سيرة الصحابة في الإيثار











سيرة الصحابة في الإيثار



کان للضغط الاقتصادي والحرمان المالي أثر کبير علي المجتمع الإسلامي في صدر الإسلام، حتّي إنّ بعض المسلمين من أهل الصفّة کانوا يقضون الليالي بلا مسکن يأويهم، يقضونها في صفّة المسجد، مع حرمانهم من أبسط مستلزمات العيش، کالخبز والقوت، بل حتّي الملابس الرثّة القديمة البالية، وکانوا يطوون کثيراً من الليالي غرثي البطون، يعالجون الجوع بالهجوع.

ومع کلّ هذه الظروف الماديّة القاسية فإنّهم لم يتراجعوا عن سنّة وأخلاق الإسلام، بل ولم يقصّروا في استقبال الضيوف الغرباء المسلمين وغير المسلمين الذين يقصدون مسجد الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله، حيث إنّه يمثّل قاعدة الإسلام، وکان الرسول صلي الله عليه و آله والصحابة يستقبلونهم بأحرّ استقبال، ومثل هذه الأخلاق الحسنة والتعامل المبدئي تجعل من غير المسلم عاشقاً للإسلام، وتجعل من المسلم مضحّياً ومتمسّکاً بالإسلام المحمّدي...

کان في کثير من الأحيان ينام المضيف وهو جائع بعد أن يقدّم کلّ ما يملک إلي ضيفه، ولعلّ ذلک ممّا يلاحظه الضيوف ممّا له تأثير إيجابي في روحيّة الضيف.

وفي هذا المضمار لم يکن أحدٌ أکمل وأعلي في إنفاق والإيثار من عليّ وفاطمة عليهماالسلام بعد الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله، وخير دليل علي ذلک هو نزول أکثر من آية في شأنهم عليهم السلام، منها: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَي أَنفُسِهِمْ وَلَوْ کَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ»، ولمزيد من الاطّلاع سنوضّح للقرّاء الأعزّاء روايات اُخري عن سبب نزول هذه الآية المبارکة، لکي يستلهموا الدروس والعِبر من خليفتهم وإمامهم المعصوم، ولکي يجعلونه نموذجاً يحتذون بخطّه المبارک وصراطه السوي.