليه، فلمّا نزلت الآية عليه في غدير خمّ، أخذ بيد عليّ عليه السلام وقال: «مَن کنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ من والاه، وعادِ مَن عاداه». ثمّ قال: ولهم في ذلک روايات وأقوال في التفسير مختلفة، منها ما ذکره الثعلبي في تفسيره أنّ هذا القول من النبيّ صلي الله عليه و آله في موالاة عليّ عليه السلام شاع وطار في البلاد، وحکي قصّة الحارث بن النعمان الفهري، فقال: أما حديث: «مَن کنت مولاه فعليّ مولاه»، فقد رواه أحمد في مسنده من حديث البراء وبريدة، والترمذي والنسائي والضياء في المختارة من حديث زيد بن أرقم، وابن ماجة عن البراء، وحسّنه بعضهم، وصحّحه الذهبي بهذا اللفظ، ووثّق أيضاً سند من زاد فيه: «اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه» - الحديث.[7] .

5- وفيه أيضاً: وفي رواية: أنّه خطب النّاس فذکر اُصول الدين، ووصّي بأهل بيته، فقال: «إنّي قد ترکت فيکم الثقلين: کتاب اللَّه، وعترتي أهل بيتي، فانظروا کيف تخلفوني فيهما، فإنّهما لم يفترقا حتّي يردا علَيّ الحوض، اللَّه مولاي، وأنا وليّ کلّ مؤمن»، ثمّ أخذ بيد عليّ عليه السلام - الحديث.[8] .

6- و روي الترمذي: بسنده عن أبي سُريحة أو زيد بن أرقم، عن النبيّ صلي الله عليه و آله، قال: «مَن کنت مولاه فعليّ مولاه».[9] .

7- وفي (الفصول المهمّة) - بعد نقل رواية الترمذي - قال: وزاد غيره - وهو الزهري - ذکر اليوم والزمان والمکان، قال: لمّا حجّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله حجّة الوداع، وعاد قاصداً المدينة، قام بغدير خمّ - وهو ماء بين مکّة والمدينة - وذلک في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة الحرام وقت الهاجرة، فقال صلي الله عليه و آله: «أيّها النّاس، إنّي مسؤول وأنتم مسؤولون، هل بلّغت؟». قالوا: نشهد أنّک قد بلّغت ونصحت. قال: «وأنا أشهد أنّي قد بلّغت ونصحت». قال: «أيّها النّاس، أليس تشهدون أن لا إله إلّا اللَّه، وأنّي رسول اللَّه؟». قالوا: نشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأنّک رسول اللَّه. قال: «وأنا أشهد مثل ما شهدتم».

ثمّ قال: «أيّها النّاس، قد خلفت فيکم ما إن تمسّکتم به لن تضلّوا بعدي: کتاب اللَّه، وأهل بيتي، ألا وإنّ اللطيف أخبرني أنّهما لن يفترقا حتّي يردا علَيّ الحوض، حوضي ما بين بصري وصنعاء، عدد آنيته عدد النجوم، إنّ اللَّه مسائلکم کيف خلفتموني في کتابه وأهل بيتي».

ثمّ قال: «أيّها النّاس، مَن أوْلي النّاس بالمؤمنين؟»، قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: «إنّ أوْلي النّاس بالمؤمنين أهل بيتي»، قال ذلک ثلاث مرّات. ثمّ قال في الرابعة وأخذ بيد عليّ: «اللّهمّ مَن کنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه» يقولها ثلاث مرّات، «ألا فليبلّغ الشاهد الغائب».[10] .

8- وروي السيوطي في تفسيره عن ابن مردويه، عن ابن مسعود، قال: کنّا نقرأ علي عهد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْکَ مِن رَبِّکَ» أنّ عليّاً مولي المؤمنين[11] «وَإِن لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ».[12] .

