آية التطهير فضيلة عظمي











آية التطهير فضيلة عظمي



إنّ نزول الآية في شأن الخمسة الطيّبين أهل الکساء وسائر الأئمّة عليهم السلام کان من فضائلهم الّتي يفتخرون بها في موارد متعدّدة، کما ذکرنا نبذة منها في مناشداتهم عليهم السلام، حتّي قال عليّ بن موسي الرضا عليه السلام في مجلس المأمون في جواب قول العلماء الذين اجتمعوا هناک حين قال العلماء: فأخبرنا هل فسّر الاصطفاء في الکتاب؟

فقال عليّ بن موسي الرضا عليه السلام: «... والآية الثانية في الاصطفاء قول عزّ وجلّ: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَکُمْ تَطْهِيراً»، وهذا الفضل الّذي لا يجهله أحد إلّا معانداً، ضلالاً منه، فضل بعد طهارة تنتظر».[1] .

وقال السيّد السمهودي: وإنّما أيّدت بهذه الآية (أي آية التطهير) لأنّي تأمّلتها مع ما ورد في الأخبار في شأنها، وما صنعه النبيّ صلي الله عليه و آله بعد نزولها، فظهر لي أنّها منبع فضائل أهل البيت النبويّ؛ لاشتمالها علي اُمور عظيمة لم أرَ من تعرّض لها:

أحدها: اعتناء الباري تعالي بهم، وإشارته لعلوّ قدرهم، حيث أنزلها في حقّهم.

ثانيها: تصديره لذلک ب (إنّما) الّتي هي أداة الحصر؛ لإفادة أنّ إرادته في أمرهم مقصورة علي ذلک الّذي هو منبع الخيرات لا تتجاوزه إلي غيره، ثمّ عدّ اُموراً عظيمة، ثمّ قال:

ومنها: شدّة اعتنائه صلي الله عليه و آله بهم، وإظهاره لاهتمامه وحرصه عليهم، مع إفادة الآية لحصوله، مع استعطافه صلي الله عليه و آله بقوله: «اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي، وقد جعلت إرادتک في أهل بيتي مقصورة علي إذهاب الرجس والتطهير، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً».

وعدّ منها أيضاً: دخوله صلي الله عليه و آله معهم في ذلک.

ثمّ قال - بعد أن أورد ما أثبت به ذلک -: وفيه - يعني دخوله معهم - من مزيد کرامتهم، وإنافة تطهيرهم، وإبعادهم عن الرجس الّذي هو الإثم، أو الشکّ فيما يجب الإيمان به، ما لا يخفي موقعه عند اُولي الألباب.

ومنها أيضاً: أنّ دعاءه صلي الله عليه و آله مجاب، سيّما في أمر الصلاة عليه، وقد دعا مولاه أن يخصّه بالصلاة عليه وعليهم، فتکون الصلاة عليه من ربّه کذلک.

ومنها أيضاً: أنّ قصر الإرادة الإلهيّة في أمرهم علي إذهاب الرجس تشير إلي ما سيأتي في بعض الطرق من تحريمهم في الآخرة علي النّار، فمن قارف منهم شيئاً من الأوزار يرجي أن يتدارک بالتطهير بإلهام الإنابات، وأسباب المثوبات، وأنواع المصائب المؤلمات، ونحو ذلک من المکفّرات للذنوب، وعدم إنالتهم ما لغيرهم من الحظوظ الدنيويّات، وکذا بما يقع من الشفاعات النبويّات، انتهي کلام السمهودي.[2] .

وبالجملة: ففي اختصاص النبيّ صلي الله عليه و آله آية التطهير بالخمسة الطاهرين، وعدم الإذن لدخول غيرهم في هذه المنقبة، والافتخار بهذه الفضيلة والاستدلال بها لأمر الخلافة في مواضع شتّي والمناشدة لذلک، ما فيه الکفاية للدلالة علي عظمة هذه الفضيلة.







  1. قوله: «بعد طهارة تنتظر» أي شملت الطهارة جماعة - وهم الأئمّة عليهم السلام - ينتظر حصولها لهم بعد ذلک أيضاً؛ لأنّ أهل البيت شامل للأئمّة الّتي تأتي بعد اُولئک من الذرّيّة الطيّبة.
  2. جواهر النقدين في فضل الشرفين، نقلاً عن الإحقاق 534:3.