التحام القتال واشتعال نار الحرب











التحام القتال واشتعال نار الحرب



عن العلّامة الإربلي في (کشف الغمّة) ما ملخّصه: ثمّ التحم القتال، وقال عليّ عليه السلام: «وَإِن نَکَثُوا أَيْمَانَهُم مِن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِکُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْکُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ»[1] ثمّ حلف حين قرأها أنّه ما قُوتِل عليها منذ نزلت حتّي اليوم، واتّصلت الحرب وکثر القتل والجرح... ولم يزل القتل يُؤجّج ناره والجمل يفني حتّي خرج رجلٌ مدجّج يظهر بأساً ويُعرّض بذکر عليّ عليه السلام حتّي قال:


أضربکُم ولو أري عليّا
عَمّمتُه أبيض مشرفيا


فخرج إليه عليّ عليه السلام متنکّراً، وضربه علي وجهه فرمي بنصف قحف رأسه، ثمّ انصرف، إلي أن قال: واستعرت الحرب حتّي عُقر الجمل فسقط، وقد احمرّت البيداء بالدماء، وخذل الجمل وحزبه، وقامت النوادب بالبصرة علي القتلي، وکان عدّة مَن قتل من جند الجمل ستّة عشر ألفاً وسبعمائة وتسعين إنساناً، وکانوا ثلاثين ألفاً، فأتي القتل علي أکثر من نصفهم، وقُتل من أصحاب عليّ عليه السلام ألف وسبعون رجلاً، وکانوا عشرين ألفاً.

وکان محمّد بن طلحة - المعروف بالسجّاد - قد خرج مع أبيه وأوصي عليّ عليه السلام أن لا يقتله من عساه أن يظفر به، وکان شعار أصحاب عليّ: حم، فلقيه شريح بن أوفي العبسي من أصحاب عليّ عليه السلام فطعنه، فقال: حم، وقد سبق کما قيل السيف العذل، فأتي علي نفسه، وجاء عليّ عليه السلام فوقف عليه وقال: «هذا رجل قتله برّه بأبيه».[2] .

وفي (شرح ابن أبي الحديد): وقال عليّ عليه السلام - لمّا فني النّاس علي خِطام الجمل، وقطعت الأيدي وسالت النفوس -: «ادعوا لي الأشتر وعمّاراً»، فجاءا، فقال: «اذهبا فاعقرا هذا الجمل، فإنّ الحرب لا يبوخ[3] ضرامها ما دام حيّاً، إنّهم قد اتّخذوه قبلة، فذهبا ومعهما فتيان من مُراد يعرف أحدهما بعمر بن عبداللَّه، فما زالا يضربان النّاس حتّي خَلَصا إليه، فضربه المُراديّ علي عرقوبيه، فأقعي وله رُغاء، ثمّ وقع لجنبه وفرّ النّاس من حوله، فنادي عليّ عليه السلام: «اقطعوا أنساع الهودج»، ثمّ قال لمحمّد بن أبي بکر: «أکفني اُختک (عائشة)»، فحملها محمّد حتّي أنزلها دار عبداللَّه بن خلف الخُزاعي، ثمّ بعث عليّ عليه السلام عبداللَّه بن عبّاس إلي عائشة يأمرها بالرحيل إلي المدينة - الحديث.[4] .







  1. سورة التوبة: 12.
  2. کشف الغمّة - باب المناقب 328:1.
  3. لا يبوخ: أي لا يخمد.
  4. شرح ابن أبي الحديد 228:6، وفي الباب کلام طويل، فراجع مظانّه، وقد تعرّضنا لبعضٍ منه في الفصل 99 (في مظلوميّة عليّ عليه السلام) في المجلّد الخامس، فلاحظه.