مبيت عليّ وجيشه عطاشي











مبيت عليّ وجيشه عطاشي



روي نصر بن مزاحم: ومکث أصحاب عليّ عليه السلام بغير ماء، واغتمّ عليّ عليه السلام بما فيه أهل العراق.[1] .

روي المسعودي: وبات عليّ عليه السلام وجيشه في البرّ عطاشي، قد حيل بينهم وبين الورود إلي الماء، فقال عمرو بن العاص لمعاوية: إنّ عليّاً لا يموت عطشاً هو وتسعون ألفاً من أهل العراق وسيوفهم علي عواتقهم، ولکن دعهم يشربون ونشرب؟ فقال معاوية: لا واللَّه! أو يموتون عطشاً کما مات عثمان.

وخرج عليّ عليه السلام يدور في عسکره بالليل فسمع قائلاً وهو يقول:


أيمنعنا القوم ماء الفرات
وفينا عليّ وفينا الهدي


وفينا الصلاة وفينا الصيام
وفينا المناجون تحت الدجي


ثمّ مرّ بآخر عند راية ربيعة وهو يقول:


أيمنعنا القوم ماء الفرات
وفينا الرماح وفينا الحَجف[2] .


وفينا عليّ له صولة
إذا خَوّفوه الردي لم يخف


ونحن غداة لقينا الزبير
وطلحَة خُضنا غِمار[3] التَّلف


فما بالنا أمس اُسد العرين
وما بالنا اليوم شاء النّجف[4] .


قال الراوي: فحرّک ذلک عليّاً عليه السلام، ثمّ مضي إلي رايات کندة، فإذا إنسان يُنشد إلي جانب منزل الأشعث وهو يقول:


لئن لم يُحَلَّ اليوممَ کُربَةً
من الموت فيها للنفوس بقيَّةُ


فنشرب من ماء الفرات بسيفه
فَهبنا اُناساً قبلَ ذاک فموَّتوا


قال: فلمّا سمع الأشعث قول الرجل قام فأتي عليّاً عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين، أيمنعنا القوم ماء الفرات وأنتَ فينا والسيوف في أيدينا، خلِّ عنّا وعن القوم، فواللَّه لا نرجع حتّي نرده أو نموت، ومُر الأشتر فيعلُوَ بخيله، ويقف حيث تأمره، فقال عليّ عليه السلام: «ذلک إليکم».[5] .







  1. وقعة صفّين: 164.
  2. الحَجف: جمع حجفة، وهي الترس من جلود الإبل يطارق بعضها في بعض.
  3. الغمار: جمع غمرة، وهي الشدّة، إشارة إلي وقعة الجمل.
  4. شاء: جمع شاة. والنجف: الحلب الجيّد.
  5. راجع: مروج الذهب 385:3، وشرح ابن أبي الحديد 323:3.