تقريظ سماحة آية اللَّه العظمي لطف اللَّه صافي











تقريظ سماحة آية اللَّه العظمي لطف اللَّه صافي



بسم اللَّه الرحمن الرحيم

سبحانک وبحمدک يا ربّ العالمين، يا من اصطفيت من عبادک الأنبياء والمرسلين، وخلفائک المرضيّين، ويا من أکرمت محمّداً صلواتک عليه وآله بالرسالة، وخصصت آله بالاصطفاء کرامة الولاية، وأعطيتهم علم الکتاب وجعلتهم حججک علي عبادک، وحفظة وحيک واُمنائک علي شرائعک وأحکامک، وأذهبت عنهم الرجس وطهّرتهم تطهيراً، فقلت في کتابک الکريم: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَي آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَي الْعَالَمِينَ»، وقلت: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْکِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا»، وقلت: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْکِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا»، وقلت: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَکُمْ تَطْهِيراً»، وقلت: «إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِکُلِّ قَوْمٍ هَادٍ».

فلم تترک يا ربّنا عبادک سدي، ولم تخل الأرض في کلّ عصر وأوان من حجّتک وجادّتک العظمي، وميزانک القويم و صراطک المستقيم، فصلِّ اللّهمّ عليهم صلاة کثيرة دائمة متواترة متواصلة.

اللّهمّ إنّا نشهد أنّک أکملت لنا دينک، وأتممت علينا نعمتک، ورضيت لنا الإسلام ديناً بولاية عليّ عليه السلام ونشهد أنّ رسولک قد بلّغ ما أنزلت إليه فيه، فهو مولي المؤمنين، وأوْلي بهم من أنفسهم، وهو کلمتک التامّة، وحجّتک البالغة، والنبأ والعظيم، وآيتک العظمي، والعروة الوثقي، ولسانک الناطق بحکمک، وعديل کتابک، لا يدخل الجنّة إلّا من عرفه وعرف الأئمّة من ولده وعرفوه، ولا يدخل النّار إلّا من أنکرهم وأنکروه، اللّهمّ فاکتبنا في زمرتهم، واعل کلمتک وکلمتهم بظهور خاتمهم وقائمهم، الّذي تملأ به الأرض قسطاً وعدلاً، کما ملئت ظلماً وجوراً.

وبعد، فإنّ الشريف الايّد، والعالم المسدّد، المتمسّک بحبل ولاء أجداده الطاهرين؛ السيّد أصغر ناظم زاده القمّي، قد خدم مکتبة فضائل أمير المؤمنين عليه السلام خدمة جليلة بتأليف موسوعته الکبيرة الّتي سمّاها «الفصول المائة في حياة أبي الأئمّة عليهم السلام»، واللَّه سبحانه هو الموفّق عباده لکلّ خير، وملهمه إلي هذا العمل الکبير، الّذي يبقي له الذِّکر الخالد، ولا يوفَّق إلي مثله إلّا من جعله اللَّه تحت رعايته وتوفيقه، فجزاه اللَّه تعالي خير جزاء المحسنين. والعلماء والباحثون، وإن ألّفوا في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وما يتعلّق بشخصيّته الممتازة اُلوفاً من الکتب علي مرور الأزمنة والسنين طوال أربعة عشر قرناً، وسوف لا ينقطع ذلک ما دام الإنسان مفطوراً علي حبّ الحقّ والعدل والخير، ولکنّهم جميعاً لم ينتهوا - ولا ينتهون - إلي ساحل هذا البحر العميق، الّذي کلّما غاص الباحثون فيه اکتشفوا أنّه أغور وأوسع ممّا کانوا يظنّون، ولذلک مع هذه الثروة الضخمة من الکتب المؤلّفة في فضائله عليه السلام، والتراث العلمي الغزير المأثور عنه في مثل نهج البلاغة ومستدرکاته، لم تستغن البشريّة، وسيّما الاُمّة الإسلاميّة، عن تجديد النظر في فضائله، والتکلّم عن شخصيّته، فالميدان لاجالة النظر في حياته الشريفة المملوءة بالأمجاد والمناقب والمفاخر لا يسدّه حضور آلاف من الرجال الأکابر فيه بمصنّفاتهم وکلماتهم الغالية.

ولذا نعتقد أنّه لا ينتهي تأليف الکتب حول شخصيّة الإمام عليه السلام، وأبعاد عظمته بمرور الأيّام، وکيف ينتهي الکلام عن شخص إلهي عبقري، هو عظيم في المعارف الحقيقيّة، والعلم بالتوحيد وصفات اللَّه تعالي الجماليّة والجلاليّة، وعظيم في إيمانه بالنبيّ صلي الله عليه و آله ورسالته الکاملة، وشؤونه المتعالية، عظيم في معرفة هذا الکون، عظيم في العدالة والقضاء بالحقّ، عظيم في الشجاعة الروحيّة والجسديّة، عظيم في البطولة والتضحية في سبيل اللَّه والإيثار، عظيم بشدّته علي الظالمين، وبرحمته علي الفقراء والمساکين والمستضعفين، عظيم بأدبه وبلاغته، عظيم في إخباره عن الغيوب، عظيم بصبره وزهده ويقينه وبصيرته الدينيّة، وجميع صفاته الروحيّة والنفسيّة، فإنّ في ذلک - بعد اللَّه تعالي ورسوله النبيّ الأمين - جميع العظماء.

بل هو - کما جاء في الحديث الشريف - آية اللَّه الباهرة الّتي أعطاها اللَّه تعالي نبيّه الأعظم صلي الله عليه و آله، کما أعطي سائر الأنبياء ما أعطاهم من الآيات البيّنات، والمعجزات الظاهرات.

إنّ الکلام عن فضائل مثل هذا العظيم الّذي صغر عنده قدرة العظماء، إذا صدر من العارف بشؤون أهل البيت عليهم السلام، والمغترف من مجاري علومهم، يدلّ علي صفاء الباطن، وخلوص العقيدة، وحياة الفطرة الّتي فطر اللَّه الناس عليها، وأنّ القيام بمثل هذه الموسوعة الکبيرة ذات «الفصول المائة» يدلّ علي أنّ المؤلّف الشريف بلغ مرتبة سامية من العلم، أتاحت له الغوص في هذا البحر الواسع، واستخراج هذه اللئالي والجواهر الثمينة، وورد في روضة هذه الفضائل وجنّة تلک المآثر والمفاخر، وجني من ثمارها الشهيّة العقلانيّة.

وإذا کانت منزلة الرجال تعرف بقدر روايتهم عن موالينا عليهم السلام، ومعرفة مقاماتهم وفضائلهم، فهذه الموسوعة تدلّ علي منزلة عالية لمؤلّفها عندهم إن شاء اللَّه تعالي.

ختاماً نقدّم أخلص تهانينا لحضرة السيّد الشريف بهذا التوفيق الّذي أکرمه اللَّه تعالي به، بارک اللَّه العزيز في عمره، وزاد في العلماء والکُتّاب أمثاله.

حرّره تراب أقدام حفظة آثار العترة الطاهرة

في الثالث من شهر محرّم الحرام 1413

لطف اللَّه الصافي لطف اللَّه به وبوالديه