ظهور مقالة الخوارج بعد صحيفة الصلح











ظهور مقالة الخوارج بعد صحيفة الصلح



روي المسعودي في (تاريخه) ما ملخّصه: وکان فيما کتب في الصحيفة أنّ يُحيي الحکمان ما أحيا القرآن ويميتا ما أمات القرآن، ولا يتّبعان الهوي ولا يُداهنان في شي ء وصيّروا الأجل إلي شهر رمضان علي اجتماع الحکمين في موضع بين الکوفة والشام، وکان الوقت الّذي کتبت فيه الصحيفة لأيّام بقين من صفر سنة سبع وثلاثين[1] وقيل بعد هذا الشهر من سنة 37ه.

ومرّ الأشعث بالصحيفة يقرؤها علي النّاس فرحاً مسروراً حتّي انتهي إلي مجلس بني تميم، وفيه جماعة من زعمائهم فقرأها عليهم، فجري بين الأشعث واُناس منهم خطب طويلة، وإنّ الأشعث کان بدأ هذا الأمر والمانع لهم من قتال عدوّهم حتّي يفيئوا إلي أمر اللَّه، قال له عروة بن أدَيه التميمي: أتحکّمون في دين اللَّه وأمره ونهيه الرجال؟ لا حکم إلّا للَّه، فکان أوّل من قالها وحکم بها، وقد تنوزع في ذلک وشدّ بسيفه علي الأشعث فضمّ فرسه عن الضربة، فوقعت في عجز الفرس ونجا الأشعث.[2] .

ومرّ علي رايات بني راسب فقرأها عليهم فقال رجل منهم: لا حکم إلّا للَّه يقضي بالحقّ وهو خير الفاصلين، ومرّ برايات عنزة وکان منهم بصفّين مع عليّ أربعة آلاف مجفّف، فقرأها عليهم، فقال معدان وجعد العنزيان فتيان اخوان منهم: لا حکم إلّا للَّه.

ثمّ رجع الأشعث إلي عليّ عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين، قد عرضت الحکومة علي صفوف أهل الشام وأهل العراق، فقالوا جميعاً: قد رضينا حتّي مررت برايات بني راسب ونبذ من النّاس سواهم، فقالوا: لا نرضي، لا حکم إلّا للَّه.

وظنّ عليّ عليه السلام أنّهم قليلون لا يعبأ بهم، فما راعه إلّا نداء النّاس من کلّ جهة: لا حکم إلّا للَّه، الحکم للَّه يا عليّ لا لک، لا نرضي بأن يحکم الرجال في دين اللَّه، إنّ اللَّه قد أمضي حکمه في معاوية وأصحابه أن يقتلوا أو يدخلوا في حکمنا عليهم - الخبر.[3] .







  1. وفي الکامل في التاريخ (389:2)، وتاريخ الطبري (40:4): وکُتب الکتاب يوم الأربعاء لثلاث عشرة خلت من صفر سنة 37، واتّفقوا علي أن يوافي أمير المؤمنين عليّ عليه السلام موضع الحکمين بدومة الجندل أو بأذرح في شهر رمضان.
  2. مروج الذهب 404:2.
  3. راجع: أعيان الشيعة 514:1.