رجوع عليّ إلي الكوفة واعتزال الخوارج











رجوع عليّ إلي الکوفة واعتزال الخوارج



روي المدائني في (وقعة صفّين) عن نصر بن مزاحم، عن عبدالرحمن بن جندب، قال: لمّا أقبل عليّ عليه السلام من صفّين أقبلنا معه. قال نصر: ورجع أمير المؤمنين إلي الکوفة، فأخذ طريقاً غير الطريق الّذي أقبلنا فيه، فقال عليه السلام: «آئبون عابدون، لربّنا حامدون، اللّهمّ إنّي أعوذ بک من وعثاء السفر، وکآبة المنقلب، وسوء المنظر في المال والأهل»، ثمّ أخذ بنا طريق البرّ علي شاطئ الفرات، حتّي انتهينا إلي هيت، و أخذنا علي صندوداء، فخرج الأنماريّون بنو سعيد بن حزيم، واستقبلوه فعرضوا عليه النزول فلم يقبل، فبات بها، ثمّ غدا حتّي جزنا النخيلة ورأينا بيوت الکوفة... فلم يزل يذکر اللَّه حتّي دخل الکوفة.[1] .

قال المسعودي: فلمّا دخل عليّ (سلام اللَّه عليه) الکوفة انحاز عنه اثنا عشر ألفاً من القرّاء وغيرهم، فلحقوا بحروراء - قرية من قري الکوفة - وجعلوا عليهم شبث بن ربعي التميمي، وعلي صلاتهم عبداللَّه بن الکوّاء اليشکري من بکر بن وائل، فخرج عليّ عليه السلام إليهم وکانت له معهم مناظرات، فدخلوا جميعاً الکوفة، وإنّما سمّوا الحرورية لاجتماعهم في هذه القرية وانحيازهم إليها.[2] .

وفي (الکامل لابن الأثير): ولمّا رجع عليّ عليه السلام من صفّين فارقه الخوارج وأتوا حروراء، فنزل بها منهم اثنا عشر ألفاً، ونادي مناديهم: إنّ أمير القتال شبثُ بن ربعي التميمي، وأميرَ الصلاة عبدُاللَّه بن الکوّاء اليشکري، والأمر شوري بعد الفتح، والبيعة للَّه تعالي، والأمر بالمعروف والنهي عن المنکر، فلمّا سمع عليّ عليه السلام ذلک وأصحابه قامت الشيعة فقالوا له: في أعناقنا بيعة ثانية نحن أولياء مَن واليتَ، وأعداء مَن عاديتَ، فقالت خوارج: استبقتم أنتم وأهل الشام إلي الکفر کفرسي رهان، بايع أهلُ الشام معاويةَ علي ما أحبّوا وکرهوا، وبايعتم أنتم عليّاً علي أنّکم أولياء من والي، وأعداء مَن عادي، فقال لهم زياد بن النضر: واللَّه! ما بسط عليّ عليه السلام يَده فبايعناه قطّ، إلّا علي کتاب اللَّه وسنّة نبيّه، ولکنّکم لمّا خالفتموه جاءته شيعة فقالوا له: نحن أولياء من واليت، وأعداء من عاديت، ونحن کذلک، وهو علي الحقّ، والهدي مَن خالفه ضالّ مضلّ.

وبعث عليّ عليه السلام عبداللَّه بن عبّاس إلي الخوارج، وقال: «لا تعجل إلي جوابهم وخصومتهم حتّي آتيک»، فخرج إليهم يکلّمونه، فلم يصبر حتي راجعهم...[3] .







  1. وقعة صفّين: 528، وراجع أعيان الشيعة 515:1.
  2. مروج الذهب 405:2.
  3. الکامل في التاريخ 393:2.