9- و رواه أيضاً عن أبي سعيد الخدري، قال: نزلت هذه الآية: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ...» علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يوم غدير خمّ في عليّ بن أبي طالب عليه السلام.[13] .

10- وفي (غاية المرام): عن مسند أحمد بن حنبل، بسنده عن البراء بن عازب، قال: کنّا مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في سفره فنزلنا بغدير خمّ، ونودي فينا الصلاة جامعة، وکسح لرسول اللَّه صلي الله عليه و آله تحت شجرة فصلّي الظهر، وأخذ بيد عليّ عليه السلام فقال: «ألستم تعلمون أنّي أوْلي بالمؤمنين من أنفسهم؟». قالوا: بلي. قال: «ألستم تعلمون أنّي أوْلي بکلّ مؤمن من نفسه؟». قالوا: بلي. وأخذ بيد عليّ فقال لهم: «مَن کنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه». قال: فلقيه عمر، فقال: هنيئاً لک يابن أبي طالب أصبحت مولي کلّ مؤمن ومؤمنة.[14] .

11- وفيه أيضاً: عن مسند أحمد بن حنبل بسنده عن زيد بن أرقم، قال: نزلنا مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بوادٍ يقال له: وادي خمّ، فأمر بالصلاة فصلّاها، قال: فخطبنا وظُلّل لرسول اللَّه صلي الله عليه و آله بثوب علي شجرة من الشمس فقال صلي الله عليه و آله: «أوَلستم تعلمون، أوَلستم تشهدون أنّي أوْلي بکلّ مؤمن من نفسه؟». قالوا: بلي. قال: «مَن کنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ من عاداه».[15] .

12- و روي الحاکم النيشابوري بسنده عن ابن واثلة عن زيد: يقول: نزل رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بين مکّة والمدينة عند شجرات خمس دوحات عظام، فکنس النّاس ما تحت الشجرات، ثمّ راح رسول اللَّه صلي الله عليه و آله عشيّة فصلّي ثمّ قام خطيباً فحمد اللَّه وأثني عليه وذکّر ووعظ، فقال: ما شاء اللَّه أن يقول: ثمّ قال: «أيّها النّاس، إنّي تارک فيکم أمرين لن تضلّوا إن اتّبعتموهما وهما: کتاب اللَّه، وأهل بيتي عترتي». ثمّ قال: أتعلمون أنّي أوْلي بالمؤمنين من أنفسهم؟» ثلاث مرّات. قالوا: نعم. فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «مَن کنت مولاه فعليّ مولاه».[16] .

13- وأخرج ابن عقدة، من طريق عمرو بن سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة، عن أبيه، عن جدّه، عن اُمّ سلمة قالت: أخذ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بيد عليّ بغدير خمّ، فرفعها حتّي رأينا بياض إبطيه، فقال: «مَن کنت مولاه فعليّ مولاه». ثمّ قال: «أيّها النّاس؟ إنّي مخلف فيکم الثقلين: کتاب اللَّه وعترتي، ولن يتفرّقا حتّي يردا علَيّ الحوض».[17] .

14- و روي العلامة الاميني عن الحافظ الزرقاني المالکي في (شرح المواهب) بسنده عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «يا أيّها النّاس، إنّ اللَّه مولاي، وأنا مولي المؤمنين، وأنا أوْلي بهم من أنفسهم، فمن کنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، وأحبّ مَن أحبّه، وابغض مَن أبغضه، وانصر من نصره، واخذل مَن خذله، وأدرِ الحقّ معه حيث دار».[18] .

15- وروي ابن طلحة الشافعي نقلاً عن الترمذي والطبراني والبزّاز، بإسنادهم عن زيد، قال: أمر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بالشجرات فقمّ ما تحتها ورشّ، ثمّ قال: «أيّها الناس، من أوْلي بکم من أنفسکم؟». قلنا: اللَّه ورسوله أوْلي بنا من أنفسنا. قال: «فمن کنت مولاه فهذا مولاه»، يعني عليّاً. ثمّ أخذ بيده فبسطها، ثمّ قال: «اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه»، ووثّق رجاله.[19] .

