توضيح معني أنّ عليّاً هو الصراط المستقيم











توضيح معني أنّ عليّاً هو الصراط المستقيم



اعلم أنّ اعتبار الصراط يقوم باعتبارين: أحدهما المبدأ، والآخر هو المنتهي، مثلاً إذا قيل: هذه الجادة صراط مکّة، أي تنتهي إلي مکّة ولها مبدأ وهو المدينة، فعليه يبدو سؤال، وهو: أنّ الصراط المستقيم، وإن لم يکن من الصرط الخارجيّة والجوادّ الماديّة، بل يکون من الصُّرط المعنويّة أو الاعتباريّة، ولکنّه مثل الجادّة الماديّة بين مکّة والمدينة، يحتاج إلي المبدأ والمنتهي، فما هو مبدأ هذا الصراط المعنوي؟

فإذا قيل: الإسلام هو الصراط المستقيم کما في الحديث، فهذا يعني أنّ الإسلام هو الصراط من الضلالة إلي الهداية، وهکذا الإيمان، وغير ذلک من الشرائع. وإذا قيل: رسول اللَّه صلي الله عليه و آله هو الصراط المستقيم أو عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام هو الصراط المستقيم، فهذا يعني أنّ الإنسان الکامل هو الطريق من النقص إلي الکمال، فهنا نقص وکمال، وهذا هو قوس الصعود المتحرّکة فيه الأشياء من الدرجة السفلي إلي الدرجة العليا، والسائرة فيه الصور الکماليّة من النازلة إلي العالية، فمن اعتبار الصراط يثبت التدرّج من النقص إلي الکمال، ومن الضلالة إلي الهداية.[1] .

فعليّ بن أبي طالب عليه السلام بعد الرسول صلي الله عليه و آله إنسان کامل، فيکون مطّلعاً علي حدود اللَّه وسالکاً لسبيل الحقّ المستقيم غير الخارج عن حدّي الإفراط والتفريط، ويکون سيره عليه السلام سيراً واحداً حقيقيّاً إلي الملکوت الأعلي ولقاء اللَّه تعالي، فهذا عليّ عليه السلام هو الصراط المستقيم، فعلي کلّ سالک طريق الحقّ أن يستتبع طريقته وسلوکه وسبيله حتّي لا يقع في الضلال والانحراف عن الحقّ ولا يتجاوز عن الصراط واستقامته، والروايات التالية مع ما فيها من توضيح تبيّن ما ذکرناه:

في (المناقب) عن الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام: «فَاسْتَمْسِکْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْکَ إِنَّکَ عَلَي صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ».[2] قال: «إنّک علي ولاية عليّ عليه السلام، وهو الصراط المستقيم، ومعني ذلک أنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام الصراط إلي اللَّه، کما يقال فلان باب السلطان، إذا کان يوصل به إلي السلطان، ثمّ إنّ الصراط هو الّذي عليه عليّ عليه السلام يدلّک وضوحاً علي ذلک قوله: «صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ»[3] يعني نعمة الإسلام؛ لقوله: «وَأَسْبَغَ عَلَيْکُمْ نِعَمَهُ»[4] والعلم: «وَعَلَّمَکَ مَا لَمْ تَکُن تَعْلَم»[5] والذرّيّة الطيّبة لقوله: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَي آدَمَ»[6] الآية، وإصلاح الزوجات؛ لقوله: «فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَي وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ»[7] فکان عليّ عليه السلام في هذه النعم في أعلي ذرها».[8] .

وفي (غاية المرام) عن ابن شاذان، من طريق المخالفين، عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعتُ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: «إذا کان يوم القيامة أمر اللَّه مَلکين يقعدان علي الصراط، فلا يجوز أحدٌ إلّا ببراءة أمير المؤمنين، ومَن لم تکن له براءة أمير المؤمنين أکبّه اللَّه علي منخريه في النّار، وذلک قوله تعالي: «وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْؤُولُونَ»».[9] .

قلت: فداک أبي واُمّي - يا رسول اللَّه - ما معني براءة أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال صلي الله عليه و آله: «مکتوب لا إله إلّا اللَّه، محمّد رسول اللَّه، وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وصيّ رسول اللَّه».[10] .







  1. انظر: تفسير القرآن للعلّامة السيّد مصطفي الخميني (قدّه) 28:2.
  2. سورة الزخرف: 43.
  3. سورة الفاتحة: 7.
  4. سورة لقمان: 20.
  5. سورة النساء: 113.
  6. سورة آل عمران: 33.
  7. سورة الأنبياء: 90.
  8. المناقب لابن شهرآشوب 74:3، والذري جمع الذروة: العلوّ والمکان والمرتفع.
  9. سورة الصافّات: 24.
  10. غاية المرام: 165، الباب 22 من المقصد الأوّل، ح 50.