نقل آخر من المجلسي
ثمّ قال: واللَّه يا أمير المؤمنين، ما اتّبعتک إلّا ببصيرة، فإنّي سمعتُ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول يوم خيبر (يوم حنين): «يا عمّار، ستکون بعدي فتنة، فإذا کان ذلک فاتّبع عليّاً عليه السلام وحزبه، فإنّه مع الحقّ والحقّ معه، وإنّک ستقاتل بعدي الناکثين والقاسطين»، فجزاک اللَّه - يا أمير المؤمنين - عن الإسلام أفضل الجزاء، لقد أدّيت وأبلغت ونصحت، ثمّ رکب ورکب أمير المؤمنين، وبرز إلي القتال، ثمّ إنّه دعا بشربة من ماء، فقيل ما معنا ماء، فقام إليه رجل من الأنصار فأسقاه شربة من لبن، فشربه، ثمّ قال: هکذا عهد إليَّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أن يکون آخر زادي شربة من لبن، ثمّ حمل علي القوم فقتل ثماني عشرة نفساً، فخرج إليه رجلان من أهل الشام فطعناه، وقتل رحمه الله. فلمّا کان في الليل، طاف أمير المؤمنين عليه السلام في القتلي فوجد عمّاراً ملقي بين القتلي، فجعل رأسه علي فخذه، ثمّ بکي عليه السلام وأنشأ يقول: «أَلا أَيُّها الْمَوْتُ الّذي لَيْس تارکي أَراک بَصيراً بِالذينَ اُحِبُّهُم
ولمّا کان يوم صفّين خرج عمّار بن ياسر رضي الله عنه إلي أمير المؤمنين عليه السلام وقال: يا أخا رسول اللَّه، أتأذن لي في القتال؟ فقال عليه السلام: «مهلاً رحمک اللَّه»، فلمّا کان بعد ساعة أعاد عليه الکلام، فأجابه بمثله، فأعاد عليه ثالثاً، فبکي أمير المؤمنين عليه السلام، فنظر إليه عمّار فقال: يا أمير المؤمنين، إنّه اليوم الّذي وصفه رسول اللَّه؟ ونزل أمير المؤمنين عليه السلام عن بغلته وعانق عمّاراً وودّعه، وقال: «يا أبا اليقظان، جزاک اللَّه عن نبيّک، وعن الإسلام خيراً، فنِعْمَ الأخ کنت، ونِعْم الصاحب کنت»، ثمّ بکي عليه السلام وبکي عمّار.
أَرِحْني فَقَدْ أَفْنَيْتَ کُلَّ خَلِيلِ
کَأَنَّکَ تَسْعي نَحْوَهُم بِدَلِيلِ»[1] .