مسير عليّ إلي صفّين











مسير عليّ إلي صفّين



قال المسعودي: وکان سير عليّ عليه السلام من الکوفة إلي صفّين[1] لخمس خلون من شوّال سنة ستّ وثلاثين، واستخلف علي الکوفة أبا مسعود عقبة بن عامر الأنصاري، فاجتاز في مسيره بالمدائن ثمّ أتي الأنبار وسار حتّي نزل الرقّة، فعُقد له هناک جسر فعبر إلي جانب الشام، وأمّا جيشه فقد تنوزع في مقدار ما کان معه من الجيش، فمکثّر ومقلّل، والمتّفق عليه من قول الجميع تسعون ألفاً.[2] .

وکتب أمير المؤمنين عليه السلام إلي عمّاله في الآفاق يأمرهم بالمسير إليه، وحثّ النّاس علي الجهاد معه، فکتب إلي مخنف بن سليم عامله علي اصبهان وهمدان، فاستعمل مخنف علي اصبهان وهمدان رجلين من قومه، وأقبل حتّي شهد معه صفّين، وکتب إلي عبداللَّه بن عبّاس إلي البصرة:

«أَمَّا بَعْدُ، فَأَشْخِصْ إِلَيَّ مَنْ قِبَلَکَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَذَکِّرْهُمْ بَلَائِي عِنْدَهُمْ وَعَفْوِي عَنْهُمْ، وَاسْتِبْقَائِي لَهُمْ، وَرَغِّبْهُمْ فِي الْجِهَادِ وَأَعْلِمْهُمُ الَّذِي فِي ذ لِکَ مِنَ الْفَضْلِ».

فقرأ عليهم ابن عبّاس کتاب عليّ عليه السلام وقال: أيّها النّاس، استعدّوا للمسير إلي إمامکم، وانفروا في سبيل اللَّه خفافاً وثقالاً، وجاهدوا بأموالکم وأنفسکم فإنّکم تقاتلون المحلّين القاسطين الذين لا يقرؤون القرآن، ولا يعرفون حکم الکتاب، ولا يدينون دين الحقّ مع أمير المؤمنين، وابن عمّ رسول اللَّه عليهماالسلام، الآمر بالمعروف، والناهي عن المنکر، والصادع بالحقّ، والحاکم بحکم الکتاب، الّذي لا يداهن الفجّار، ولا تأخذه في اللَّه لومة لائم... وأجاب النّاس إلي المسير، ونشطوا وخفّوا، فاستعمل ابن عبّاس علي البصرة أبا الأسود الدؤلي، وقدم هو ومن معه علي عليّ عليه السلام بالنخيلة.

وبقي عليّ عليه السلام بالنخيلة أيّاماً، وخطب النّاس ثمّ خرج من النخيلة لخمس مضين من شوّال يوم الأربعاء سنة 36ه، حتّي نزل علي شاطئ البرس[3] وخطب بالنّاس، ثمّ سار حتّي نزل صفّين.[4] .







  1. صفّين: اسم أرض کبيرة واسعة.
  2. مروج الذهب 384:2.
  3. البُرس - بالضمّ -: بلدة بين الکوفة والحلّة.
  4. راجع تفصيله في أعيان الشيعة 479 - 475:1.