16- و روي الجويني عن مهاجر بن مسمار، قال: أخبرني عائشة بنت سعد عن سعد أنّه قال: کنّا مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بطريق مکّة وهو متوجّه إليها، فلمّا بلغ غدير خمّ - الّذي بخمّ - وقف النّاس، ثمّ ردّ من مضي، ولحقه منهم من تخلّف، فلمّا اجتمع النّاس قال: «أيّها النّاس، هل بلّغت؟. قالوا: بلي. قال: «اللّهمّ اشهد». ثمّ قال: «أيّها النّاس، هل بلّغت؟». قالوا: بلي. قال: «اللّهمّ اشهد» ثلاثاً.

ثمّ قال: «أيّها النّاس، مَن وليّکم؟». قالوا: اللَّه ورسوله، ثلاثاً. ثمّ أخذ بيد عليّ بن أبي طالب فأقامه، ثمّ قال: «مَن کان اللَّه ورسوله وليّه فإنّ هذا وليّه، اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه».[20] .

17- و رواه أيضاً عن أبي سعيد الخدري، قال: إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لمّا دعا النّاس إلي عليّ عليه السلام في غدير خمّ وأمر بما تحت الشجرة من الشوک فقمّ، وذلک يوم الخميس، فدعا عليّاً فأخذ بضبعيه فرفعهما، حتّي نظر النّاس إلي بياض إبطي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، ثمّ لم يتفرّقوا حتّي نزلت هذه الآية: «الْيَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِينَکُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْکُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَکُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً».[21] فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «اللَّه أکبر علي إکمال الدين، وإتمام النعمة، ورضي الربّ برسالتي، والولاية لعليّ من بعدي».

ثمّ قال: «مَن کنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، وانصر مَن نصره، واخذل مَن خذله».[22] .

18- و عن البحراني عن (أمالي الصدوق) عن أبي سعيد، قال: لمّا کان يوم غدير خمّ أمر رسول اللَّه منادياً ينادي، فنادي الصلاة جامعة، فأخذ بيد عليّ عليه السلام، وقال: «اللّهمّ مَن کنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه».[23] .

19- وروي الکليني بسنده عن عمر بن اُذينة، عن زرارة، والفضيل بن يسار، وبکير بن أعين، ومحمّد بن مسلم، وبريد بن معاوية، وأبي الجارود، جميعاً، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: «أمر اللَّه عزّ وجلّ رسوله بولاية عليّ، وأنزل عليه: «إِنَّمَا وَلِيُّکُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّکَاةَ».[24] وفرض ولاية اُولي الأمر، فلم يدروا ما هي؟ فأمر اللَّه محمّداً صلي الله عليه و آله أن يفسّر لهم الولاية کما فسّر لهم الصلاة والزکاة والصوم والحجّ، فلمّا أتاه ذلک من اللَّه ضاق بذلک صدر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وتخوّف أن يرتدّوا عن دينهم، وأن يکذّبوه، فضاق صدره وراجع ربّه عزّ وجلّ، فأوحي اللَّه عزّ وجلّ إليه: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْکَ مِن رَبِّکَ وَإِن لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ»[25] فصدع بامر اللَّه تعالي ذکره، فقام بولاية عليّ عليه السلام يوم غدير خمّ فنادي الصلاة جامعة، وأمر النّاس أن يبلّغ الشاهد الغائب».

قال عمر بن اُذينة: قالوا جميعاً غير أبي الجارود: وقال أبو جعفر عليه السلام: «وکانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الاُخري، وکانت الولاية آخر الفرائض، فأنزل اللَّه عزّ وجلّ: «الْيَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِينَکُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْکُمْ نِعْمَتِي».[26] قال أبو جعفر عليه السلام: «يقول اللَّه عزّ وجلّ: لا اُنزل عليکم بعد هذه فريضة، قد أکملت لکم الفرائض».[27] .

