ظلم الخوارج و قتل عبداللَّه بن خبّاب











ظلم الخوارج و قتل عبداللَّه بن خبّاب



روي ابن أبي الحديد عن أبي العبّاس، قال: ثمّ مضي القوم إلي النهروان وقد کانوا أرادوا المضيّ إلي المدائن، فمن طريق أخبارهم أنّهم أصابوا في طريقهم مسلماً ونصرانيّاً، فقتلوا المسلم؛ لأنّه عندهم کافر؛ إذ کان علي خلاف معتقدهم، واستوصوا بالنصراني وقالوا احفظوا ذمّة نبيّکم.[1] .

وفيه أيضاً عن أبي العبّاس، قال: ولقيهم عبداللَّه بن خبّاب صاحب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في عنقه مصحف علي حمار ومعه امرأته وهي حامل، فقالوا له: إنّ هذا الّذي في عنقک ليأمرنا بقتلک، فقال لهم: ما أحياه القرآن فأحيوه، وما أماته فأميتوه؟ فوثب رجل منهم علي رطبة سقطت من نخلة فوضعها في فيه فصاحوا به فلفظها تورّعاً، وعرض لرجل منهم خنزير فضبه وقتله، فقالوا: هذا فساد في الأرض وأنکروا قتل الخنزير.

ثمّ قالوا لابن خبّاب: حدّثنا عن أبيک، فقال: إنّي سمعت أبي يقول: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «ستکون بعدي فتنة، يموت فيها قلب الرجل کما يموت بدنه، يمسي مؤمناً ويصبح کافراً، فکن عبدَ اللَّه المقتول ولا تکون القاتل».

قالوا: فماذا تقول في أبي بکر وعمر؟ فأثني خيراً، قالوا: فما تقول في عليّ قبل التحکيم وفي عثمان في السنين الستّ الأخيرة؟ فأثني خيراً، قالوا: فما تقول في عليّ عليه السلام بعد التحکيم والحکومة؟ قال: إنّ عليّاً عليه السلام أعلم باللَّه، وأشدّ توقِّياً علي دينه، وأنفذ بصيرة.

فقالوا: إنّک لست تتّبع الهدي، إنّما تتّبع الرجال علي أسمائهم، ثمّ قرّبوه إلي شاطئ النهر فأضجعوه فذبحوه.

وقال أبوالعبّاس: وساوموا رجلاً نصرانيّاً بنخلة له، فقال: هي لکم، فقالوا: ما کنّا لنأخذها إلّا بثمن، فقال النصراني: واعجباه، أتقتلون مثل عبداللَّه بن خبّاب ولا تقبلون جنا نخلة إلّا ثمن!![2] .

قال أبو عبيدة: واستنطقهم عليّ عليه السلام بقتل ابن خبّاب، فأقرّوا به، فقال: «انفردوا کتائب لأسمع قولکم کتيبة کتيبة»، فکتّبوا کتائب وأقرّت کلّ کتيبة بمثل ما أقرّت به الاُخري من قتل ابن خبّاب، وقالوا: لنقتلنّک کما قتلناه!!

فقال: «واللَّه لو أقرّ أهلُ الدنيا کلّهم بقتله هکذا وأنا أقدر علي قتلهم به لقتلتهم»، ثمّ التفت إلي أصحابه فقال لهم: «شدُّوا عليهم، فأنا أوّل من يشدّ عليهم»، فحمل الّذي بذي الفقار حملةً منکرة ثلاث مرّات کلّ حملة يضرب به حتّي يعوجّ متنه ثمّ يخرج فيسوّيه برکبتيه، ثمّ يحمل به حتّي أفناهم.[3] .

وروي قيس بن سعد بن عبادة: أنّ عليّاً عليه السلام لمّا انتهي إليهم قال لهم: «أقيدونا بدم عبداللَّه بن خبّاب»، فقالوا: کلّنا قتله، فقال: «احملوا عليهم».[4] .







  1. منهاج البراعة 127:4، وابن أبي الحديد 280:2.
  2. شرح ابن أبي الحديد 282:2، وشرح الخوئي 128:4.
  3. شرح ابن أبي الحديد 282:2، وشرح الخوئي 128:4.
  4. شرح الخوئي 128:4.