نزول آية التطهير في الخمسة الطيّبين باجماع الاُمة











نزول آية التطهير في الخمسة الطيّبين باجماع الاُمة



أقول: إنّ کون نزول الآية في أهل البيت - أي الخمسة أهل الکساء - تثبته روايات متواترة بطرق عديدة عن الرسول صلي الله عليه و آله أخرجها العامّة في کتبهم، واستخرجها أصحابنا من صحاحهم واُصولهم الّتي عليها مدارهم، واعترف بذلک جميع العلماء من العامّة والخاصّة.

قال السيّد شرف الدين: لا ريب في أنّ أهل البيت الذين أذهب اللَّه عنهم الرجس وطهّرهم في هذه الآية «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ...» هم الخمسة (أصحاب الکساء)، وکفاک هذا برهاناً علي أنّهم أفضل مَن أقلّته الأرض يومئذٍ ومَن أظلّته السماء، ألا وهم رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وصنوه الجاري بنصّ الذِّکر مجري نفسه، وبضعته الّتي يغضب اللَّه لغضبها، ويرضي لرضاها، وريحانتاه من الدنيا، سبطاه الشهيدان، سيّدا شباب أهل الجنّة، فهؤلاء هم أصحابُ هذه الآية البيّنة، بحکم الأدلّة القاطعة والحجج الساطعة، لم يشارکهم فيها أحد من بني آدم، ولا زاحمهم تحت کسائهم واحد من هذا العالم... وحسبک في ذلک قول رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «اُنزلت هذه الآية في خمسة: فيَّ وفي عليّ والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام» ثمّ قال:

وقد أجمعت کلمة أهل القبلة من أهل المذاهب الإسلاميّة کلّها علي أنّه صلي الله عليه و آله لمّا نزل الوحي بها عليه ضمّ سبطيه وأباهما واُمّهما إليه، ثمّ غشاهم ونفسه بذلک الکساء تمييزاً لهم عن سائر الأبناء والأنفس والنساء، فلمّا أنفردوا تحته عن کافّة اُسرته، واحتجبوا به عن بقيّة اُمّته، بلّغهم الآية وهم علي تلک الحال حرصاً علي أن لا يطمع بمشارکتهم فيها أحد من الصحابة والآل، فقال مخاطباً لهم وهم معه في معزل عن کافّة النّاس: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ...»، فأزاح صلي الله عليه و آله بحجبهم في کسائه حينئذٍ حجب الريب وهتک سدف الشبهات، فبرح الخفاء بحکمته البالغة، وسطعت أشعة الظهور ببلاغة المبين، إلي آخر کلامه.[1] .

أخرج الحافظ الحسکاني الحنفي النيشابوري أکثر من مائتي طريق في أنّ الآية نزلت في رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وعليّ والحسن والحسين واُمّهما فاطمة عليهم السلام.[2] .

وقال العلّامة المجلسي: ذهب أصحابنا، وکثير من الجمهور إلي أنّها نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، لا يشارکهم فيها غيرهم.[3] .

وقال ابن حجر في صواعقه: إنّ أکثر المفسّرين علي أنّ الآية (آية التطهير) نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام لتذکير ضمير «عَنکُمُ».[4] .

وقال الفخر الرازي: اختلفت الأقوال في أهل البيت، والأوْلي أن يقال: هم أولاده وأزواجه، والحسن والحسين منهم، وعليّ منهم؛ لأنّه کان من أهل بيته بسبب معاشرته بيت النبيّ صلي الله عليه و آله، وملازمته للنبيّ صلي الله عليه و آله.[5] .

وقال شيخ الطائفة في تفسيره: روي أبو سعيد الخدري، وأنس بن مالک، وعائشة، واُمّ سلمة، وواثلة بن الأسقع: أنّ الآية نزلت في النبيّ صلي الله عليه و آله وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.[6] .

وقال الشيخ الجليل أبو عليّ الطبرسي في تفسيره: قال أبو سعيد الخدري، وأنس بن مالک، وواثلة بن أسقع، وعائشة، واُمّ سلمة: أنّ الآية مختصّة برسول اللَّه وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.[7] .

وقال العلّامة التستري في إحقاق الحقّ: أجمع المفسّرون، وروي الجمهور - کأحمد بن حنبل وغيره - أنّ آية «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ...» الآية، نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.[8] .

وقال العلّامة الطباطبائي في تفسيره: ورد في أسباب النزول، أنّ الآية نزلت في النبيّ صلي الله عليه و آله وعليّ وفاطمة والحسنين عليهم السلام خاصّة، لا يشارکهم فيها غيرهم، وهي روايات جمّة تزيد علي سبعين حديثاً، يربو ما ورد منها من طرق أهل السنّة علي ما ورد منها من طرق الشيعة، فقد روتها أهل السنّة بطرق کثيرة عن اُمّ سلمة، وعائشة، وأبي سعيد الخدري، وسعد بن وقاص، وواثلة بن الأسقع، وأبي الحمراء، وابن عبّاس، وثوبان مولي النبيّ، وعبداللَّه بن جعفر، وعليّ، والحسن بن عليّ عليهماالسلام في قريب من أربعين طريقاً، ثمّ قال:

وروتها الشيعة عن عليّ عليه السلام، والسجّاد، والباقر، والصادق، والرضا عليهم السلام، واُمّ سلمة، وأبي ذرّ، وأبي ليلي، وأبي الأسود الدؤلي، وعمرو بن ميمون الأودي، وسعد بن أبي وقّاص في بضع وثلاثين طريقاً.

فإن قيل: إنّ الروايات إنّما تدلّ علي شمول الآية لعليّ وفاطمة والحسنين عليهم السلام، ولا ينافي ذلک شمولها لأزواج النبيّ صلي الله عليه و آله کما يفيده وقوع الآية في سياق خطابهنّ؟

قلنا: إنّ کثيراً من هذه الروايات - وخاصّة ما رويت عن اُمّ سلمة، وفي بيتها نزلت الآية - تصرّح باختصاصها بهم، وعدم شمولها لأزواج النبيّ صلي الله عليه و آله.[9] .







  1. الفصول المهمّة للسيّد شرف الدين: 203.
  2. شواهد التنزيل 10:2 إلي 92.
  3. بحار الأنوار 225:35.
  4. الصواعق المحرقة: 141، طبع مصر و راجع بحارالانوار 231: 35 و ينابيع المودة 429: 2.
  5. التفسير الکبير 615:6.
  6. تفسير التبيان 307:8.
  7. تفسير مجمع البيان 356:8.
  8. الإحقاق 502:2.
  9. تفسير الميزان 329:16.