20- و رواه ايضاً بسنده، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: «فرض اللَّه عزّوجلّ علي العباد خمساً، أخذوا أربعاً وترکوا واحداً». قلت: أتسمّيهنّ لي، جعلت فداک؟. فقال: «الصلاة، وکان النّاس لا يدرون کيف يصلّون، فنزل جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمّد، أخبرهم بمواقيت صلاتهم، ثمّ نزلت الزکاة، فقال: يا محمّد، أخبرهم من زکاتهم ما أخبرتهم من صلاتهم، ثمّ نزل الصوم، فکان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله إذا کان يوم عاشوراء بعث إلي ما حوله من القري فصاموا ذلک اليوم، فنزل شهر رمضان بين شعبان وشوّال، ثمّ نزل الحجّ فنزل جبرئيل عليه السلام فقال: أخبرهم من حجّهم ما أخبرتهم من صلاتهم وزکاتهم وصومهم.

ثمّ نزلت الولاية، وإنّما أتاه ذلک في يوم الجمعة بعرفة، أنزل اللَّه عزّ وجلّ: «الْيَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِينَکُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْکُمْ نِعْمَتِي»[28] وکان کمال الدين بولاية عليّ بن أبي طالب، فقال عند ذلک رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: اُمّتي حديثو عهد بالجاهليّة، ومتي أخبرتهم بهذا في ابن عمّي، يقول قائل، ويقول قائل - فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني - فأتتني عزيمة من اللَّه عزّ وجلّ بتلة[29] أوعدني إن لم اُبلّغ أن يعذّبني، فنزلت: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْکَ مِن رَبِّکَ وَإِن لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْکَافِرِينَ»[30] فأخذ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بيد عليّ عليه السلام فقال: أيّها النّاس، إنّه لم يکن نبيّ من الأنبياء ممّن کان قبلي إلّا وقد عمّره اللَّه، ثمّ دعاه فأجابه، فاُوشک أن اُدعي فاُجيب، وأنا مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟ فقالوا: نشهد أنّک قد بلّغت ونصحت، وأدّيت ما عليک، فجزاک اللَّه أفضل جزاء المرسلين.

فقال: اللّهمّ اشهد - ثلاث مرّات - ثمّ قال: يا معشر المسلمين، هذا وليّکم من بعدي فليبلّغ الشاهد منکم الغائب».

قال أبو جعفر عليه السلام: «کان واللَّه عليّ عليه السلام أمين اللَّه علي خلقه وغيبه ودينه الّذي ارتضاه لنفسه، ثمّ إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله حضره الّذي حضر، فدعا عليّاً عليه السلام فقال: يا عليّ، إنّي اُريدُ أن ائتمنک علي ما ائتمنني اللَّه عليه من غيبه وعلمه، ومن خلقه، ومن دينه الّذي ارتضاه لنفسه، فلم يشرک واللَّه فيها أحداً من الخلق، ثمّ إنّ عليّاً عليه السلام حضره الّذي حضره، فدعا ولده وکانوا اثنا عشر ذکراً فقال لهم: يا بنيَّ، إنّ اللَّه عزّ وجلّ قد أبي إلّا أن يجعل فيَّ سنّة من يعقوب، وإنّ يعقوب دعا ولده وکانوا اثنا عشر ذکراً، فأخبرهم بصاحبهم» - الحديث.[31] .

