مرور النبيّ وقت الصلاة و تلاوة الآية بباب عليّ











مرور النبيّ وقت الصلاة و تلاوة الآية بباب عليّ



واعلم أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بلّغ في توضيح اختصاص الآية بالخمسة الطيّبين کلّ مبلغ، وسلک في إعلان ذلک مسالک ينقطع معها شغب المشاغب، ولا يبقي بعدها أثر لهذيان النواصب، حتّي کان بعد نزول الآية کلّما خرج إلي الفجر يمرّ ببيت عليّ وفاطمة عليهماالسلام فيقول: «الصلاة يا أهل البيت، «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَکُمْ تَطْهِيراً»». وقد استمرّ علي هذا ستّة أشهر، وفي رواية: «سبعة أشهر»، وفي اُخري: ثمانية أشهر، وفي رابعة: تسعة أشهر، فصرّح الحقّ عن محضه، وبدا الصبح لذي عينين.

ولا يخفي أنّ الأخبار الواردة في هذا المجال کثيرة، کما سنشير إليها، ولکن کلّها متّفقة علي أنّه کان يأمر أهل البيت بالصلاة عملاً بقوله تعالي: «وَأْمُرْ أَهْلَکَ بِالصَّلَاةِ...»[1] ولا ريب أنّ الصلاة قد شرّعت من قبل، وإنّهم کانوا يصلّون، فلم يکن هذا الأمر بالصلاة في کلّ مرّة يمرّ عليهم، وذکر آية التطهير تعليلاً للأمر بها إلّا لبيان المصداق لأهل البيت في الآية المبارکة، وللإرشاد إلي طهارتهم الجنانية، فکأنّه يقول: إنّما آمرکم بالصلاة، واُعيد عليکم هذا الأمر کلّ يوم؛ لأنّ طهارتکم الباطنيّة مداومتکم علي الطاعة وملازمتکم لامتثال الأوامر والقيام بوظائف العبوديّة؛ ولذلک کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بعد نزول آية التطهير يمرّ علي بيت أمير المؤمنين وفاطمة عليهماالسلام ويقول: «الصلاة، الصلاة «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ» الآية. وهذا ممّا اتّفقت عليه الأحاديث الکثيرة من طرق مختلفة.

ولعلّ السبب في استمراره صلي الله عليه و آله علي ذلک، هو الإعلان والافصاح عن اختصاص هذه الآية الکريمة بما لها من الفضل والمنقبة بهذا البيت، وانتشار ذلک بين المسلمين في داخل المدينة وخارجها، خصوصاً مع کثرة الوفود إلي المدينة في أواخر حياة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فلا يتوهّم بعد ذلک اختصاصها بغيرهم، أو مشارکة غيرهم لهم في هذه الفضيلة.

ومن هنا لم نجد في الأحاديث حتّي خبراً واحداً أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله مرّ علي بيت غير عليّ وفاطمة عليهماالسلام، ولو مرّة واحدة، ولم يدّع ذلک حتّي من سعي في إطفاء نورهم عليهم السلام، وإليک بعضاً من الأخبار في ذلک:

1- عن أنس بن مالک، وعن زيد بن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه عليهم السلام، قال: کان النبيّ صلي الله عليه و آله يأتي کلّ يوم باب فاطمة عليهماالسلام عند صلاة الفجر، فيقول: «الصلاة يا أهل بيت النبوّة «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَکُمْ تَطْهِيراً»» تسعة أشهر بعد ما نزلت: «وَأْمُرْ أَهْلَکَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا».[2] .

2- وعن عليّ بن موسي الرضا عليهماالسلام: «کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يجي ء إلي باب عليّ وفاطمة بعد نزول هذه الآية: «وَأْمُرْ أَهْلَکَ بِالصَّلَاةِ» تسعة أشهر، کلّ يوم عند حضور کلّ صلاة، خمس مرّات، فيقول: الصلاة رحمکم اللَّه، وما أکرم اللَّه عزّ وجلّ أحداً من ذراري الأنبياء بمثل هذه الکرامة الّتي أکرمنا بها، وخصّنا من دون جميع أهل بيته».[3] .

3- عن أبي سعيد الخدري: يجي ء إلي باب عليّ عليه السلام تسعة أشهر في کلّ صلاة، فيقول: الصلاة يرحمکم اللَّه «إِنَّمَا يُرِيدُ...» الآية.[4] .

