نظرة في آية الولاية











نظرة في آية الولاية



الولاية نوع من حکومة الشعب علي الشعب، وهي تعني القيام بأمر الناس وتدبير شؤونهم، ومن هذا الباب وليّ اليتيم، ووليّ المرأة، ويقال للسلطان: وليّ الأمر، وقد جعل اللَّه تعالي مثل هذه الولاية للنبيّ صلي الله عليه و آله والأئمّة المعصومين عليهم السلام إلي قيام الساعة.

وفي اعتقادنا - نحن الشيعة - أنّ الولاية والحکومة مختصّة باللَّه تعالي «إِنَّمَا وَلِيُّکُمُ اللَّهُ» وهو تعالي قد فوّض هذه الولاية والحکومة إلي النبيّ «وَرَسُولُهُ» ومن بعده إلي الأئمّة المعصومين عليهم السلام، وعلي رأسهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب باب علم رسول اللَّه «الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَهُمْ رَاکِعُونَ».[1] .

ومع أنّ اسم عليّ عليه السلام لم يذکر صريحاً في هذه الآية الشريفة لحکم ومصالح، شأنها شأن کثير من الآيات النازلة في عليّ عليه السلام، إلّا أنّ هذه الآية لمّا نزلت علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله کان عليّ عليه السلام مصداقها الوحيد؛ إذ طبقاً للروايات المستفيضة المتواترة من طرق الفريقين فإنّ عليّاً عليه السلام کان راکعاً في صلاته وتصدّق بخاتمه علي الفقير، فنزلت هذه الآية علي الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله، فلما سمع من في المسجد بنزول الآية الشريفة؛ فکبّر بعد تکبير النبيّ صلي الله عليه و آله ولذلک ورد في الخبر التالي أنّ عمر بن الخطّاب قد تصدّق بأربعين خاتماً وهو في الرکوع لعلّ آية تنزل فيه، فما نزلت.

و روي الصدوق عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: «إِنَّمَا وَلِيُّکُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا...» الآية، قال: «إنّ رهطاً من اليهود أسلموا منهم: عبداللَّه بن سلام، وأسد، وثعلبة، وابن يامين، وابن صوريا، فأتوا النبيّ صلي الله عليه و آله فقالوا: يا نبيّ اللَّه، إنّ موسي عليه السلام أوصي إلي يوشع بن نون، فمن وصيّک يا رسول اللَّه، ومن وليّنا بعدک؟ فنزلت هذه الآية: «إِنَّمَا وَلِيُّکُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» الآية. قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: قوموا، فقاموا، فأتوا المسجد فإذا سائلٌ خارجٌ فقال: يا سائل، أما أعطاک أحدٌ شيئاً؟ قال: نعم، هذا الخاتم. فقال: مَن أعطاکه؟ قال: أعطانيه ذلک الرجل الّذي يصلّي. قال: علي أيّ حالٍ أعطاک؟ قال: راکعاً، فکبّر النبيّ صلي الله عليه و آله وکبّر أهل المسجد، فقال النبيّ صلي الله عليه و آله: عليّ بن أبي طالب وليُّکم بعدي. قالوا: رضينا باللَّه ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمّد صلي الله عليه و آله نبيّاً، وبعليّ بن أبي طالب وليّاً، فأنزل اللَّه عزّ وجلّ: «وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ»[2] فروي عن عمر بن الخطّاب أنّه قال: واللَّه لقد تصدّقتُ بأربعين خاتماً وأنا راکعٌ ليَنزل فيَّ ما نزل في عليّ بن أبي طالب، فما نزل».[3] .







  1. سورة المائدة: 55.
  2. سورة المائدة: 56.
  3. أمالي الصدوق - المجلس السادس والعشرون: رقم 4، وتفسير نور الثقلين 648:1.