ماء الحوأب وتذكير آخر لعائشة ثمّ في حفر أبي موسي











ماء الحوأب وتذکير آخر لعائشة ثمّ في حفر أبي موسي



روي أصحاب السير والتاريخ، عن أبي مخنف أنّه قال: لمّا انتهت عائشة في مسيرها إلي الحوأب، وهو ماء لبني عامر بن صعصعة، نبحتها الکلاب حتّي نفرت صعاب إبلها، فقال قائل من أصحابها: ألا ترون ما أکثر کلاب الحوأب، و ما أشدّ بناحها؟ فامسکت (عايشه) زمام بعيرها و قالت: و انها لکلاب الحوأب ردّوني، ردّني، فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: «کيف بإحداکنّ إذا نبحتها کلاب الحوأب»، وذکرت الخبر، فقال لها قائلٌ: مهلا يرحمکِ اللَّه! فقد جُزنا ماء الحوأب، فقالت: فهل من شاهد؟ فلفّقوا لها خمسين أعرابيّاً، فجعلوا لهم جعلاً فحلفوا لها إنّ هذا ليس بماء الحوأب[1] فسارت عائشة لوجهها.[2] .

وفي (شرح بن أبي الحديد)، وغيره: ولمّا انتهت عائشة وطلحة والزبير إلي حَفر أبي موسي قريباً من البصرة أرسل عثمان بن حنيف، وهو يومئذٍ عامل عليّ عليه السلام علي البصرة، إلي القوم أبا الأسود الدؤلي يعلم له علمهم، فجاء حتّي دخل علي عائشة فسألها عن مسيرها؟ فقالت: أطلب بدم عثمان؟ قال: إنّه ليس بالبصرة من قتلة عثمان أحد، قالت: صدقت، ولکنّهم مع عليّ بن أبي طالب بالمدينة وجئت استنهضُ أهلَ البصرة لقتاله، أنغضب لکم من سوط عثمان ولا نغضب لعثمان من سيوفکم؟! فقال لها: ما أنت من السَّوط والسيف! إنّما أنتِ حبيس رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، أمرکِ أن تقرِّي في بيتک، وتتلي کتاب ربّک، وليس علي النساء قتال، ولا لهنّ الطلب بالدماء، وإنّ عليّاً عليه السلام لأوْلي بعثمان منکِ، وأمسُّ رحماً، فإنّهما ابنا عبدمناف، فقالت: لستُ بمنصرفةٍ حتّي أمضِيَ لما قدمتُ له، أفتظنّ - يا أبا الأسود - أنّ أحداً يقدم علي قتالي؟ قال: أما واللَّه لتقاتلنّ قتالاً أهونه الشديد.

ثمّ قام فأتي الزبير، فقال: يا أبا عبداللَّه، عهد النّاس بک، وأنت يوم بويع أبو بکر آخذٌ بقائم سيفک تقول: لا أحد أوْلي بهذا الأمر من ابن أبي طالب، وأين هذا المقام من ذاک؟ فذکر له دمَ عثمان قال: أنت وصاحبک ولّيتماه فيما بلغنا؟! قال: فانطلق إلي طلحة فاسمع ما يقول: فذهب إلي طلحة فوجده سادراً في غيّه، مُصرّاً علي الحرب والفتنة، فرجع إلي عثمان بن حنيف فقال: إنّها الحرب فتأهّب لها![3] .

وروي الطبري بنحو آخر متقارب المعني مع ما ذکرناه.[4] .







  1. کانت هذه أوّل شهادة زور اُقيمت في الإسلام - مروج الذهب 367:2.
  2. راجع: شرح ابن أبي الحديد 225:6، ومروج الذهب 366:2، وبحار الأنوار 139:32، وأعيان الشيعة 451:1.
  3. راجع: شرح ابن أبي الحديد 225:6، وبحار الأنوار 139:32، وأعيان الشيعة 451:1.
  4. راجع: تاريخ الطبري 479:3.