21- وفي (تفسير العيّاشي) عن حنّان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: «لمّا نزل جبرئيل علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في حجّة الوداع بإعلان أمر عليّ بن أبي طالب عليه السلام «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْکَ مِن رَبِّکَ» الآية. قال: فمکث النبيّ صلي الله عليه و آله ثلاثاً حتّي أتي الجحفة فلم يأخذ بيده فرقاً من النّاس، فلمّا نزل الجحفة يوم الغدير في مکان يقال له: مهيعة، فنادي الصلاة جامعة، فاجتمع النّاس فقال النبيّ صلي الله عليه و آله: من أوْلي بکم من أنفسکم؟ قال: فجهروا، فقالوا: اللَّه ورسوله، ثمّ قال لهم الثانية، فقالوا: اللَّه ورسوله، ثمّ قال لهم الثالثة، فقالوا: اللَّه ورسوله.

فأخذ بيد عليّ عليه السلام فقال: مَن کنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، وانصر مَن نصره، واخذل مَن خذله، فإنّه منّي وأنا منه، وهو منّي بمنزلة هارون من موسي، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي».[32] .

22- و فيه أيضاً عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: «وآخر فريضة أنزلها اللَّه الولاية «الْيَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِينَکُمْ...»، فلم ينزل من الفرائض شي ء بعدها حتّي قبض اللَّه رسوله».[33] .

23- وفي (مجمع البيان) عن کتاب (شواهد التنزيل لقواعد التفضيل والتأويل) بإسناده عن ابن عبّاس، قال: نزلت هذه الآية: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْکَ مِن رَبِّکَ» في عليّ عليه السلام، فأخذ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بيده عليه السلام، فقال: «مَن کنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه».[34] .

ويستفاد من بعض الأحاديث المأثورة، کالحديث (19) المتقدّم، أنّه لم ينزّل من الفرائض شي ء بعد نصب عليّ بن أبي طالب يوم الغدير بالإمامة، ونشير إلي واحدٍ منها:







  1. السيرة الحلبيّة بهامش السيرة النبويّة 274:3.
  2. أي صعب علينا فلم ندرِ ما يريد.
  3. المناقب لابن شهرآشوب: 16، ح 23. والبحار 184:37.
  4. سورة المائدة: 67.
  5. تفسير المنار 463:6.
  6. المصدر السابق: 464.
  7. المصدر السابق: 464.
  8. المصدر السابق: 465.
  9. سنن الترمذي 591:5، ح 3713.
  10. الفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالکي: 40، وعنه في غاية المرام: 88، الباب 16 من المقصد الأوّل، ح 78.
  11. هذه الزيادة: «أنّ عليّاً مولي المؤمنين» ليست من القرآن، بل هي لغرض التفسير؛ لثبات سلامة القرآن من الزيادة والنقيصة باتّفاق العلماء.
  12. تفسير الدرّ المنثور 298:2.
  13. المصدر السابق، وفي الفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالکي: 42 مثله.
  14. غاية المرام: 79، الباب 16 من المقصد الأوّل، ح 1.
  15. غاية المرام: 79، الباب 16 من المقصد الأوّل، ح 2.
  16. مستدرک الحاکم 109:3.
  17. ينابيع المودّة: 40.
  18. الغدير 34: 1.
  19. مطالب السؤول 105:9، نقلاً عن الغدير 34:1.
  20. فرائد السمطين 70:1، ح 37.
  21. سورة المائدة: 3.
  22. فرائد السمطين 74:1، ح 40.
  23. غاية المرام: 90، الباب 17 من المقصد الأوّل، ح 1.
  24. سورة المائدة: 55.
  25. سورة المائدة: 67.
  26. سورة المائدة: 3.
  27. اُصول الکافي 289:1، کتاب الحجّة - باب نصّ اللَّه ورسوله علي الأئمّة عليهم السلام، ح 4.
  28. سورة المائدة: 3.
  29. أي مقطوعة.
  30. سورة المائدة: 67.
  31. اُصول الکافي 290:1، کتاب الحجّة - باب نصّ اللَّه ورسوله علي الأئمّة عليهم السلام، ح 6.
  32. تفسير العيّاشي 332:1، وعنه تفسير البرهان 489:1.
  33. تفسير العيّاشي 292:1.
  34. تفسير مجمع البيان 223:3.