ايمان أبي طالب علي لسان المعصومين











ايمان أبي طالب علي لسان المعصومين



1- في (الاحتجاج) بسنده عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام: «أنّ أمير المؤمنين عليه السلام کان ذات يوم جالساً في الرحبة والنّاس حوله مجتمعون، فقام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، أنت بالمکان الّذي أنزلک اللَّه به، وأبوک معذّب في النّار؟! فقال له عليّ: مه[1] فضّ اللَّه فاک، والّذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً لو شفع أبي في کلّ مذنب علي وجه الأرض لشفّعه اللَّه فيهم، أأبي معذّب في النّار وابنه قسيم الجنّة والنّار؟! والّذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً، إنّ نور أبي يوم القيامة يطفئ أنوار الخلائق کلّهم إلّا خمسة أنوار: نور محمّد صلي الله عليه و آله، ونوري، ونور الحسن، ونور الحسين، ونور تسعة من ولد الحسين، فإنّ نوره من نورنا الّذي خلقه اللَّه تعالي قبل أن يخلق آدم بألفي عام».[2] .

2- وفي (کنز الفوائد) عن أبان بن محمّد، قال: کتبت إلي الإمام عليّ بن موسي عليه السلام: جعلت فداک، إنّي شککت في إيمان أبي طالب؟ قال: فکتب: «بسم اللَّه الرحمن الرحيم، ومن يتّبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولّي، إنّک إن لم تقرّ بإيمان أبي طالب، کان مصيرک إلي النّار».[3] .

3- وفيه أيضاً عن محمّد بن يونس، عن أبيه، عن أبي عبداللَّه عليه السلام أنّه قال: «يا يونس، ما يقول النّاس في إيمان أبي طالب؟»، قلت: جعلت فداک، يقولون: هو في ضحضاح[4] من نار يغلي منها اُمّ رأسه، فقال عليه السلام: «کذب أعداء اللَّه إنّ أبا طالب من رفقاء النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن اُولئک رفيقاً».[5] .

4- و في حديث آخر، قال ابو عبداللَّه عليه السلام: «کذبوا واللَّه، إنّ إيمان أبي طالب لو وضع في کفّة ميزان، وإيمان هذا الخلق في کفّة ميزان، لرجح إيمان أبي طالب علي إيمانهم».

ثمّ قال: «کان - واللَّه - أمير المؤمنين يأمر أن يحجّ عن أب النبيّ واُمّه، وعن أبي طالب في حياته، ولقد أوصي في وصيّته بالحجّ عنهم بعد مماته».[6] .

5- وفيه أيضاً: عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام قال: «ما مات أبو طالب حتّي أعطي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله من نفسه الرضي».[7] .

6- وفي (الکافي) عن أبي عبداللَّه إسحاق بن جعفر، عن أبيه عليه السلام، قال: قيل له: إنّهم يزعمون أنّ أبا طالب کان کافراً؟ فقال: «کذبوا، کيف يکون کافراً وهو يقول:


ألم تعلموا أنّا وجدنا محمّداً
نبيّاً کموسي خُطَّ في أوّل الکُتب»


وفي حديث آخر: «کيف يکون أبو طالب کافراً وهو يقول:


لقد علموا أنّ إبننا لا مکذّب
لدينا ولا يعبأ بقيل[8] الأباطل


وأبيض يستسقي الغمام بوجهه
ثمال اليتامي عصمة للأرامل»[9] .


ونذکر في الختام ما هو مشهور عن عبداللَّه المأمون أنّه کان يقول: أسلم أبو طالب واللَّهِ، بقوله:


نصرتُ الرسولَ رسولَ المليک
ببيضٍ تلألأ کلمعِ البروق


اُذبُّ وأحمي رسولَ الإلهِ
حماية حامٍ عليه شفيق


وما إن اُذبُّ لأعدائِهِ
دبيب البکار حذار الفنيق


ولکن أزيرُ لهم سامياً
کما زار ليثٌ بغيلٍ مضيق[10] .


و بالجمله کان للنبيّ صلي الله عليه و آله تعلّق شديد بأبي طالب، فقد عاش في کنفه نحو (42) عاماً مُنذ الثامنة من عمره حينما توفّي عبدالمطّلب، وقد نشأ في حجر أبي طالب وکبر في بيته، کان أبو طالب موحّداً مؤمناً باللَّه ومعتقداً بالإسلام أرسخ الاعتقاد، وبقي علي حاله هذه حتّي وافاه الأجل، وإنّما أخفي إيمانه ليتمکّن أن يکون له شأن واتّصال مع کفّار مکّة، وليطّلع علي مکائدهم ومؤامراتهم، فکان يعيش حالة التقيّة، وکان مَثله کمثل أصحاب الکهف في قومهم، وهو ممّن آتاهم اللَّه أجرهم مرّتين: لإيمانه وتقيّته.







  1. مه: اسم فعل بمعني أکفف.
  2. الاحتجاج للطبرسي: 230 - 229، بحار الأنوار 69:35 و في کنز الفوائد 183: 1 نحوه.
  3. المصدر السابق بعينه وروي عنه في البحار 110:35، وراجع: شرح ابن أبي الحديد 70:14.
  4. الضحضاح في الأصل: ما رقّ من الماء علي وجه الأرض، وما يبلغ الکعبين، فاستعاره للنّار.
  5. کنز الفوائد 183:1، وعنه في البحار 111:35.
  6. بحار الأنوار 112:35، و في شرح ابن أبي الحديد 68:14 نحوه.
  7. بحار الأنوار 113:35.
  8. في امالي الصدوق: 491 ح 11 «بقول الأباطل».
  9. اُصول الکافي 449:1.
  10. شرح ابن أبي الحديد 74:14.