ما دلّ علي إيمانه











ما دلّ علي إيمانه



والأدلّة علي إيمان أبي طالب وإسلامه کثيرة جدّاً، فإنّه قبل البعثة سمع من بحيرا الراهب أنّ محمّداً صلي الله عليه و آله نبيٌّ، ومنذ سماعه ذلک بذل قصاري جهده لأجل المحافظة عليه، وکان بعد البعثة مجاهداً مضحّياً إلي جنب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ومدافعاً عنه... لقد سرّ بإسلام عليّ عليه السلام ورغّب جعفراً في أن يلتحق بأخيه، وائتمر کفّار مکّة مرّة علي قتل النبيّ صلي الله عليه و آله، فأخفاه أبو طالب مع أربعة أشخاص في الشعب المعروف بشِعب أبي طالب، وکان مع جماعة يحرسونهم من الأعداء، وقد أوصي عليّاً عليه السلام أن يبيت في فراش النبيّ صلي الله عليه و آله ليلاً ليسلم النبيّ صلي الله عليه و آله إن أرادوا به کيداً، وبذلک حافظ علي حياة النبيّ صلي الله عليه و آله من مکائد کفّار مکّة، ولم يکن کفّار مکّة ليجرؤوا علي الإقدام للتخطيط ضدّ النبيّ صلي الله عليه و آله ما دام أبو طالب علي قيد الحياة، فلمّا فارقها حزن النبيّ صلي الله عليه و آله واغتمّ لذلک، فأمر عليّاً عليه السلام بتجهيز والده وتغسيله وتکفينه ودفنه. و لا شبهة أنّه لو کان أبو طالب کافراً لما أمر النبيّ صلي الله عليه و آله عليّاً بتولية تجهيزه، ولکان الکافر من أولاده أحقّ به.

وبعد رحلة أبي طالب لم يطق النبيّ صلي الله عليه و آله البقاء في مکّة؛ لتفاقم الأذي وفقدان الناصر، فقد کان الکفّار يؤذونه ويلقون التراب علي رأسه، فأمر النبيّ صلي الله عليه و آله بالهجرة إلي الطائف أوّلاً، ولمّا لم يلق آذاناً صاغية وقلوباً واعية فيها، هاجر ثانية إلي المدينة بعد عودته إلي مکّة، ثمّ أمر المسلمين بالهجرة.

ومن حيث إيمان أبي طالب فنحن نخطو خطوة أوسع في هذا الصدد، ونعتقد أنّ أبا أبا طالب کان أحد أولياء اللَّه، ولنا أدلّتنا علي هذا الاعتقاد بملاحظة ما ذکرناه، ومن أجل تبيان الحقيقة للقارئ المحترم، فإنّنا نورد بعض الأخبار الواردة في هذه الباب، ونترک للقارئ المنصف المجال للاحتکام إلي العقل.