ما أورده الرازاي أيضاً
إنّ اللّائق بمثل عليّ عليه السلام أن يکون مستغرق القلب بذکر اللَّه في الصلاة لا يتفرّع الاستماع کلام الغير وفهمه.[1] . وتفوّه بهذا الإيراد أيضاً شمس الدين الهروي الحنفي حيث قال: إنّکم تقولون إنّ عليّاً عليه السلام في حال صلاته في غاية ما يکون من الخشوع والخضوع واستغراق جميع حواسّه وقواه وتوجّهها شطر الحقّ حتّي انّکم تبالغون وتقولون: کان إذا اُريد إخراج السهام والنصول من جسمه الواقعة فيه وقت الحرب ترکوه إلي وقت الصلاة فيخرجونها منه وهو لا يحسّ بذلک؛ لاستغراق نفسه وتوجّهها نحو الحقّ، فکيف مع ذلک أحسّ السائل حتّي أعطاه خاتمه في حال صلاته؟![2] . وأجاب عنه بعض علمائنا فقال: يعطي ويمنع لا تلهيه سکرته أطاعه سکره حتّي تمکّن من وحاصل الجواب: أولاً: أنّه عليه السلام في تلک الحالة وإن کان کما ذکر لکنّه حصل منه التفات أدرک به السائل وسؤاله، لا يلزم منه التفاته إلي غير الحقّ؛ لأنّه فعل فعلاً تعود نهايته إلي الحقّ، فکان کالشارب الّذي فعل حال سکرته فعلاً موافقاً لفعل الصحاة، ولم يلهه ذلک عن نديمه ولا عن کأسه، ولا خرج بذلک عن سکرته.[3] . ثانياً: أنّه عليه السلام لمّا کان بکلّيّته متوجّهاً إلي اللَّه تعالي، مقبلاً إليه، معرضاً عمّا سواه، متمحّضاً في العبادة، نبّهه سبحانه بالإلهام والإلقاء في الروع في هذه العطيّة الکريمة؛ وذلک لعموم أفضاله جلّ وعزّ شأنه علي عباده، فکيف بالمؤمن السائل في بيته، أعني المسجد النبويّ، فلا غرو أن يلقي في قلب وليّه إعانة المسکين المفتاق، فالتصدّق طاعة في طاعة، وهذا الوجه ممّا يقبله الذوق السليم والفکر المستقيم، نبّهنا اللَّه واخواننا من سِنة الغفلة، آمين آمين.[4] . ثالثاً: أنّ الاستماع إلي کلام السائل لا يخرجه عن ذلک، کما يحکي عن النبيّ صلي الله عليه و آله أنّ حين سمع صراخ الصبي في الصلاة اکتفي بواجبات صلاته، وأسرع في إتمام صلاته.[5] .
بقوله:
عند النديم ولا يلهو من الکأس
فعل الصحاة وهذا أفضل النّاس