حديث الثقلين ووجود قائم آل محمّد











حديث الثقلين ووجود قائم آل محمّد



يستفاد من الحديث أيضاً انّ المهدي (عج) قائم آل محمّدعليهم السلام باق الي يوم القيامة حيث ان النبيّ الأکرم صلي الله عليه و آله قال في هذا الحديث بأنّ القرآن والعترة متلازمان ولن يفترقا حتّي يردا عليه حوض الکوثر يوم القيامة. ويفهم من هذا الحديث جيّداً أنّ الأرض لن تخلو يوماً من حجّة اللَّه، يکون عِدلاً للقرآن، سواء کان حاضراً ظاهراً بين النّاس أو غائباً، کما هو الحال في عصرنا حيث غاب صاحب الزمان (عجّل اللَّه فرجه) عن الأنظار، فحتّي لو لم ترد رواية تدلّ علي وجود إمام العصر والزمان - وما أکثر ما ورد في ذلک - لکان بإمکاننا أن نثبت وجوده من خلال حديث الثقلين؛ وذلک أنّ کلام الرسول الأکرم يؤخذ عن طريق الوحي، وهو يقول: إنّ الأرض لن تکون يوماً بدون عِدل للقرآن حتّي تقوم الساعة. والطريف أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله يشير في بعض الروايات الواردة في باب (حديث الثقلين) إلي مسألة الأئمّة المعصومين ووجودهم حتّي انقراض الدنيا وفنائها.

ففي (البحار)، عن (کفاية الأثر) عن الحسن بن عليّ عليهماالسلام، قال: «خطبنا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يوماً فقال - بعد ما حمد اللَّه وأثني عليه -: معاشر النّاس، کأنّي اُدعي فاُجيب، وإنّي تارک فيکم الثقلين: کتاب اللَّه وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّکتم بهما لن تضلّوا، فتعلّموا منهم ولا تعلّموهم، فإنّهم أعلم منکم، لا تخلو الأرض منهم ولو خلت إذن لساخت بأهلها. ثمّ قال: اللّهمّ إنّي أعلم أنّ العلم لا يبيد[1] ولا ينقطع، وأنّک لا تخلي أرضک من حجّة لک علي خلقک ظاهر ليس بالمطاع، أو خائف مغمور[2] ولکيلا تبطل حجّتک، ولا يضلّ أولياؤک بعد إذ هديتهم، اُولئک الأقلون عدداً، الأعظمون قدراً عند اللَّه. فلمّا نزل عن منبره قلت: يا رسول اللَّه، أما أنت الحجّة علي الخلق کلّهم؟ قال: يا حسن، إنّ اللَّه يقول: «إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِکُلِّ قَوْمٍ هَادٍ».[3] فأنا المنذر وعليّ الهادي. قلت: يا رسول اللَّه، فقولک: إنّ الأرض لا تخلو من حجّة؟ قال: نعم، عليّ هو الإمام والحجّة بعدي، وانت الحجّة والإمام بعده، والحسين هو الإمام بعدک، ولقد نبّأني اللطيف الخبير أنّه يخرج من صلب الحسين ولدٌ يقال له: عليٌّ سميّ جدّه عليّ، فإذا مضي الحسين قام بالأمر بعده عليّ ابنه، وهو الحجّة والإمام، ويخرج اللَّه من صلب عليّ ولداً سَميّي وأشبه النّاس بي، علمه علمي، وحکمه حکمي، وهو الإمام والحجّة بعد أبيه - وساق الکلام في الأئمّة سلام اللَّه عليهم أجمعين إلي أن قال: - ويخرج اللَّه من صلب الحسن (بن عليّ العسکري) الحجّة القائم، إمام زمانه، منقذ أوليائه، يغيب حتّي لا يُري، يرجع عن أمره قومٌ، ويثبت له آخرون «وَيَقُولُونَ مَتَي هذَا الْوَعْدُ إِن کُنتُمْ صَادِقِينَ»[4] ولو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل اللَّه عزّ وجلّ ذلک اليوم حتّي يخرج قائمنا، يملأها قسطاً وعدلاً کما ملئت جوراً وظلماً، فلا تخلو الأرض منکم، أعطاکم اللَّه علمي وفهمي، ولقد دعوت اللَّه تبارک وتعالي أن يجعل العلم والفقه في عقبي وعقب عقبي ومن زرعي وزرع زرعي».[5] .

ثمّ إنّ قوله صلي الله عليه و آله: «لن يفترقا حتّي يردا علَيّ الحوض» يدلّ علي استمرار وجود إمام من العترة الهادية في کلّ عصر، کاستمرار وجود القرآن الکريم بشکل ظاهر وواضح، ولهذا ذهب ابن حجر إلي هذا القول، و قال: وفي أحاديث الحثّ علي التمسّک بأهل البيت إشارة إلي عدم انقطاع متأهّل منهم للتمسّک به إلي يوم القيامة، کما أنّ الکتاب العزيز کذلک، ولهذا کانوا أماناً لأهل الأرض، ويشهد لذلک الخبر: «وفي کلّ خلف من اُمّتي عدول من أهل بيتي».[6] .







  1. لا يبيد: لا يهلک.
  2. المغمور: المجهول.
  3. سورة الرعد: 7.
  4. سورة يونس: 48.
  5. البحار 338:36، وروي القندوزي الحنفي في ينابيع المودّة عن الحسن بن عليّ عليه السلام نحوه.
  6. الصواعق المحرقة: 149.