تفسير أهل البيت في كلام زيد و جوابه











تفسير أهل البيت في کلام زيد و جوابه



وذهب زيد بن أرقم - في حديث - إلي أنّ أهل بيت النبيّ صلي الله عليه و آله هم نساؤه وآل عليّ وآل عقيل، ففي صحيح مسلم، عن يزيد بن حيّان، قال: انطلقت أنا وحُصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلي زيد بن أرقم، فلمّا جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيراً کثيراً؟ رأيت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وسمعت حديثه، وغزوت معه، وصلّيت خلفه، حدِّثنا يا زيد ما سمعت عن رسول اللَّه؟ فأجاب - إلي أن قال: - قام رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يوماً فينا خطيباً بماءٍ يدعي خمّاً، بين مکّة والمدينة، فحمد اللَّه وأثني عليه ووعظ وذکّر، ثمّ قال: «أمّا بعد ألا أيّها النّاس، فإنّما أنا بشر يوشک أن يأتي رسول ربّي فاُجيب، وأنا تارک فيکم الثقلين: أوّلهما کتاب اللَّه في الهدي والنور، فخذوا بکتاب اللَّه، واستمسکوا به - فحثّ علي کتاب اللَّه ورغّب فيه، ثمّ قال: - وأهل بيتي، اُذکّرکم اللَّه في أهل بيتي، اُذکّرکم اللَّه في أهل بيتي».

فقال له حصين: ومن أهل بيته - يا زيد - أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولکنّ أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال حصين: ومَن هم؟ قال زيد: هم آل عليّ وآل عقيل وآل جعفر وآل عبّاس. قال حصين: قلت: کلّ هؤلاء حرم الصدقة عليهم؟ قال زيد: نعم.[1] .

أقول في جوابه:

وهذا التفسير مخالف لحديث آخر في صحيح مسلم، عن يزيد بن حيّان، قال: دخلنا علي زيد، فقلنا: لقد رأيتَ خيراً، لقد صاحبت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وصلّيت خلفه، الحديث بنحو ما مضي آنفاً، غير أنّه قال: «ألا وإنّي تارک فيکم الثقلين: أحدما کتاب اللَّه عزّ وجلّ، هو حبل اللَّه، مَن اتّبعه کان علي الهدي، ومن ترکه کان علي ضلالة، وعترتي أهل بيتي».

وفيه: فقلنا: مَن أهل بيته، نساؤه؟ قال زيد: لا، وأيمُ اللَّه، إنّ المرأة تکون مع الرجل العصر من الدهر ثمّ يطلّقها فترجع إلي أبيها وقومها. أهل بيته صلي الله عليه و آله أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده.[2] .

فظهر أنّ تفسير (أهل البيت) بالنساء في الحديث الأوّل خطأ، أو تفسير من زيد لا من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، ولذا صرّح في الحديث الثاني مع الحلف باللَّه تعالي علي عدم إرادة النساء به. والحقّ أنّ أهل البيت الذين عدّهم الرسول صلي الله عليه و آله عِدلاً للقرآن، وتکون أقوالهم حجّة في تفسير القرآن، هم آل عليّ وذرّيّته المعصومون عليهم السلام لا آل عقيل وجعفر وعبّاس، ولا نساؤه قطعاً.







  1. صحيح مسلم - کتاب فضائل الصحابة - باب فضائل عليّ 1873:4، وسنن البيهقي 30:7، وينابيع المودّة: 29، وغاية المرام: 80، باب16 المقصد الأوّل، ح 17.
  2. صحيح مسلم 123:7، ط. دار المعرفة - بيروت، وينابيع المودّة: 29.