رواية اُخري في قصّة عبداللَّه بن خبّاب











رواية اُخري في قصّة عبداللَّه بن خبّاب



روي الطبري عن أبي مخنف، عن عطاء بن عجلان، عن حميد بن هلال، قال: إنّ الخارجة الّتي أقبلت من البصرة جاءت حتّي دنت من أخوانها بالنهر، فخرجت عصابة منهم فإذا هم برجل يسوق بامرأة علي حمار، فعبروا إليه فدعوه فتهدّدوه وأفزعوه، وقالوا له: مَن أنت؟ قال: أنا عبداللَّه بن خبّاب صاحب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، ثمّ أهوي إلي ثوبه يتناوله من الأرض، وکان سقط عنه لمّا أفزعوه، فقالوا له: أفزعناک؟ قال: نعم، قالوا له: لا روع عليک، فحدّثنا عن أبيک بحديث سمعه من النبيّ صلي الله عليه و آله لعلّ اللَّه ينفعنا به، قال: حدّثني أبي عن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «أنّ فتنة تکون يموت فيها قلب الرجل کما يموت فيها بدنه، يمسي فيها مؤمناً ويصبح فيها کافراً، ويصبح فيها کافراً، ويمسي فيها مؤمناً».

فقالوا: لهذا الحديث سألناک، فما تقول في أبي بکر وعمر؟ فأثني عليهما خيراً. قالوا: ما تقول في عثمان في أوّل خلافته وفي آخرها؟ قال: إنّه کان محقّاً في أوّلها وفي آخرها، قالوا: فما تقول في عليّ قبل التحکيم وبعده؟ قال: إنّه أعلم باللَّه منکم، وأشدّ توقّياً علي دينه، وأنفذ بصيرة، فقالوا: إنّک تتّبع الهوي، وتوالي الرجال علي أسمائها لا علي أفعالها، واللَّه! لنقتلنّک قتلة ما قتلناها أحداً، فأخذوه فکتّفوه ثمّ أقبلوا به وبامرأته - وهي حُبلي - متمٌّ حتّي نزلوا تحت نخل مواقر[1] فسقطت منه رطبة، فأخذها أحدهم فقذف بها في فمه، فقال أحدهم: بغير حلّها وبغير ثمن؟ فلفَظها وألقاها من فمه، ثمّ أخذ سيفه فأخذ يمينه فمرّ به خنزير لأهل الذمّة فضربه بسيفه، فقالوا: هذا فساد في الأرض، فأتي صاحب الخنزير فأرضاه من خنزيره، فلمّا رأي ذلک منهم ابن خبّاب، قال: لئن کنتم صادقين فيما رأي، فما عليَّ منکم بأس، إنّي لمسلم ما أحدثتُ في الإسلام حدثاً، ولقد آمنتموني، قلتم: لا روع عليک؟ فجاءوا به فأضجعوه فذبحوه، وسال دمه إلي الماء، وأقبلوا إلي المرأة فقالت: إنّي إنّما أنا امرأة، ألا تتّقون اللَّه؟ فبقروا بطنها، وقتلوا ثلاث نسوة من طي، وقتلوا اُمّ سنان الصيداويّة.

فبلغ ذلک عليّاً عليه السلام ومن معه من المسلمين من قتلهم عبداللَّه بن خبّاب واعتراضهم النّاس، فبعث إليهم الحارث بن مرّة العبدي ليأتيهم فينظر فيما بلغه عنهم، ويکتب به إليه علي وجهه ولا يکتمه، فخرج حتّي انتهي إلي النهر ليسائلهم، فخرج القوم اليه فقتلوه، و أتي الخبر اميرالمؤمنين عليه السلام و الناس معه فقام إليه النّاس، فقالوا: «يا أمير المؤمنين، عَلَام تدع هؤلاء وراءنا، يخلفوننا في أموالنا وعيالنا، سِر بنا إلي القوم فإذا فرغنا ممّا بيننا وبينهم سرنا إلي عدوّنا من أهل الشام» - الحديث.[2] .

وروي ابن الأثير في تاريخه مثله.[3] .







  1. أي کثير الحمل.
  2. تاريخ الطبري 60:4.
  3. الکامل في التاريخ 403:2.