استشهاد المأمون بحديث الطير











استشهاد المأمون بحديث الطير



قال ابن عبد ربّه: قال المأمون لإسحاق بن إبراهيم - عندما جمعه مع أربعين من الفقهاء للاحتجاج عليهم -: يا إسحاق، وهل تعرف حديث الطير؟ قال: قلت: نعم، قال: فحدّثني به؟ قال: فحدّثته الحديث. فقال: يا إسحاق، إنّي کنت اُکلّمک وأنا أظنّک غير معاند للحقّ، فأمّا الآن فقد بان لي عنادک!! إنّک توقن أنّ هذا الحديث صحيح؟ قال: قلت: نعم، رواه من لا يمکنني ردّه.

قال المأمون: أفرأيت أنّ من أيقن أنّ هذا الحديث صحيح ثمّ زعم أنّ أحداً أفضل من عليّ لا يخلو من إحدي ثلاثة: من أن يکون (يزعم أنّ) دعوة رسول اللَّه عنده مردودة عليه! أو أن يقول: إنّ اللَّه عرف الفاضل من خلقه وکان المفضول أحبّ إليه!! أو أن يقول: إنّ اللَّه لم يعرف الفاضل من المفضول!! فأيّ الثلاثة من هذه الوجوه أحبّ إليک أن تقول؟! والحديث طويل، واقتصرنا منه علي محلّ الحاجة من کلامه، وفيه فوائد جمّة ونتائج مهمّة، فراجعه.[1] .

ايضاح

هذه بضعة عشر حديثاً من طريق القوم عن کثير أجلّاء الصحابة مع کثرة اهتمام القوم علي إخفاء اسمه وفضله وشدّة نکيرهم علي من أفشاه، وقد اجتهد سلاطين الجور علي إخفاء فضائله، ومنها حديث الطير، ومع ذلک فقد أتاح اللَّه قوماً فجمعوا تلک الشتات ليتمّ حجّته علي عباده ويهلک من هلک عن بيّنة، ويحيي من حيي عن بيّنة، ولا يمکن لعاقل منصف أن ينکر أو يکابر، أو أنّه يصدّق بالحديث ثمّ ينکر فضل عليّ عليه السلام علي غيره.







  1. العقد الفريد 97:5.