و روي الجويني بسنده عن مجاهد، عن ابن عبّاس
فاطم ذات الخير واليقين أما ترينَ البائس المسکين يشکو إلي اللَّه ويستکين کلّ امري ء بکسبه رهين «أمرک سمع يابن عمّ وطاعه اُطعمه ولا اُبالي الساعه أن ألحق الأخيار والجماعه قال: فأعطوه الطعام ومکثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا إلّا الماء، فلمّا کان اليوم الثاني قامت فاطمة إلي صاع فطحنته وخبزته، وصلّي عليّ مع النبيّ صلي الله عليه و آله، ثمّ أتي المنزل، فوضع الطعام بين يديه، فأتاهم يتيم فقال: السلام عليکم يا أهل بيت النبوّة، يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والدي يوم العقبة، فسمعه عليّ فأنشأ يقول: «فاطم بنت السيّد الکريم قد جاءنا اللَّه بذا اليتيم قد حرّم الخلد علي اللئيم قال: فأعطوه الطعام، ومکثوا يومين وليلتين لم يذوقوا إلّا الماء، فلمّا کان اليوم الثالث قامت فاطمة إلي الصاع الباقي فطحنته واختبزته، وصلّي عليّ عليه السلام مع النبيّ صلي الله عليه و آله، ثمّ أتي المنزل فوضع الطعام بين يديه، فأتاهم أسير فوقف علي الباب فقال: السلام عليکم يا أهل بيت النبوّة، تأسروننا وتشدّوننا ولا تطعموننا؟ أطعموني أطعمکم اللَّه، فأنشأ عليّ عليه السلام يقول: «فاطم يا بنت النبيّ أحمد هذا أسير للنبيّ المهتد يشکو إلينا الجوع قد تمدّد عند العليّ الواحد الموحّد فقالت فاطمة: «لم يبق ممّا جئت غير صاع ابناي واللَّه هما جياع أبوهما في المکرمات ساع عبل الذراعين شديد الباع» قال: فأعطوه الطعام ومکثوا ثلاثة أيّام ولياليها لم يذوقوا شيئاً إلّا الماء، فلمّا کان اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم أخذ عليّ الحسن بيمناه، والحسين بشماله، وأقبل نحو رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وهم يرتعشون کالفراخ من شدّة الجوع، فلمّا بصره النبيّ صلي الله عليه و آله قال: «يا أبا الحسن، ما أشدّ ما يسوءني ما أري بکم، انطلق بنا إلي فاطمة»، فانطلقوا إليها وهي في محرابها قد لصق بطنها بظهرها من شدّة الجوع، وغارت عيناها، فلمّا رآها النبيّ صلي الله عليه و آله قال: «واغوثاه باللَّه أهل بيت محمّد يموتون جوعاً!». فنزل جبرئيل عليه السلام، فقال: يا محمّد، خذها هنّأک اللَّه في أهل بيتک، فقرأ عليه: «هَلْ أَتَي عَلَي الْإِنسَانِ» إلي قوله: «إِنَّمَا نُطْعِمُکُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنکُمْ جَزَاءً وَلَا شُکُوراً».[1] .
في قوله عزّ وجلّ: «يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً کَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً»، قال: مرض الحسن والحسين عليهماالسلام، فعادهما جدّهما رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وعادهما عمومة العرب، فقالوا: يا أبا الحسن، لو نذرت علي ولديک نذوراً؟ فقال عليّ عليه السلام: «إن برءا صمتُ للَّه ثلاثة أيّام شکراً»، وقالت فاطمة کذلک، وقالت جارية لهم نوبيّة - يقال لها فضّة -: کذلک، وقال الصبيان: «نحن نصوم ثلاثة أيّام»، فعافاهما اللَّه، وليس عند آل محمّد قليل ولا کثير!! فانطلق عليّ عليه السلام إلي شمعون بن حانا الخيبري - وکان يهوديّاً - فاستقرض منه ثلاثة أصوع من شعير، فوضعه في ناحية البيت، فقامت فاطمة إلي صاع منها فطحنته فاختبزته، وصلّي عليّ مع النبيّ صلي الله عليه و آله ثمّ أتي المنزل، فوضع الطعام بين يديه، فأتاهم مسکين فوقف بالباب، فقال: السلام عليکم يا أهل بيت محمّد، مسکين من أولاد المساکين، أطعموني أطعمکم اللَّه علي موائد الجنّة، فسمعه عليّ عليه السلام فأنشأ يقول:
يا بنت خير النّاس أجمعين
قد قام بالباب له حنين
يشکو إلينا جائع حزين
فأجابته فاطمة (سلام اللَّه عليها):
ما لي من لؤم ولا وضاعه
أرجو لئن أشبع من مجاعه
وأدخل الجنّة ولي شفاعه»
بنت نبيّ ليس بالذميم
من يرحم اليوم فهو رحيم
ينزل في النّار إلي الجحيم»
بنت نبيّ سيّد مسوّد
مثقِّل في غلّه مقيّد
من يطعم اليوم يجده في غد
ما يزرع الزارع سوف يحصد»
قد دميت کفّي مع الذراع
يا ربّ لا تترکهما ضياع
يصطنع المعروف بالإسراع