و عنه أيضاً: کان نبيّ اللَّه صلي الله عليه و آله يجي ء إلي باب عليّ عليه السلام صلاة الغداة ثمانية أشهر، ويقول: «الصلاة رحمکم اللَّه «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنکُمُ الرِّجْسَ» الآية.[5] .

و عنه أيضاً: إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله جاء إلي باب عليّ عليه السلام أربعين صباحاً بعد ما دخل علي فاطمة عليهاالسلام، فقال: «السلام عليکم أهل البيت ورحمة اللَّه وبرکاته، الصلاة يرحمکم اللَّه «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ» الآية».[6] .

4- وعن ابن عبّاس قال: شهدنا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله تسعة أشهر يأتي کلّ يومٍ باب عليّ بن أبي طالب عليه السلام عند وقت کلّ صلاةٍ فيقول: «السلام عليکم ورحمة اللَّه وبرکاته أهل البيت «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ» الآية، الصلاة رحمکم اللَّه» کلّ يومٍ خمس مرّات.[7] .

5- عن أبي الحمراء، قال: صحبت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله تسعة أشهر، فکان إذا أصبح أتي باب عليّ وفاطمة عليهماالسلام، وهو يقول: «يرحمکم اللَّه «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَکُمْ تَطْهِيراً»».[8] .

6- و عن أبي الحمراء ايضاً، قال: خدمتُ النبيّ صلي الله عليه و آله نحواً من تسعة أشهر أو عشرة، وکان عند کلّ فجر لا يخرج من بيته حتّي يأخذ بعضادتي باب عليّ عليه السلام، ثمّ يقول: السلام عليکم ورحمة اللَّه وبرکاته»، فيقول عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام: «وعليک السلام يا نبيّ اللَّه ورحمة اللَّه وبرکاته». ثمّ يقول: «الصلاة يرحمکم اللَّه «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَکُمْ تَطْهِيراً»»، ثمّ ينصرف إلي مصلّاه.[9] .

7- وعنه ايضاً، قال: حفظت من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ثمانية أشهر بالمدينة، ليس من مرّة يخرج إلي صلاة الغداة إلّا أتي إلي باب عليّ عليه السلام، فوضع يده علي جنبتي الباب، ثمّ قال: «الصلاة، الصلاة «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَکُمْ تَطْهِيراً»».[10] .

8- واخرج الطبري: بسنده عن أبي الحمراء ايضاً، قال:... سبعة أشهر رأيت النبيّ إذا طلع الفجر جاء إلي باب عليّ وفاطمة عليهماالسلام فقال: «الصلاة الصلاة «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنکُمُ الرِّجْسَ»».[11] .

ورواه ابن عساکر و السيوطي عنه مثله.[12] .

9- وفي (سنن الترمذي): بسنده عن أنس بن مالک: قال: إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله کان يمرّ بباب فاطمة ستّة أشهر إذا خرج إلي صلاة الفجر يقول: «الصلاة يا أهل البيت «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ» الآية.[13] .

10- و روي المجلسي عن الحارث: عن عليّ عليه السلام: «کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يأتينا کلّ غداة فيقول: الصلاة رحمکم اللَّه، الصلاة «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنکُمُ الرِّجْسَ» الآية».[14] .







  1. سورة طه: 132.
  2. ينابيع المودّة: 174 و الآية من سورة طه: 132.
  3. عيون أخبار الرضا عليه السلام: 239.
  4. المناقب لأخطب خوارزم: 23.
  5. تاريخ دمشق - ترجمة الإمام عليّ عليه السلام 250:1، ح 320.
  6. المناقب لأخطب خوارزم: 23.
  7. تفسير الدرّ المنثور 199:5.
  8. تاريخ دمشق - ترجمة الإمام عليّ عليه السلام 252:1، ح 322.
  9. الإحقاق 563:2.
  10. تفسير الدرّ المنثور 199:5.
  11. تفسير جامع البيان 5:22.
  12. تاريخ دمشق - ترجمة الإمام عليّ عليه السلام 251:1، ح 321؛ تفسير الدرّ المنثور 199:5.
  13. سنن الترمذي 352:5، ح 3206، وعنه ابن الصبّاغ المالکي في الفصول المهمّة: 26.
  14. بحارالانوار 215:25.