اخبار رسول اللَّه بالخوارج











اخبار رسول اللَّه بالخوارج



کان النبيّ صلي الله عليه و آله يخبر عليّاً عليه السلام بما سيقع في المستقبل من حوادث لئلّا يقع الناس في الانحراف، وکان يوضّح ذلک للنّاس ليکونوا علي بيّنة من الصراط المستقيم، ولئلّا ينحرفوا عن جادّة الصواب، وکان من جملة تلک القضايا قضيّة الخوارج، وقد أشار إليها رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وفيما يلي نذکر بعض الأخبار في هذا الصدد:

1 - عن (صحيح البخاري)، عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: «يخرج في هذه الاُمّة - ولم يقل منها - قوم تحقّرون صلاتکم مع صلاتهم، يقرأون القرآن ولا يجاوز حلوقهم - أو قال: حناجرهم - يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية».[1] .

2 - روي بعض المحدّثين: أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله قال لأصحابه يوماً: «إنّ منکم من يقاتل علي تأويل القرآن کما قاتلتُ علي تنزيله»، فقال أبو بکر: أنا يا رسول اللَّه؟ فقال صلي الله عليه و آله: «لا»، فقال عمر: أنا يا رسول اللَّه؟ فقال صلي الله عليه و آله: «لا، بل خاصف النعل»، وأشار إلي عليّ.[2] .

3 - وروي ابن عساکر الشافعي: عن أبي سعيد، قال: خرج رسول اللَّه صلي الله عليه و آله من باب بيوت أزواجه فانقطع من نعله شسع أو غيره، قال: فرمي به إلي عليّ بن أبي طالب وقال: «إنّ منکم مَن سيضرب علي تأويله کما ضربتُ علي تنزيله»، قال: فقال رجل من أصحاب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: أنا هو؟ قال: «لا، هو صاحب النعل».

قال أبوسعيد: أنا بشّرت بها عليّاً فما رأيته اکترث لذلک، کأنّه قد علم به قبل ذلک.[3] .

4 - وفي المستدرک: عن (دعائم الإسلام)، عن أمير المؤمنين عليه السلام: أنّه خطب بالکوفة، فقام رجل من الخوارج فقال: لا حکم إلّا للَّه، فسکت أمير المؤمنين، ثمّ قام آخر وآخر، فلمّا أکثروا، قال عليه السلام: «کلمة حقّ يراد بها باطل»، لکم عندنا ثلاث خصال؛ لا نمنعکم مساجد اللَّه أن تصلّوا فيها، ولا نمنعکم الفي ء ما کانت أيديکم في أيدينا، ولا نبدؤکم بحرب حتّي تبدؤونا، وأشهد لقد أخبرني النبيّ الصادق صلي الله عليه و آله عن الروح الأمين، عن ربّ العالمين، أنّه لا يخرج منکم من فئة قلّت أو کثرت إلي يوم القيامة إلّا جعل اللَّه حتفها علي أيدينا، وإنّ أفضل الجهاد جهادکم، وأفضل المجاهدين مَن قَتَلکم، وأفضل الشهداء مَن من قتلتموه، فاعملوا ما أنتم عاملون، فيوم القيامة يخسر المبطلون، ولکلّ نبأ مستقرّ فسوف تعلمون».[4] .

5 - وفي الصحاح المتّفق عليها: أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بينا هو يقسّم قَسْماً (غنائم حنين) جاء رجل من بني تميم يُدعي ذا الخُويصرة، فقال: اعدل يا محمّد! فقال صلي الله عليه و آله: «قدعلت»، فقال له ثانية: اعدل يا محمّد فإنّک لم تعدل؟! فقال صلي الله عليه و آله: «ويلک! ومن يعدل إذا لم أعدل!»، فقام عمر بن الخطّاب، فقال: يا رسول اللَّه، ائذن لي أن أضرب عُنُقَه، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «دعه، فسيخرج من ضئضئ هذا[5] قوم يمرقون من الدين کما يمرق السهم من الرمية[6] ينظر أحدکم إلي نصله[7] فلا يجد شيئاً، فينظر إلي نضيّه[8] فلا يجد شيئاً، ثمّ ينظر إلي القُذذ[9] فکذلک سبق الفرث والدم، يخرجون علي حين فرقة من النّاس، تُحتقر صلاتکم في جنب صلاتهم، وصومکم عند صومهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، آيتهم رجلٌ أسود - أو قال: أدعج[10] - مخدج اليد[11] إحدي يديه کأنّها ثدي امرأة أو بضعة تُدردر«.[12] .

ثمّ قال: وفي بعض الصحاح: أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قال لأبي بکر - وقد غاب الرجل عن عينه -: «قم إلي هذا فاقتله»، فقام ثمّ عاد وقال: وجدته يصلّي، فقال لعمر مثل ذلک، فعاد وقال: وجدته يصلّي، فقال لعليّ مثل ذلک، فعاد فقال: لم أجده، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «لو قتل هذا لکان أوّل فتنة وآخرها، أما إنّه سيخرج من ضئضئي هذا قوم» - الحديث.[13] .

6 - و عن قتادة، قال: کنّا مع أمير المؤمنين عليه السلام في قتال أهل النهروان، وکنّا ستّين أو سبعين من الأنصار، وکنت علي الرجّالة، فلمّا رجعنا إلي المدينة دخلنا علي عائشة فسألتنا عن مقدمنا فأخبرناها بقتل الخوارج، فقالت: ما کانوا يقولون؟ قلنا: يسبّون أمير المؤمنين وعثمان بن عفّان وأنتِ ويکفّرونکم، فلم نزل نقاتلهم وعليّ عليه السلام بين أيدينا وتحته بغلة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله؛ إذ وقف عليّ عليه السلام علي بعض القتلي، فقال: «اقلبوهم؟»، فقلبناهم فإذا رجل أسود علي کتفيه مثل حملة الثدي، فقال عليّ عليه السلام: «اللَّه أکبر»، واللَّه ما کَذِبتُ ولا کُذِّبتُ، کنتُ مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وهو يقسم غنائم حنين، فجاء هذا فقال: يا محمّد، اعدل، فواللَّه ما عدلت منذ اليوم» - الحديث.[14] .







  1. الفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالکي: 111.
  2. راجع: شرح ابن أبي الحديد 277:2، وينابيع المودّة: 59.
  3. تاريخ دمشق 128:2، ح 1169، وراجع ح 1170 و 1172.
  4. مستدرک الوسائل 254:2.
  5. ضئضئي هذا، أي من جنس هذا.
  6. مرق السهم من الرمية مروقاً: خرج من الجانب الآخر، والخوارج مارقة لخروجهم عن الدين.
  7. النصل: حديدة السهم والسيف.
  8. النضي ءُ: القدح - بکسر فسکون -، وهو السهم قبل أن يتّصل ويريش.
  9. القذة: ريشة السهم.
  10. الدعج: شدّة سواد العين مع اتّساعها.
  11. مخدج اليد: من أخدجه اللَّه، إذا نقص عضواً منه.
  12. تدردر: تجيئ وتذهب.
  13. شرح ابن أبي الحديد 266:2.
  14. تذکرة الخواصّ: 100.