حديث الثقلين وعصمة الأئمّة وطهارتهم الذاتيّة











حديث الثقلين وعصمة الأئمّة وطهارتهم الذاتيّة



لقد جعل النبيّ الأکرم صلي الله عليه و آله أهل البيت عليهم السلام عِدلاً للکتاب في هذا الحديث ليُعلم النّاس أنّه کما وجبت طاعة أوامر القرآن والانتهاء عن نواهيه وبذلک تنال السعادة، وأنّ مخالفته ومعصيته حرام، فإنّ حکم أهل البيت حکم القرآن، الذين هم عِدل له، فالإعراض عنهم حرام ومعصية، وطاعتهم واجبة کطاعة القرآن.

وليعلمهم أيضاً بأنّه کما جعل اللَّه القرآن حجّة، ومخالفته ضلال وعمي، فإنّ الأئمّة أيضاً حجّة اللَّه ومخالفتهم تؤدّي إلي الضلال والعمي، ومع العلم بهذا فمن ذا الّذي يقوي أن يکون بهذه المنزلة؟ أيمکن أن يکون العاصي أو من يشتبه في أفعاله علي أقلّ التقادير حجّة في أقواله وأفعاله؟ وهل تکون مخالفة العاصي ضلالة؟ کلّا، بل إنّ في مخالفة العاصي والضالّ، السعادة والصلاح، وعلي هذا فإنّ الأئمّة الذين هم عِدل القرآن يجب أن يکونوا معصومين عن الذنب والخطأ، کما عصم النبيّ الأکرم عن ذلک.

قال أبو عبداللَّه محمّد بن مسلم بن أبي النواري الرازي في کتابه فضائل أمير المؤمنين عليه السلام الأربعين في صدر أحاديثه: فنرجو من اللَّه أن يحشرنا في زمرة نبيّه وعترته، ويرزقنا رؤيتهم وشفاعتهم بفضله وسعة رحمته الذين أذهب اللَّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

ثمّ قال: قال النبيّ صلي الله عليه و آله: «إنّي تارک فيکم کتاب اللَّه وعترتي أهل بيتي، فهما خليفتان بعدي، أحدهما أکبر من الآخر، سبب موصول من السماء إلي الأرض، فإن استمسکتم بهما لن تضلّوا، فإنّهما لن يفترقا حتّي يردا عليَّ الحوض يوم القيامة، فلا تسبقوا أهل بيتي بالقول فتهلکوا، ولا تقصروا عنهم فتذهبوا، فإنّ مثلهم فيکم کمثل سفينة نوح، من رکبها نجا، ومن تخلّف عنها هلک، ومثلهم فيکم کمثل باب حطّة في بني إسرائيل، من دخله غفر له. ألا وأنّ أهل بيتي أمان اُمّتي، فإذا ذهب أهل بيتي جاء اُمّتي ما يوعدون، ألا وإنّ اللَّه عصمهم من الضلالة، وطهّرهم من الفواحش، واصطفاهم علي العالمين.

ألا وإنّ اللَّه أوجب محبّتهم، وأمر بمودّتهم، ألا وإنّهم شهداء علي العباد في الدنيا ويوم المعاد، ألا وإنّهم أهل الولاية الدالّون علي طرق الهداية، ألا وإنّ اللَّه فرض لهم الطاعة علي الفرق والجماعة، فمن تمسّک بهم سلک، ومن حاد عنهم هلک، وبالعترة الهادية الطيّبين، دُعاة الدين، وأئمّة المتّقين، وسادة المسلمين، وقادة المؤمنين، واُمناء ربّ العالمين، علي البريّة أجمعين، الذين فرّقوا بين الشکّ واليقين، وجاؤا بالحقّ المبين».[1] .







  1. عبقات الأنوار 418:1، من المجلد 12، طبع اصفهان.