مروءة عليّ بعد تسلّطه علي الشريعة











مروءة عليّ بعد تسلّطه علي الشريعة



لمّا حرّض عليّ عليه السلام أصحابه بأخذ الماء من العدوّ وألّا يکون علي المذلّة والموت، قام الأشعث فأتي عليّاً عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين، أيمنعنا القوم ماء الفرات وأنت فينا، والسيوف في أيدينا! خلّ عنّا وعن القوم، فواللَّه! لا نرجع حتّي نرده أو نموت ومُر الأشتر فيعلو ويقف حيث تأمر، فقال عليّ عليه السلام: «ذلک إليکم». فرجع الأشعث فنادي في النّاس: من کان يريد الماء أو الموت فميعاده موضع کذا فإنّي ناهض، فخرج اثنا عشر ألف رجل من قبيلة کندة وغيرهم واضعي سيوفهم علي عواتقهم، وأقبل الأشتر بخيله، فحملوا علي الفرات حملة واحدة، وأخذت أهل الشام السيوف، فولّوا مدبرين حتّي غمست خيل أمير المؤمنين سنابکها في الفرات واستولوا علي الماء، وأزالوا أبا الأعور عن الشريعة، وأغرقوا منهم بشراً وخيلاً، وارتحل معاوية عن ذلک الموضع، ولمّا صار الماء بأيديهم قالوا: لا واللَّه! لا نسقيهم، فأرسل إليهم أمير المؤمنين عليه السلام: «أن خذوا حاجتکم من الماء وارجعوا إلي معسکرکم، وخلّوا بينهم وبين الماء، فإنّ اللَّه قد نصرکم عليهم بظلمهم وبغيهم»، وقالوا له: امنعهم الماء کما منعوک.

قال عليه السلام: «لا، خلّوا بينهم وبينه، لا أفعل ما فعله الجاهلون». واستأذنه معاوية في وروده المشرعة، واستقاء الناس من طريقه، ودخول رسله في عسکره، فأباحه عليّ عليه السلام کلّ ما سأل وطلب منه.[1] .







  1. راجع: شرح ابن أبي الحديد 323:3، ومروج الذهب 386:2.