المستفاد من الآية أنّ الأئمّة هم أولياء الأمر











المستفاد من الآية أنّ الأئمّة هم أولياء الأمر



لا يخفي أنّه لم يکن نزول الآية من أجل التصدّق في حالة الرکوع ليظنّ عمر وأمثاله بأنّهم إذا ما تصدّقوا بخاتم فستنزل فيهم آية! کلّا، بل إنّ المقومات الذاتيّة لشخصيّة عليّ عليه السلام وامتلاکه الخصوصيّات المعنويّة هي الّتي أدّت إلي نزول الآية؛ إذ لا بدّ لنزول الآية من سبب، وکان التصدّق في الرکوع سبباً لنزول الآية، ولذلک فإنّ عليّاً عليه السلام حتّي لو لم يتصدّق بخاتمه في الصلاة، فإنّه وليّ اللَّه بعد النبيّ صلي الله عليه و آله علي کلّ حال، ولهذا أيضاً فإنّ الأئمّة الآخرين لم يتصدّقوا بخاتم وهم في رکوعهم، لکنّهم داخلون في هذه الآية[1] فإنّ ضمائر الآية قد جاءت بصيغة الجمع (الذين، يقيمون، يؤتون، وهم، راکعون)، مع أنّ عليّاً عليه السلام کان فرداً واحداً، ولو کان المراد شخص عليّ عليه السلام لجاءت الضمائر بصيغة المفرد (الّذي، يقيم، يؤتي، وهو، راکع).[2] .

إذن يعلم من ذلک أنّ الضمائر جاءت بصيغة الجمع لتفهم النّاس أنّ عليّاً عليه السلام لا ينفرد بالولاية، بل إنّ کلّ من يمتلک خصوصيّات عليّ ّعليه السلام وکمالاته بعده فهو وليّ النّاس، کما أنّ اللَّه ورسوله وليّاهم. ومن المتيقّن أنّ الأئمّة المعصومين هم أکمل النّاس وأفضلهم، ولهم مقام العصمة والطهارة، وعليه فالوليّ بعد عليّ، الحسن، ومن بعده الحسين و... وعلي هذا فحتّي لو لم تکن بين أيدينا الروايات الدالّة علي أنّ الأئمّة المعصومين عليهم السلام هم أولياء الأمر، فإنّ هذه الآية ترشدنا إلي هذه الحقيقة الإلهيّة الإسلاميّة المهمّة، ولذلک يمکن القول بأنّ هذه الآية الشريفة، وبملاحظة الروايات الکثيرة الواردة في شأن نزولها، تدلّ علي خلافة عليّ لرسول اللَّه صلي الله عليه و آله مباشرة، ومن بعده الأئمّة المعصومين عليهم السلام، خليفة اللَّه و وليّ الأمر للناس. ونشير هنا إلي رواية في هذا المقام:

ففي (تفسير العيّاشي): عن ابن أبي يعفور، قال: قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام: أعرض عليک ديني الّذي أدين اللَّه به؟ قال: «هاته». قلت: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأشهد أنّ محمّداً رسول اللَّه، واُقرّ بما جاء به من عند اللَّه، قال: ثمّ وصفتُ له الأئمّة حتّي انتهيتُ إلي أبي جعفر، قلت: واُقرّ بک[3] ما أقول فيهم. فقال: «أنهاک أن تذهب باسمي في النّاس».

قال أبان: قال ابن أبي يعفور: قلت له مع الکلام الأوّل: وأزعم أنّهم الذين قال اللَّه في القرآن: «أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْکُمْ»، فقال أبو عبداللَّه عليه السلام: «والآية الاُخري فاقرأ»؟ قال: قلت له: جُعلتُ فداک، أيُّ آيةٍ؟ قال: «إِنَّمَا وَلِيُّکُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَهُمْ رَاکِعُونَ». قال: فقال: «رحمک اللَّه»، قال: قلت: تقول رحمک اللَّه علي هذا الأمر؟ قال: فقال: «رحمک اللَّه علي هذا الأمر».[4] .







  1. کما أشار إلي هذا المعني ما ورد عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، وسيأتيک لفظ الحديث عاجلاً، إن شاء اللَّه.
  2. ويحتمل أنّ مجي ء الضمائر بصيغة الجمع إنّما هو لأجل الاحترام والتعظيم، وسيأتي في آخر الفصل عند بحث الإشکالات الواردة علي الآية توضيحه.
  3. وفي بعض النسخ: «وأقول فيک».
  4. تفسير العيّاشي 327:1.