العناية بحديث الغدير











العناية بحديث الغدير



کان للمولي تعالي مزيد عناية باشتهار هذا الحديث، لتتداوله الألسن، وتلوکه أشداق الرواة حتّي يکون حجّة قائمة لحماية دينه، ولذلک کان الأمر بالتبليغ في حين مزدحم الجماهير عند منصرف نبيّه صلي الله عليه و آله من الحجّ الأکبر، فنهض بالدعوة وکراديس النّاس وزرافاتهم من مختلف الديار محتفّة به، فردّ المتقدّم، وجعجع بالمتأخّر، وأسمع الجميع، وأمر بتبليغ الشاهد الغائب، ليکونوا کلّهم رواة هذا الحديث، وهم يربون علي مائة ألف، ولم يکتف سبحانه بذلک کلّه حتّي أنزل في أمره الآيات الکريمة تتلامع مرّ الجديدين بکرةً وعشيّاً، ليکون المسلمون علي ذکر من هذه القضيّة في کلّ حين، وليعرفوا رشدهم والإمام الّذي يأتمّون به في اُمورهم ويصلحون به بلادهم وجوامعهم، والمرجع الّذي يجب عليهم أن يأخذوا عنه معالم دينهم.

ولم تزل مثل هذه العناية لنبيّنا الأعظم صلي الله عليه و آله حيث استنفر اُمم النّاس للحجّ في تلک السنة، فالتحقوا به ثبّاً ثبّاً، وکراديس کراديس، وهو صلي الله عليه و آله يعلم أنّه سوف يبلّغهم في منتهي سفره نبأً عظيماً، يقام به صرح الدين، ويُشاد علاليه، وتسود به اُمّته الاُمم، ويدبّ ملکها بين المشرق والمغرب لو عقلت صالحها، وأبصرت طريق رشدها.

ولهذه الغاية بعينها لم يبرح أئمّة الدين عليهم السلام يهتفون بهذه الواقعة، ويحتجّون بها لإمامة سلفهم الطاهر، کما لم يفتأ أمير المؤمنين عليه السلام بنفسه يحتجّ بها طيلة حياته الکريمة، ويستنشد السامعين لها من الصحابة الحضور في حجّة الوداع في المنتديات ومجتمعات لفائف النّاس، کلّ ذلک لتبقي غضّة طريّة بالرغم من تعاور الحقب والأعوام، ولذلک أمروا شيعتهم بالتعيّد في يوم الغدير والاجتماع، وتبادل التهاني والبشائر، إعادة لجدّه هاتيک الواقعة العظيمة.[1] .







  1. انظر الغدير 12:1.