الاحاديث في نزول الآية في شأن عليّ











الاحاديث في نزول الآية في شأن عليّ



1- روي ابن شهر آشوب: عن تفسير أبي يوسف يعقوب بن سليمان، وعليّ بن حرب الطائي، ومجاهد بأسانيدهم عن ابن عبّاس وأبي هريرة، وروي جماعة عن عاصم بن کليب، عن أبيه أنّه جاء رجل إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فشکا إليه الجوع، فبعث رسول اللَّه صلي الله عليه و آله إلي أزواجه فقُلْنَ: ما عندنا إلّا الماء! فقال: مَن لهذا الرجل الليلة؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «أنا يا رسول اللَّه»، وأتي فاطمة وسألها: «ما عندک يا بنت رسول اللَّه؟»، فقالت: «ما عندنا إلّا قوت الصبية، لکنّا نؤثّر به ضيفنا»، فقال عليّ عليه السلام: «يا بنت محمّد، نوّمي الصبية واطفئي المصباح»، وجعلا يمضغان بألسنتهما، فلمّا فرغ من الأکل، أتت فاطمة بسراج، فوجدت الجفنة مملوءة من فضل اللَّه، فلمّا أصبح صلّي مع النبيّ صلي الله عليه و آله، فلمّا سلّم النبيّ من صلاته نظر إلي أمير المؤمنين وبکي بکاءً شديداً، وقال: «يا أمير المؤمنين، لقد عجب الربّ من فعلکم البارحة»، فقرأ: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَي أَنفُسِهِمْ وَلَوْ کَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ»، أي مجاعة «وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ» يعني عليّاً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام «فَأُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».[1] .

2- وفي (مجمع البيان)، قال: قيل: نزلت (الآية) في رجل جاء إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فقال: اطعمني فإنّي جائع، فبعث إلي أهله فلم يکن عندهم شي ء، فقال: «من يُضيفه هذه الليلة؟»، فأضافه رجل من الأنصار وأتي به منزله، ولم يکن عنده إلّا قوت صبية له، فأتوا بذلک إليه وأطفأوا السراج، وقامت المرأة إلي الصبية فعلّلتهم حتّي ناموا، وجعلا يمضغان ألسنتهما لضيف رسول اللَّه، فظنّ الضيف أنّهما يأکلان معه، حتّي شبع الضيف وباتا طاويين، فلمّا أصبحا غدوا إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فنظر إليهما وتبسّم وتلا عليهما هذه الآية: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَي أَنفُسِهِمْ وَلَوْ کَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ».

قال صاحب المجمع: وأمّا الّذي رويناه بإسناد صحيح عن أبي هريرة قال: إنّ الّذي أضافه، ونوّم الصبية، وأطفأ السراج عليّ وفاطمة عليهماالسلام.[2] .

3- و روي المجلسي عن (کنز جامع الفوائد): هذا الحديث عن کليب بن معاوية، عن أبي عبداللَّه عليه السلام، في قوله تعالي: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَي أَنفُسِهِمْ وَلَوْ کَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ»، قال: «بينما عليّ عند فاطمة عليهماالسلام إذ قالت له: يا عليّ، اذهب إلي أبي فابغنا[3] منه شيئاً؟ فقال: نعم، فأتي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فأعطاه ديناراً، وقال له: يا عليّ، اذهب فابتغ به لأهلک طعاماً، فخرجَ من عنده فلقيه المقداد بن الأسود، فقاما ما شاء اللَّه أن يقوما وذکر له حاجته، فأعطاه الدينار، وانطلق إلي المسجد، فوضع رأسه فنام، فانتظره رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فلم يأت، ثمّ انتظره فلم يأت، فخرج يدور في المسجد فإذا هو بعليّ عليه السلام نائمٌ في المسجد، فحرّکه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فقعد، فقال: يا عليّ، ما صنعتَ؟ فقال: يا رسول اللَّه، خرجتُ من عندک فلقيت المقداد بن الأسود، فذکر لي ما شاء اللَّه أن يذکر فأعطيته الدينار، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: أما إنّ جبرئيل قد أنبأني بذلک، وقد أنزل اللَّه فيک کتاباً: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَي أَنفُسِهِمْ...» الآية.[4] .

4 - و عنه أيضاً عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: «کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله جالساً ذات يومٍ وأصحابهُ جلوس حوله، فجاء عليّ عليه السلام وعليه سمل ثوب[5] منخرق عن بعض جسده، فجلس قريباً من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فنظر إليه ساعة ثمّ قرأ: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَي أَنفُسِهِمْ وَلَوْ کَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»، ثمّ قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لعليّ عليه السلام: أما إنّک رأس الذين نزلت فيهم هذه الآية وسيّدهم وإمامهم.

ثمّ قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: أين حلّتک الّتي کسوتها يا عليّ؟ فقال: يا رسول اللَّه، إنّ بعض أصحابک أتاني يشکو عريه وعريّ أهل بيته، فرحمته، فآثرته بها علي نفسي، وعرفتُ أنّ اللَّه سيکسوني خيراً منها.

فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: صدقت، أما إنّ جبرئيل قد أتاني يحدّثني أن اللَّه اتّخذ لک مکانها في الجنّة حلّة خضراء من استبرق، وصنفتها[6] من ياقوت وزبرجد، فنِعم الجواز جواز ربّک بسخاوة نفسک، وصبرک علي سملتک هذه المنخرقة، فابشر يا عليّ، فانصرف عليّ عليه السلام فرحاً مستبشراً بما أخبره به رسول اللَّه صلي الله عليه و آله».[7] .

و انشأ الحميري في ذلک:


وقائل للنبيّ إنّي غريب
جائعٌ قد أتيتکم مستجيرا


فبکي المصطفي وقال: غريب
لا يکن للغريب عندي ذکورا


من يضيف الغريب قال عليّ
أنا للضيف فانطلق مأجورا


ابنة العمّ هل من الزاد شي ءٌ
فأجابت أراه شيئاً يسيرا


کف برٍّ قال: اصنعيه فإنّ
اللَّه قد يجعل القليل کثيرا


ثمّ أطفي المصباح کي لا يراني
فأخلي طعامه موفورا


جاهد يلمظ الأصابع والضي
-ف يراه إلي الطعام مشيرا


عجبت منکم ملائکة اللَّه
وأرضيتم اللطيف الخبيرا


ولهم قال: يؤثرون علي
أنفسهم، نال ذلک فضلاً کبيرا[8] .







  1. المناقب لابن شهرآشوب 73:2، بحار الأنوار 28:41، ولفظ الحديث عن أبي هريرة، ورواه الحاکم الحسکاني في شواهد التنزيل 246:2، ح 970 و 971، والآية 9 من سورة الحشر.
  2. تفسير مجمع البيان 260:9.
  3. بغي الشي ء: طلبه.
  4. البحار 59:36.
  5. سمل الثوب: أخلق.
  6. صنفة الثوب: حاشيته.
  7. البحار 60:36.
  8. المناقب لابن شهرآشوب 72:2.