عليّ و إتمام الحجّة علي طلحة و...











عليّ و إتمام الحجّة علي طلحة و...



عن المفيد رحمه الله في (الإرشاد): ومن کلامه عليه السلام عند نکث طلحة والزبير بيعته وتوجّههما إلي مکّة للاجتماع مع عائشة في التأليب عليه[1] والتأليف علي خلافه ما حفظه العلماء عنه عليه السلام أنّه بعد أن حمد للَّه وأثني عليه قال:

«أمّا بعد.. فإنّ اللَّه بعث محمّداً صلي الله عليه و آله للنّاس کافّة، وجعله رحمة للعالمين، فصدع بما اُمر به، وبلّغ رسالات ربّه، فلمّ به الصدع، ورتق به الفتق، وآمن به السبيل، وحقن به الدماء، وألّف به بين ذوي الإحن والعداوة والوغر في الصدور والضغائن الراسخة في القلوب، ثمّ قبضه اللَّه إليه حميداً لم يقصِّر في الغاية الّتي إليها أدّي الرسالة، ولا بلّغ شيئاً کان في التقصير عنه القصد، وکان من بعده ما کان من التنازع في الإمرة، فتولّي أبو بکر وبعده عمر، ثمّ تولّي عثمان، فلمّا کان من أمره ما عرفتموه أتيتموني فقلت: بايعنا؟ فقلت: لا أفعل، فقلتم: لا، وقبضت يدي، فبسطتموها، ونازعتکم فجذبتموها، وتداککتم عليَّ تداکّ الإبل الهيم علي حياضها يوم ورودها حتّي ظننتُ أنّکم قاتليّ، وأنّ بعضکم قاتلٌ بعضاً لديّ، فبسطتُ يدي فبايعتموني مختارين، وبايعني في أوّلکم طلحة والزبير طائعَين غير مکرهَين، ثمّ لم يلبثا أن استأذناني في العمرة، واللَّه يعلم أنّهما أرادا الغدرة، فجدّدت عليهما العهد في الطاعة وأن لا يَبغيا الاُمّة الغوائل، فعاهداني، ثمّ لم يَفِيا لي ونکثا بيعتي ونقضا عهدي، فعجباً لهما من انقيادهما لأبي بکر وعمر وخلافهما لي، ولستُ بدون أحد الرجلين، ولو شئت أن أقول لقلت: اللّهمّ احکم عليهما بما صنعا في حقّي، وصغّرا في أمري، وظفِّرني بهما».[2] .

و قال العلّامة الإربلي: فلمّا قرب عليّ عليه السلام من البصرة کتب إلي طلحة والزبير:

«أمّا بعد.. فقد علمتما أنّي لم أرد النّاس حتّي أرادوني، ولم اُبايعهم حتّي أکرهوني، وأنتما ممّن أرادوا بيعتي وبايعوا، ولم تبايعا لسلطان غالب، ولا لعرض حاضر، فإن کنتما بايعتماني طائعين فتوبا إلي اللَّه عزّ وجلّ عمّا أنتما عليه، وإن کنتما بايعتماني مکرهَين فقد جعلتما السبيل عليکم بإظهارکما الطاعة وإسرارکما المعصية، وأنت يا زبير فارس قريش، وأنت يا طلحة شيخ المهاجرين، ودفعکما هذا الأمر قبل أن تدخلا فيه کان أوسع لکما من خروجکما منه بعد إقرارکما به.

وأمّا قولکما: إنّي قتلت عثمان بن عفّان، فبيني وبينکما من تخلّف عنّي وعنکما من أهل المدينة، ثمّ يلزم کلّ امرئٍ بقدر ما احتمل، وهؤلاء بنو عثمان إن قتل مظلوماً کما تقولان أولياؤه.. وأنتما رجلان من المهاجرين، وقد بايعتماني ونقضتما بيعتي، وأخرجتما اُمّکما من بيتها الّذي أمرها اللَّه أن تَقرّ فيه، وللَّه حسبکم، والسلام».[3] .







  1. تألّب: تجمّع وتحشّد، الإلب: القوم تجمعهم عداوة واحد - المنجد.
  2. الإرشاد 244: 1.
  3. کشف الغمّة - باب المناقب 324:3.